أثر الشمول المالي في دعم الاستقرار المالي والوضع الاقتصادي
بقلم/دكتور أحمد شوقي
عضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية
عضو هيئة تدريس بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا
تعد استراتيجية الشمول المالي من اهم الاستراتيجيات التي تبنتها الدولة المصرية ضمن استراتيجية 2030 حيث يساهم الشمول المالي في تحقيق العديد من اهداف التنمية المستدامة،
وأهمها القضاء على الفقر، والقضاء على الجوع، وتحسين الأوضاع الصحية ومستوى المعيشة و تحقيق المساواة وفقًا للنوع، وتوفير فرص عمل لائقة وزيادة معدلات النمو الاقتصادي وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف،
والتي تبرز أهمية استراتيجية الشمول المالي في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن المصري في العديد من الجوانب ورفع كفاءته للمساهمة في زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
ويهدف الشمول المالى الى توصيل كافة الخدمات المالية لكافة الفئات المجتمعية وعلى الأخص الفئات البسيطة لادخالهم داخل الاقتصاد الرسمي وللحد من الاقتصاد الموازي (غير الرسمي)
والذي بدوره يعزز من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار المالي، حيث بلغت الشمول المالي في مصر 56.2% بنهاية 2021
ويبلغ عدد المواطنين الذين لهم حسابات او بطاقات او محافظ محمول 36.8 مليون مواطن من اجمالي 65.4 مواطن فوق 16 سنة مقارنة بنسبة 33% الواردة بتقرير فيندكس عن مستوى الشمول المالى في مصر عام 2017،
وهو ما يظهر الجهود المبذولة من القطاع المصرفي وغير المصرفي لزيادة معدلات الشمول المالي.
وقد أشار البنك المركزي في 24 مارس 2021 لاهم المعوقات بالواقع العملي التي تحد من زيادة معدلات الشمول المالي واهمها عدم قيام بعض البنوك بالقطاع المصرفي المصري بوضع الشمول المالي ضمن أولوياته،
وكثرة طلب بعض البنوك للعديد من المســتندات والبيانــات لفتــح الحســابات، للمواطنين البسطاء ومحدودي الدخل أصحاب المهن والحرف والذين يمثلون طبقه عريضة من المجتمع المصري
الامر الذي يجعلهم غير قادرين على التعامل مع البنوك ووصول الخدمات المالية والمصرفية لهم بالإضافة الي انخفاض الوعي والتثقيف المالي في التعامل مع الخدمات المالية والمصرفية لدى مختلف شرائح وفئات المجتمع المصري.
بالإضافة الي ضعف مؤشر الكثافة المصرفية والذي يقاس من خلال عدد الفروع والوحدات المصرفية لكل عشرة الاف نسمة أي كل فرع يخدم كام عشرة الاف مواطن
وفي مصر وصلت الي 22.5% بنهاية 2021 في ظل ارتفاع معدلات الزيادة والكثافة السكانية في مصر، بالإضافة الي ارتفاع تكلفة تقديم الخدمات المصرفية وزيادة المخاطر.
ويتطلب تحقيق الشمول المالي في المقام الأول ضرورة زيادة التثقيف المالي، فالمواطن الواعي يُعتبر أكثر إدراكا للمخاطر والمكاسب والمميزات المرتبطة بالمنتجات المالية،
كما يحتاج زيادة نسبة الشمول المالي تقديم مجموعة شاملة من الخدمات المالية تلائم رغبات واحتياجات كافة المواطنين، وذلك لأن تطبيق الشمول المالي يعني أن كل فئات المجتمع تكون لديهم فرص مناسبة لإدارة أموالهم ومدخراتهم بشكل سليم وآمن؛
لضمان عدم اللجوء للوسائل غير الرسمية، التي لا تخضع لأية رقابة وإشراف، حتى لا يتعرض المواطن لحالات نصب او احتيال.
وقد اكدت العديد من الدراسات علي أهمية الشمول المالي في تحقيق النمو الاقتصادي و أظهرت بأن الشمول المالي له أثر ايجابي على النمو الاقتصادي ووجود علاقة سببية بين مؤشرات الشمول المالي والنمو الاقتصادي ،
ويعد الشمول المالي محركا هاما للنمو الاقتصادي إذ أن زيادة فرص حصول المؤسسات والأسر على مختلف الخدمات المصرفية
وزيادة عدد المستخدمين لهذه الخدمات له أثر ايجابي على النمو الاقتصادي ويساهم الشمول المالي في النمو الاقتصادي
من خلال إيجاد قيمة للأعمال التجارية الصغيرة ذات الآثار الايجابية غير المباشرة على مؤشرات التنمية البشرية كالصحة والتعليم والحد من اللامساواة والفقر.
