سيسجل التاريخ للرئيس السيسى انه أول من قام بتغيير سمعة شهر ابريل فى التراث الشعبى المصرى وحوله من شهر »كذبة« يتداولها الناس بينهم وبين بعضهم أو يتندرون بها على قرار صدر خلاله إلى شهر الصدق والمصداقية والوعد والوفاء به.
على مدى عامين العام الماضى وهذا العام جعل السيسى من ابريل شهر البشرى والفرج وجبر الخواطر لكل المصريين.. شهر تنفيذ حزم من الإجراءات المالية المتعددة والمتنوعة التى تصب فى أجور وجيوب العاملين والمتقاعدين ومستحقى الحماية الاجتماعية ودافعى الضرائب أموال إضافية حقيقية تعينهم على تحمل الأعباء المعيشية المتزايدة والوفاء باحتياجاتهم فى المناسبات القائمة وهو أكثر ما يحتاجونه فى حياتهم لمواجهة أزمة اقتصادية عالمية طالت تداعياتها كل دول العالم.
فى الماضى كان شهر مايو ينفرد ببعض هذه الشهرة ليس بذاته بل لأنه كان يبدأ بمناسبة وطنية وعالمية هى »عيد العمال« فى اليوم الأول منه وكنا نسميه فى مصر »شهر المنحة« أى منحة عيد العمال وهى نسبة من الأجر تضاف إلى أجور ورواتب العاملين.
كانت كلمة »منحة« هى الصفة المتداولة لهذه الزيادة السنوية سواء على المستوى الشعبى أو الرسمى.. كنا نكتبها هكذا فى مانشيتات صحفنا وكان الرؤساء يتداولون التسمية معنا.
ومع انها كانت تمثل التزاما ثابتا على الدولة تجاه العاملين بها وكانت الدولة توفى به فى مناسبته، فإن ذلك لم يمنع بعض الحاضرين فى الاحتفال السنوى بعيد العمال والذى كان يشهده رئيس الدولة فى كل عهد بأن يقاطعوا خطاب الرئيس بعبارة »المنحة يا ريس« استباقا لإعلان الرئيس لها أو ربما تذكيرا له مخافة أن ينساها.
سيسجل التاريخ للرئيس السيسى أيضاً انه قام بتغيير هذه الطقوس جميعا..
أسقط الرئيس كلمة »منحة« تماما من وصف أى زيادة مالية تقررها الدولة لمواطنيها احتراما لهم.. واعتبر الزيادات فى أى مناسبة »حقاً« للمواطنين على الدولة فلم ينطق هذه الكلمة أبداً وذهبت مع ما ذهب من عهود سابقة.
وقدم الرئيس موعد إعلان الزيادات إلى شهر مارس وتنفيذها عملياً إلى شهر ابريل وكانت منحة عيد العمال تعلن أول مايو ولا يتم تنفيذها إلا مع مرتبات وأجور ومعاشات شهر يوليو مع بدء السنة المالية والموازنة العامة الجديدة للدولة.
ولم يربط الرئيس إعلان الزيادات بمناسبة رسمية وانما جعلها فى مناسبة يختارها من بين ما يمتلىء به جدول أعماله من فعاليات.. زيارة محافظة.. افتتاح مشروعات جديدة.. إلى آخره.
ثم جعل الرئيس موعد تنفيذ الزيادات »فورياً« مع أجور ومرتبات ومعاشات شهر ابريل حتى لا يجعل مستحقيها ينتظرون بدء السنة المالية الجديدة بعد ثلاثة شهور، مع ان ذلك يجعل الدولة تتحمل هذا الفرق المالى.
والمثير للدهشة انه فى المرتين اللتين أعلن فيهما الرئيس عن زيادات مالية العام الماضى فى مارس ونوفمبر.. وفى المرة الحالية هذا العام، بدا الأمر فى كل مرة مفاجأة للمواطنين وان المواطنين لم يحتاجوا إلى تذكير الرئيس بـ »الزيادة يا ريس«.. هذا ما بلغه مستوى ثقة المواطنين بالقيادة.. ثقة فى انها تحس بمعاناتهم.. ثقة فى انها جاهزة لدعمهم.. وثقة فى مصداقيتها بالوفاء بما تعد به.
سؤال: هل سرق ابريل بذلك الفرحة من مايو؟! وهل أفسد على العمال احتفالهم بعيدهم السنوى بعد تجريده من أهم ما تميز به على مدى عقود وهو المنحة؟!
أقول: العكس هو الصحيح..
