بقلم/دكتور أحمد شوقي
تُعد المخاطر أمراً من الأمور الهامة والمصاحبة لكافة الأنشطة الاقتصادية، ويرجع ذلك لتنوع تلك الأنشطة وتعدد المتغيرات الداخلية والخارجية المحيطة والمؤثرة بها،
ولعل من أهم الأنشطة تأثراً بالمخاطر هي المعاملات المالية والتي تظهر بشكل جلي بالبنوك والمؤسسات المالية،
وقد دفعت الأزمات المالية العالمية المتكررة المؤسسات المالية إلى البحث عن الآليات اللازمة لمواجهة المخاطر المؤثِّرة في أعمالها،
وبالتالي فإن عملية معرفة المخاطر وتقويمها وإدارتها من أهم العوامل الرئيسية في نجاح كافة البنوك والمؤسسات المالية وازدهارها وتحقيقها لأهدافها المنشودة،
كما تعد صمام الأمان للمؤسسات المالية بشكل عام بما توفره من حلول ممكنة ومناسبة للمخاطر التي تتعرض لها هذه المؤسسات،
ومن ثم الحد من تعرضها للخسائر غير المتوقعة والتي قد تعوق مسيرتها نحو الربحية والنمو.
وعمليات تساهم إدارة المخاطر في تحقيق التوازن بين الميل أو السعي نحو تحمل المخاطر، وتحقيق معدلات ربحية مقبولة،
وتقوم إدارة المخاطر على مجموعة القرارات والإجراءات التي تقوم المؤسسة باتخاذها للاستجابة للمخاطر التي تواجهها،
وهناك العديد من التعاريف لإدارة المخاطر إلا أنه تركز جميعها على أنها العملية التي يتم من خلالها توقع ورصد المخاطر، وتحديدها، ومراقبتها، والرقابة عليها،
وذلك بهدف ضمان فهم كامل لها ووضع الإجراءات اللازمة التي من شأنها تقلل من إمكانية حدوث خسائر وأن تلك المخاطر لم تتجاوز الحدود المقبولة بالبنك أو المؤسسة المالية والمساعدة في الاكتشاف المبكر لمصادر المخاطر، وتتمثل أهم أهداف إدارة المخاطر في المؤسسات المالية فيما يلي:-
· تقييم إمكانات البنك وأساليبه وخططه، تقييم الوضع الراهن لاستراتيجيات مواجهة المخاطر، وبيان نواحي القصور في الممارسات العملية المرتبطة بفحص وتقييم المخاطر.
· التخطيط الفعال لمواجهة المخاطر ذات الدرجة العالية المرتفعة وفق استراتيجية محددة وفعالة معتمدة من الإدارة العليا.
· دعم إدارة البنك والمؤسسة المالية لتتمكن من تحديد المخاطر ومسبباتها لتحديد الطرق المناسبة لقياسها.
· مراقبة المخاطر الحالية، ومتابعة مراحل تطورها, وتحديث وتطوير أساليب الدراسة والتحليل والتقييم والتعامل مع المخاطر وفقاً للتطورات التي تطرأ عليها.
· وضع الضوابط الرقابية المعاصرة التي تساهم في تقليل المخاطر المتأصلة بالأعمال للشكل المقبول، والسعي نحو اكتشاف المخاطر المتبقية.
· تعزيز التركيز على المراجعة والمراقبة الداخلية وتقييم الاحتياجات والتخطيط في ضوء نشاطها في إدارة المخاطرة.
· التنسيق بين إدارات البنوك والمؤسسات المالية المختلفة وذلك لتوفير كافة البيانات عن المخاطر المترتبة على جميع الأنشطة المصرفية وبشكل دوري ومنتظم.
· المساعدة في التعامل مع المشاكل التي تواجه أنشطة البنك والمؤسسة المالية في وقت مبكر مما يقلل من تكلفة التعامل مع المخاطر.
· إعداد خطط طوارئ لمواجهة التغيرات والضغوط والمخاطر المختلفة ذات العلاقة بالبيئة الخارجية التي قد يتعرض لها المصرف.