وقد قام البنك المركزي المصري بسلسلة متعددة من الإجراءات والجهود بالقطاع المصري لزيادة نسبة الشمول المالي أبرزها قيام البنوك بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بنسبة لا تقل عن 25% من اجمالي محافظ التمويل بنهاية العام الحالي
والتي كانت 20% سابقاً حيث تجاوزت التمويلات الممنوحة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة 400 مليار جنية مصري بنهاية 2021 منها 143.8 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة و92.4 مليار جنيه للمشروعات المتوسطة.
بالإضافة الي دعم تطبيق أدوات الدفع غير النقدي من خلال البطاقات بمختلف أنواعها الدفع المسبق والخصم والائتمانية واللاتلامسية،
والمحافظ الاليكترونية والانترنت البنكي في ضوء الاعتماد على التحول الرقمي والتي تعد من اهم الاستراتيجيات الداعمة لتطبيق وزيادة معدلات الشمول المالي.
فضلاً عن توجه البنك المركزي المصري في تقديم مجموعة من التيسيرات لتسهيل عملية فتح الحسابات للمواطنين البسطاء وأصحاب الحرف اليدوية تحت مسمى (نشاط اقتصادي)
والتي هدفت في مجملها وساعدت في زيادة معدل الشمول المالي الا ان النسبة في مصر ليست كبيرة مقارنة بالدول العربية كالسعودية والامارات ما بين 70% -90%.
وتساهم زيادة نسبة الشمول المالي في تحسين الأداء الضريبي وزيادة الضريبة المحصلة وخفض معدلات البيروقراطية والفساد وخفض التكاليف وزيادة معدلات نمو الناتج المحلي وزيادة الاستقرار المالي للاقتصاد المصري.
وللحفاظ على تحقيق هذه المزايا يجب العمل بشكل سريع لتقليل فجوة الشمول المالي في مصر من خلال مجموعة من الأمور ابرزها
– تشجيع الاستثمار في التكنولوجيا المالية وعقد شراكات بين مؤسسات القطاع العام وشركات القطاع الخاص الصغيرة لتبني تطبيق تقنيات التكنولوجيا المالية.
– تحفيز الشرائح المجتمعية على استخدام تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة. والتي بدورها ستعزز من زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي حيث ان كل زيادة في المدفوعات غير الرقمية بنسبة 10% تساهم زيادة حجم الناتج المحلي بقيمة لا تقل عن 1.5 مليار دولار،
فضلاً عن انها تساهم في توفير حوالي 200 الف فرصة عمل وفقاً للدراسات الحديثة المتخصصة.
– تكاتف القطاع غير المصرفي مع القطاع المصرفي المصري لزيادة معدلات الشمول المالي من خلال مكاتب البريد المنتشرة في كافة انحاء الجمهورية بإجمالي 4 الاف مكتب بريد
مقارنة بوحدات القطاع المصرفي البالغة 4640 فرع بالإضافة الي شركات التأجير التمويلي والتمويل العقاري وغيرها من مؤسسات القطاع غير المصرفي.
– العمل على زيادة معدلات التأمين لكافة المعاملات المالية (المدفوعات غير النقدية) تأمين كافة المعاملات من خلال انشاء منصات آمنة وموثقة لحماية بيانات المستهلكين.
– زيادة حجم الوحدات التي تقدم منتجات وخدمات متوافقة مع الشريعة الإسلامية لاستقطاب الفئات العاكفة عن التعامل مع البنوك ولقلة حجم العمل المصرفي الإسلامي
بالقطاع المصرفي المصري مقارنة بالدول المحيطة كالسعودية والامارات والسودان والبحرين والكويت وغيرها.
– التوسع في زيادة تراخيص البنوك الرقمية والتي تعد توجه عالمي ساهم في زيادة حجم المعاملات المالية وحجم المتعاملين دون التقيد بموقع البنك التقليدي.
– تخصيص جزء من أرباح البنوك لزيادة معدلات التوعية بأهمية واهداف الشمول المالي سواء من خلال القنوات العامية المعروفه
او انشاء منصات تعليميه للتوعية بدوره الشمول المالي في تحقيق الرفاهية للمواطن المصري وخفض الوقت والجهد والتكلفة في تأدية الخدمات والذي يعدا مثلث جودة تقديم أي خدمه.
تابع أحدث الأخبار الخاصة بالأموال والأقتصاد من خلال موقعنا سبيد نيوز Speed News