تعتبر المشروعات الصغيرة أحد أهم العناصر الإستراتيجية فى عمليات التنمية والتطور الاقتصادى فى معظم الدول النامية والدول الآخذة فى النمو، فقد أحدث التقارير الصادرة عن أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تمثل أكثر من ٩٩ ٪ من المشروعات فى غالبية اقتصاديات دول العالم – توفر حوالى من ٤٠ ٪ إلى ٨٠ ٪ من مجموع فرص العمل .مما يوضح الدور الكبير الذى يمكن أن تؤديه هذه النوعية من المشروعات فى زيادة الإنتاج والدخل القومى للدول النامية والدول الآخذة فى النمو على حد سواء التوسع فى هذه المشروعات ينطوى على دور إيجابى ومؤثر فى التنمية الاقتصادية من خلال:
خلق فرص للعمالة –
تشجع المشروعات الصغيرة على التوجه لزيادة الكثافة الرأسمالية وبالرغم من تطور التنمية واكتساب المشروعات الصغيرة الخبرة التنظيمية والمهارة الفنية، ومع استخدام فنون إنتاج مكثفة لرأس المال، إلا أنها أقل كثافة رأسمالية من المشروعات الكبيرة التى تتجه نحو استخدام فنون إنتاج أكثر كثافة رأسمالية .
– تكوين قاعدة عريضة من قوة العمل الماهرة :
تشكل قوة العمل الماهرة أحد مقومات التنمية إن لم تكن أهم مقوماتها، وهذا يتطلب تكوين قاعدة عريضة من العمال ذوى المهارات التى تتطلبها المشروعات المختلفة، ويمكن تحقيق ذلك بإتباع أسلوبين:
أولاً : تدريب العمال فى مراكز التدريب التى تتولى الدولة إقامتها .
ثانياً : تدريب العامل فى المصنع .
ويبدو أن قلة عدد مراكز التدريب، بل وانخفاض مستوى فاعليتها بسبب ضعف الإمكانات المالية وقلة عدد المدربين تمثل تحدياً لنجاح هذه المشروعات، وبالتالى فإن التوسع فى عدد هذه المراكز وٕان كان ضرورياً إلا أن تحقيقه بالقدر المطلوب يحتاج لفترة زمنية طويلة وموارد مالية كبيرة.
ومن ثم فإن تدريب العامل فى المصنع يعتبر وسلة فعالة، حيث أن المشروعات الصغيرة غالباً ما تستخدم عمالاً ذوى مها رات منخفضة نسبياً، فإنه مع مرور الوقت يكتسب هؤلاء العمال الخبرة داخل المصنع ويصبحون عمالاً مهرة ، وتعميق هذا الأسلوب من خلال تشجيع إقامة المشروعات الصغيرة يكون أقل تكلفة للمجتمع حيث يرتبط التدريب بالإنتاج داخل المصنع .
تنمية القدرات الإدارية والتنظيمية لمديرى المشروعات :
صاحب المشروع الصغير غالباً ما تكون كفاءته الإدارية والتنظيمية محدودة لصغر حجم الإنتاج، ومع مرور الوقت وكبر نشاط المشروع الصغير تنمو الكفاءة الإدارية والتنظيمية لقطاع عريض من أصحاب المشروعات الصغيرة الذين يشكلون قاعدة أساسية لحمل أعباء التنمية خلال مراحلها المتقدمة سواء كان ذلك من خلال تطوير المشروعات الصغيرة أو إقامة المشروعات الكبيرة .
تعظيم الناتج :
وفى هذا الصدد فإن المشروعات الصغيرة يمكنها القيام بدور فعال فى تعظيم الناتج ويرجع ذلك إلى أن استخدام المشروعات الصغيرة لفنون إنتاج كثيفة العمل تعنى صغر حجم معامل رأس المال مقارنة بمثيله فى المشروعات الكبيرة، وهذا ما يعنى أن إنتاجية وحدة رأس المال فى المشروعات الصغيرة أكبر منها فى المشروعات الكبيرة .