ما تميز به عيد العمال فى الماضى كان »الإعلان« عن المنحة وكان العمال يحتفلون به وكل ما فى جيوبهم هو »الأمل« فى الزيادة التى لن تتحقق وتترجم إلى »فلوس« إلا بعد ثلاثة شهور.
الرئيس السيسى جعل من فرحة مايو فرحتين.. فرحة الاحتفال بعيد العمال وفرحة صرف الزيادات المالية الجديدة لأول مرة مع مرتب شهر ابريل، أى ان العاملين سيحتفلون بعيد العمال احتفالا حقيقيا بلا جيوب خالية ونفوس معذبة بمعاناة الانتظار ثلاثة شهور كاملة حتى يبدأ الصرف من ميزانية السنة المالية الجديدة.
عن حجم الزيادات المالية الجديدة أو عن مدى تأثيرها مع جنون الأسعار التى لا تتوقف عن الزيادة يستطيع من شاء أن يدعى ما شاء، لكن تبقى الحقيقة الناصعة هى ثقة لا تهتز من المواطنين فى الدولة.. وفى الرئيس انه لو كان لديه ما يقدمه لهم أكثر ما تأخر.
من أجندة الأسبوع
> يعجبنى رئيس وزراء المجر »أوربان« الذى زار مصر هذا الأسبوع ووقع مع الرئيس السيسى اتفاقا برفع مستوى العلاقات المصرية – المجرية إلى »شراكة استراتيجية« وهو ما يعنى الكثير لمصلحة البلدين.
»أوربان« فى تقديرى هو صوت التعقل والحكمة والمرونة السياسية داخل الاتحاد الأوروبى خاصة فيما يتعلق بالحرب الروسية – الأوكرانية فهو يحاول قدر الامكان كبح جماح العناد الأوروبى المدفوع من الولايات المتحدة تجاه هذه الحرب وتذكير الأوروبيين دائماً بمصالح بلادهم الوطنية.
وقد أضاف الرئيس السيسى معلومة أخرى عن »أوربان« تزيد من الإعجاب به حين قال ان رئيس وزراء المجر كان يمثل »صوت مصر« داخل الاتحاد الأوروبى خلال السبع سنوات الأخيرة يدافع عنها وهى تتخلص من حكم الاخوان وتخوض نيابة عن المجتمع الدولى معركة ضارية ضد الإرهاب.
ولقد ذكرتنى زيارة »أوربان« لمصر بزيارتى لبلاده.. كان ذلك أواخر عام ٠٧٩١ بعد شهور قليلة من رحيل الرئيس عبدالناصر وتولى الرئيس السادات الحكم.. وكنت ضمن وفد شبابى رسمى مصرى مكلف بتمثيل مصرفى مؤتمر الشباب العالمى المنعقد آنذاك فى العاصمة المجرية »بودابست« وتدشين القيادة المصرية الجديدة وكان يرأس الوفد المهندس الزراعى »هاشم العشيرى« عضو الأمانة العامة للشباب وأمين شباب القاهرة.
وقد نجحنا خلال المؤتمر فى مهمتنا وأرسل المؤتمر برقية تأييد باسم شباب العالم للرئيس السادات كقيادة جديدة لمصر.. وكانت هذه أول زيارة لى للخارج وآخر زيارة لى لدولة من دول المعسكر الاشتراكى الذى كان يقوده الاتحاد السوفيتى وكان الدكتور مفيد شهاب الأمين العام للشباب فى ذلك الوقت – أطال الله عمره – هو من رشحنى لعضوية الوفد.
> تعاملت مصر مع اجتماع لجنة حقوق الإنسان الدولية فى جنيف هذا الأسبوع لمناقشة تقرير عن حقوق الإنسان فى مصر على أعلى مستوى ذا صلة بالقضية وذلك بإيفاد وزير الشئون البرلمانية كممثل للحكومة ورئيسة المجلس القومى لحقوق الإنسان وهى سفيرة قديرة وفى حقيبتيهما استراتيجية مصر الوطنية لحقوق الإنسان والتشكيل الجديد للجنة العفو الرئاسى وإنجازاتها فى اطلاق سراح محبوسين وأوراق أول حوار وطنى شامل استعدت له مصر ويضم ممثلين لكل القوى والتيارات السياسية والشبابية وملفات عن إنجازات هائلة فى مجال التمكين الاقتصادى والاجتماعى للمرأة.. وهذا ما يجب أن يكون.
بقلم/الأستاذ محمد أبو الحديد
الكاتب الصحفي القدير