وتلعب إدارة المخاطر دوراً أساسياً ومكملاً لهيكل رأس المال في تحقيق السلامة المالية للمصارف حيث تعد إدارة المخاطر خط الدفاع الرئيسي لحماية حقوق المودعين والدائنين،
بينما يمثل رأس المال خط الدفاع الأخير للمصرف، وتتمثل أهمية إدارة المخاطر في المؤسسات المالية في التالي:-
· تحديد المخاطر التي تواجه تحقيق أهداف المؤسسة المالية وإحكام الرقابة عليها.
· تقييم مخاطر العمليات التي يمارسها المصرف، وتحديد سبل التعامل معها والتحوط لها، أو التخفيف منها، أو تحويلها.
· قياس حجم عدم التأكد الذي يمكن أن تتقبله المؤسسات المالية لتتمكن من تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
· تسهم في تمكين الإدارة من التعامل مع المخاطر التي تواجه المؤسسة المالية وإدارتها، والتي يمكن أن تقود إلى فشل أو عرقلة المسار الاستراتيجي.
· وضع حدود قصوى ودنيا للمخاطر المختلفة (الائتمانية، السوق، التشغيل، ….) التى تواجه المصرف.
· تساعد الإدارة السليمة للمخاطر في تحسين كفاءة العمليات المصرفية وتحسين القدرة التنافسية للمصرف.
· تخطيط الأعمال في ظل التغيرات المتسارعة في البيئة الخارجية للمصرف، والأزمات المالية التي شهدتها الآونة الأخيرة.
· تساهم في تحقيق التوازن الاستراتيجي الأمثل بين العوائد والمخاطر المرتبطة بها.
· تمكين المؤسسة المالية من الاستخدام الفعال للموارد والمقدرات الجوهرية في تحقيق الأهداف.
· الحفاظ على سمعة المؤسسة المالية وتوفير الثقة للمودعين، والدائنين، والمستثمرين، والتأكد من أن المؤسسة المالية تمارس عملياتها بكفاءة، وتعزيز قدرته على توليد الأرباح، وتحمله للمخاطر.
ويمكن للمؤسسات المالية تحديد المخاطر المحيطة بها وتحديد مصادرها وكيفية التعامل معها من خلال مجموعة من الأساليب وأهمها التالي: –
· تجنب المخاطر: حيث قد يمتنع البنك عن الدخول في عمليات مرتفعة المخاطر أو عدم الاستثمار في مشروعات طويلة الأجل لتجنب المخاطر الائتمانية، ومخاطر السوق.
· تقليل المخاطر: حيث يتم دراسة سلوك محافظ التمويل لتحديد علامات التحذير لمشاكل التوقف عن السداد بشكل مبكر، واستخدام سياسات إدارة الأصول والخصوم لتقليل مخاطر أسعار العائد.
· نقل المخاطر: يتم مواجهة الخطر بتحويله إلى طرف آخر، نظير دفع مقابل معين لهذا الطرف، مع احتفاظ صاحب الشيء موضوع الخطر الأصلي بملكيته لهذا الشيء، والذي يتم غالباً من خلال عمليات التأمين ، والذي يعد من أهم وسائل نقل المخاطرة وأكثرها انتشاراً.
· التجزئة وتنويع المخاطر: ويقصد به تجزئة الشيء المعرض للخطر بشكل يضمن عدم تعرض جميع الأجزاء في وقت واحد لتحقق مسبب خطر،
وذلك بجانب التنوع بالنسبة لكل جزء من الأجزاء في الحالات التي تسمح بعدم تعرض جميع الأجزاء، وبما يحقق انتشارا للمخاطر على المستوى المالي أو الجغرافي،
كل ذلك بشرط قابلية وحدة المخاطر (الشيء المعرض للخطر) للتجزئة.
· التحوط: حيث يختلف التحوط عن التأمين في كونه نقل للمخاطر مع التنازل عن إمكانية الربح من خلال الادوات المالية أو المشتقات المالية.
· المشاركة في تحمل المخاطر: وهو ما يتميز به فكر إدارة المخاطر في الاقتصاد الإسلامي والذي يقوم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، الذي بموجبه يتم تقاسم المخاطر بين مختلف الأطراف المساهمة في العملية.