دعم المشروعات الكبيرة :
تقوم المشروعات الصغيرة بدور أساسى فى دعم ورفع الكفاءة الإنتاجية للمشروعات الكبيرة، وذلك من خلال :
أ- إعداد العمالة الماهرة :
تستخدم المشروعات الصغيرة – غالباً – عمالة غير ماهرة تتولى صقلهم فنياً حتى يصبحوا عمال مهرة، وفى بعض الأحيان يترك هؤلاء العمال المشروعات الصغيرة للعمل بالمشروعات الكبيرة، حيث الأجور المرتفعة والمزايا الاجتماعية الأفضل، وفى هذه الحالة فإن المشروعات الكبيرة تتمكن من رفع كفاءاتها الإنتاجية دون أن يقابل ذلك أى تكلفة لإعداد هؤلاء العمال المهرة .
ب – خفض تكاليف الإنتاج وزيادة القيمة المضافة :
يوجد العديد من الصناعات التى يمر فيها المنتج النهائى بعدة مراحل إنتاجية وفى هذه الصناعات نشأ ما يسمى بنظام التعاقد الجزئى بين المشروعات الكبيرة والمشروعات الصغيرة والتى تقوم بموجبه المشروعات الصغيرة بإنتاج جزء من المنتج النهائى وٕامداد المشروعات الكبيرة به لتستخدمه فى إنتاج المنتج النهائى ومن خلال هذا النظام تحقق المشروعات الكبيرة خفضاً فى تكاليف إنتاجها وبذلك تساهم فى التخفيف من وطأة التقلبات العنيفة فى حجم الطلب أما بالنسبة للمشروعات الصغيرة : فهى تجد سوقاً لتصريف منتجاتها وكذلك مجالاً يوفر لها الحصول على ما تحتاجه من مستلزمات الإنتاج، حصولها على الخدمات والاستشارات الفنية التى يمكن أن تمدها بها المشروعات الكبيرة كما قد تزودها برأس المال العامل وذلك مقابل حصولها على منتجات المشروعات الصغيرة الأقل تكلفة .
جذب المدخرات الصغيرة والتمويل الذاتى :
المشروعات الصغيرة كثيفة العمل، وتحتاج إلى رأس مال صغير، ومن ثم فإنها الأقدر على جذب مدخرات الأفراد الصغيرة، نظراً لأن هذه المشروعات تتميز بانخفاض رأس المال مقارنة بالمشروعات الكبيرة فهى أكثر جاذبية لصغار المدخرين وتحويلها إلى استثمار منتج .
تنمية المناطق الريفية :
تتسم المشروعات الكبيرة باستخدامها لفنون إنتاج متطورة، وعادة ما تتركز فى الأماكن التى يتوافر فيها الأسواق الكبيرة، والبنية الأساسية المتطورة، وهذه الأماكن عادة ما تكون المدن الكبرى وحيث أن تنمية المشروعات الصغيرة أمراُ بالغ الأهمية حيث يمكنها القيام بدور فعال فى تنمية المناطق الريفية من خلال العمل المنتج فى المكان الذى توجد فيه قوة العمل حيث تتميز المشروعات الصغيرة بالقدرة على الانتشار الجغرافى فى ضوء عدم احتياجها إلا لقدر ضئيل من خدمات البنية الأساسية التقليدية، قدرتها على تسويق منتجاتها فى الأسواق المحيطة بها قدرتها على الاستفادة من المناطق التى تتوطن بها فى الحصول على المواد الخام وكافة مستلزمات الإنتاج .
دعم الصادرات :
تقوم المشروعات الصغيرة بدور هام فى تنمية الصادرات وتخفيف العجز فى ميزان المدفوعات فى ضوء تميزها بالقدرة على غزو الأسواق الخارجية إذا اتخذت مقاييس لرفع مستوى جودة منتجاتها، فى ضوء أعتمادها فى الغالب على العمل اليدوى وتلقى إقبالاً متزايداً فى أسواق الدول المتقدمة وكذا أعتمادها على المواد الخام المحلية والكثافة العمالية .
وللحديث بقية مدام للعمر بقية
بقلم / دكتور محمد الشوربجى
الخبير المصرفى