لا يمكن اغفال مُواصلة التزام الحكومة المصرية باتخاذ تدابير وسياسات فاعلة لدعم استقرار الأسواق، وزيادة مشاركات القطاع الخاص، وضمان كفاءة وفاعليّة تخصيص الـموارد بين القطاعات الاقتصاديّة، تطبيقًا لِفكرة الأولويّات ولـمعايير العائد والتكلفة، وما نشهده من آثار ايجابية لتنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلي التي ترتكز على محاور رئيسة يمكن رصدها في تعزيز صمود الاقتصاد الكلي، وتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال لضمان دعم الانتقال الأخضر المرتبط باستراتيجيات توجيه استهلاك النفطفي محاولة لزيادة عمر المواد البترولية من خلال مجموعة من المنتجات المعاد تدويرها.
ونظراً لمكانة البنك الدولي البارزة في متابعة تطور أداء اقتصاديات كافة بلدان العالم، فمن خلال ما يصدره البنك الدولي من مؤشرات اقتصادية يمكن ترتيب كافة إقتصاديات البلدان ونشر هذه النتائج لبيان الأقوي والأفضل والأقل نمواً وغيرهم ممن يعانون من معوقات، وحيث أن الناتج المحلي الإجمالي يوضح قيمة ما تمكنت الدولة من انتاجه وتوفيره سواء من سلع أو خدمات خلال مدة معينة، فقد اهتم البنك الدولي كغيره من المنظمات والجهات من متابعة تطور هذا المؤشر لكافة اقتصاديات العالم في محاولة للتعرف على مدى قوة الإقتصاديات محل التحليل، ولذلك يعد مؤشر الناتج المحلي أحد أهم وأبرز المؤشرات الاقتصادية المستخدمة في ترتيب الاقتصاديات خلال نفس الفترة، أو لنفس الدولة خلال فترات متعددة.
وفي محاولة لبيان ما تشهده اقتصاديات الدول العربية من تطورات في محاولة لبيان مدى استقرارها، ووفقاً لأحدث التحليلات الصادرة من البنك الدولي بشأن الدول العربية، فقد أصدر البنك الدولي ترتيب الدول العربية بناءً على مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، حيث جاءت المملكة العربية السعودية في المركز الأول بين الدول العربية خلال عام 2023، حيث تمكنت السعودية من تحقيق أعلى ناتج محلي إجمالي بين كافة البلدان العربية بقيمة بلغت نحو 1.1 تريليون دولار أمريكي، في حين تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من احتلال المركز الثاني بعد المملكة العربية السعودية بقيمة ناتج محلي إجمالي بلغت نحو 504.2 مليار دولار، هذا في حين تمكن الإقتصاد المصري من إحتلال المركز الثالث بين الدول العربية بتحقيقه ناتج محلي إجمالي بلغ نحو 395.9 مليار دولار أمريكي، هذا وعلى الرغم مما تشهده دولة العراق من صعوبات وتقلبات سياسية فقد تمكنت من إحتلال المركز الرابع بين الدول العربية بتحقيقها لإجمالي ناتج محلي بلغت قيمته نحو 250.8 مليار دولار في 2023، وكان المركز الخامس من نصيب دولة الجزائر، حيث بلغت قيمة إجمالي الناتج المحلي لديها نحو 239.9 مليار دولار.
هذا وتجدر الإشارة إلى الاقتصاد المصري تمكن خلال الفترة الأخيرة من جذب كثير من أنظار المهتمين المحليين والعرب والأجانب، حيث ظهرت كثير من بوادر الإستقرار ببيئة الأعمال المصرية، حتى إن وكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتمانى أصدرت توقعاتها بارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر لنحو 4% في السنة المالية 2025، وذلك بعد تأكيدها على أن عام 2024 سيشهد تحقيق الناتج المحلي في مصر معدل نمو بنسبة 2.4% فقط، وفي ذلك إشارة واضحة لأهمية ما يتم انتهاجه في مصر من أساليب لتعزيز الثقة، وإرتفاع كل من الدخول الحقيقية وتحويلات المغتربين، وتزايد حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
فعلى الرغم مما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تقلبات، فهناك كثير من المؤشرات الدالة على أنه أصبح في إستطاعة الإقتصاد المصري تحقيق معدلات نمو متزايدة خلال الفترة القادمة خاصة في ظل ما تشهده مشروعات البنية التحتية من تحسنات في محاولة لاستحداث مناطق صناعية قادرة على جذب مزيد من الاستثمارات، فضلاً عما تشهده إيرادت مصر الضريبية المحصلة من إرتفاعات، مما ساهم في إحتلالنا للمركز الثالث بين الدول العربية.
بقلم / دكتور ناصر عبد المهيمن
الخبير الاقتصادي