تلعب الأوضاع الاقتصادية دورًا حاسمًا في الانتخابات الأمريكية تاريخيًا، حيث يتأثر اختيار الناخبين بشكل كبير بالأداء الاقتصادي للبلاد. على مر العقود، لاحظنا أن الاقتصاد يمكن أن يكون عاملًا محوريًا في نجاح أو فشل الرؤساء المرشحين. على سبيل المثال، كان للأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008 تأثير كبير على نتائج انتخابات 2008، حيث ساهمت في فوز باراك أوباما على جون ماكين، بسبب الاضطرابات الاقتصادية التي حدثت في فترة حكم الرئيس جورج بوش الابن. وأيضًا، شهدت الانتخابات الرئاسية في عام 1992 تحولًا جذريًا بسبب الركود الاقتصادي الذي ساعد بيل كلينتون في التغلب على الرئيس جورج بوش الأب.
في الانتخابات الحالية بين الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، يعتبر الاقتصاد أحد المحاور الرئيسية في الحملات الانتخابية. يأتي هذا في ظل التضخم المرتفع والتحديات الاقتصادية الناتجة عن جائحة كورونا وأزمة سلسلة التوريد العالمية. الرئيس بايدن يركز في حملته على تعزيز الاقتصاد من خلال خطط إعادة البناء بشكل أفضل، والاستثمار في البنية التحتية والطاقة النظيفة، والتوسع في برامج الرعاية الاجتماعية مثل خطة الإنقاذ الأمريكية. ومن جهة أخرى، يركز ترامب على إعادة تأكيد سياساته السابقة التي تضمنت تخفيضات ضريبية كبيرة للشركات والأفراد، وتقليل القيود التنظيمية لدعم الأعمال التجارية والنمو الاقتصادي.
من حيث الأرقام، شهدت فترة ترامب انخفاضًا في معدل البطالة إلى حوالي 3.5% في أواخر عام 2019، وهو أدنى مستوى له منذ خمسين عامًا. ومع ذلك، ارتفع معدل البطالة بشكل كبير خلال جائحة كورونا، حيث بلغ حوالي 14.8% في أبريل 2020، قبل أن يتعافى تدريجيًا. وفي الفترة الحالية تحت إدارة بايدن، بلغ معدل البطالة حوالي 3.6% في أوائل عام 2024، حيث تركز السياسات على تعزيز الوظائف من خلال الإنفاق الحكومي ودعم القطاعات المتضررة.
الاختلافات الاقتصادية بين بايدن وترامب واضحة. بايدن يفضل سياسات الضرائب التصاعدية، حيث يسعى إلى زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى لتمويل برامجه الاجتماعية والبنية التحتية. في المقابل، يفضل ترامب سياسات تخفيض الضرائب لدعم النمو الاقتصادي من خلال زيادة الاستثمار الخاص وتحفيز الإنفاق الاستهلاكي. أيضًا، يركز بايدن على مكافحة التغير المناخي من خلال سياسات الطاقة النظيفة، بينما يفضل ترامب تعزيز قطاع الطاقة التقليدي مثل النفط والغاز.
بقلم / دكتور مازن ارشيد
الباحث والمحلل الاقتصادي