قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري في اجتماعها يوم الخميس الموافق 18 يوليو 2024 الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب. كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. هذا القرار يعكس آخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمي والمحلي منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.
التطورات العالمية
لا تزال آفاق النمو الاقتصادي العالمي إيجابية وإن كانت أقل من متوسطها التاريخي. ساهمت سياسات التشديد النقدي في اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة في تراجع التضخم عالميًا، حيث قامت بعض البنوك المركزية بخفض أسعار الفائدة بعد اقتراب معدلات التضخم من مستوياتها المستهدفة. ومع ذلك، من المتوقع أن تستمر بعض البنوك المركزية الرئيسية في اتباع سياسة نقدية تقييدية بسبب عدم اليقين المحيط بمسار التضخم والمخاطر الصعودية للتضخم. كما انخفضت الأسعار العالمية للسلع الأساسية، خاصة الطاقة، في الآونة الأخيرة نتيجة تأثير التشديد النقدي على الطلب العالمي. ومع ذلك، تظل أسعار السلع الأساسية عرضة لصدمات العرض الناجمة عن استمرار التوترات الجيوسياسية.
التطورات المحلية
على الصعيد المحلي، استمر تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مسجلاً 2.2% في الربع الأول من عام 2024 مقابل 2.3% في الربع السابق، نتيجة تداعيات التوترات الجيوسياسية واضطرابات التجارة البحرية على قطاع الخدمات. توضح المؤشرات الأولية للربع الثاني من 2024 استمرار وتيرة تباطؤ النشاط الاقتصادي، ومن المتوقع أن تشهد السنة المالية 2023/2024 تراجعًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالسنة المالية السابقة، قبل أن يعاود الارتفاع في السنة المالية 2024/2025. من ناحية أخرى، تشير بيانات سوق العمل إلى تراجع معدل البطالة بشكل طفيف ليسجل 6.7% في الربع الأول من 2024 مقابل 6.9% في الربع الرابع من 2023.
التضخم والضغوط الاقتصادية
واصلت الضغوط التضخمية تراجعها، حيث انخفض كل من التضخم العام والأساسي للشهر الرابع على التوالي إلى 27.5% و26.6% في يونيو 2024، على الترتيب. ساهم في تراجع معدلات التضخم عدة عوامل، منها الانحسار التدريجي لأثر الصدمات السابقة، والتقييد النقدي الذي اتبعه البنك المركزي، والأثر الإيجابي لفترة الأساس. رغم عدم تراجع تضخم السلع غير الغذائية بشكل ملحوظ، يرجع تباطؤ معدلات التضخم إلى انحسار الضغوط التضخمية الناجمة عن صدمات العرض، مما ساهم في انخفاض تضخم السلع الغذائية من ذروته التي بلغت 73.6% في سبتمبر 2023 إلى 31.9% في يونيو 2024.
التوقعات المستقبلية
تشير التوقعات إلى أن التضخم سيظل مستقرًا خلال عام 2024 حول مستوياته الحالية على الرغم من الضغوط التضخمية التي قد تنجم عن إجراءات ضبط المالية العامة المحتملة. من المتوقع أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال النصف الأول من 2025 نتيجة للتأثير التراكمي للتقييد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاطر صعودية تحيط بالمسار النزولي المتوقع للتضخم، بما في ذلك تصاعد التوترات الجيوسياسية، والظروف المناخية غير المواتية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.
قرار لجنة السياسة النقدية
في ضوء ما سبق، ترى لجنة السياسة النقدية أن إبقاء أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد مناسبًا في الفترة الحالية لتعزيز المسار النزولي المستدام للتضخم. ستواصل اللجنة تقييم أثر قراراتها على الاقتصاد في ظل التقييد الحالي للأوضاع النقدية وفي ضوء ما يرد من بيانات خلال الفترة القادمة. كما ستواصل متابعة التطورات الاقتصادية عن كثب وتقييم المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم، مؤكدة أن المسار المتوقع لأسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس السائدة. لن تتردد اللجنة في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة للحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية بهدف خفض معدلات التضخم بشكل مستدام وتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
قطاع السياسة النقدية [email protected]