تؤكد جولة الرئيس المصري إلي الهند ودول أسيا الوسطي حجز مصر مقعدها في مقدمة النظام العالمي الجديد، فنحن أمام تشكيل متوازن في نمط مصر بشأن سياستها الخارجية نظرا للتحديات العالمية الحالية،
بما يعزز من مكانتها وثقل الدولة السياسي والاقتصادي على المستويين الإقليمي والدولي عبر التمدد في دوائر العلاقات الدولية.
الأمر الذي يشير الي نتائج إيجابية تتمثل في زيادة فرص العمل وتعظيم قدراتنا الإنتاجية، مع توافر العديد من المجالات والفرص الاستثمارية الواعدة في مصر، لاسيما في قطاعات البنية التحتية، والنقل، والطاقة الجديدة، والهيدروجين الأخضر،
وإنتاج الطاقة الكهربائية، والصناعات الدوائية وصناعة السيارات، وتهدف العديد من الدول بالاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم التي تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة لاسيما في المنطقتين العربية والإفريقية،
بما يعزز من التكامل الصناعي من خلال تأسيس شراكات متكاملة تقوم على توطين الصناعات، فضلاً عن دفع العلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب تتلاقى مع طموحات الشعوب.
تلك الخطوات تزيد من استغلال موقع مصر الجغرافي وما يتمتع به من سهولة النفاذ إلى مختلف الأسواق العالمية، مع ما تمتلكه من مناطق صناعية متكاملة و موانئ متصلة بالبحرين الأحمر والمتوسط،
مع تحقيق التنمية الصناعية المنشودة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ، والعمل علي استقطاب المزيد من الاستثمارات وتلبية مستهدفات توطين صناعات استراتيجية بما يحولها لمركز لوجيستي رئيسي للتجارة العالمية ، بصفتها وجهة واعدة تتلاقى فيها حركة التجارة العالمية وتجمع كافة الإمكانيات الصناعية و اللوجيستية.
وعلى صعيد متصل فإن دولة الهند تمتلك خبرات تكنولوجية هائلة ولديها صناعات استراتيجية مثل صناعة السيارات والكمبيوتر والهواتف، فضلاً عن أنها دولة زراعية تمتلك إنتاج ومخزون كبير من الحاصلات الزراعية الاستراتيجية،
فضلا عن كون الهند أحد أعضاء تجمع البريكس ودخول مصر كعضو في بنك التنمية التابع للبريكس، وبالتالي فإن رفع مستوي العلاقات الي الشراكة الاستراتيجية،
تحمل الكثير من الدعم الاقتصادي لمصر والهند وتعظيم المصالح المشتركة للتغلب علي الصعوبات الناجمة عن مختلف الأزمات المتتالية التي يواجها العالم حاليا،
وتمثل تلك العلاقات البينية بعداً استثماري، حيث يصل حجم الميزان التجاري بينهم الي ما يتجاوز 7 مليار دولار والاتجاه نحو زيادتها بما يقارب 12 مليار دولار، فضلا عن وجود 50 شركة هندية على الأرضي المصرية باستثمارات مباشرة تبلغ نحو 3 مليار جم.
وفي سياق متصل واستكمالا لجوالات السيد الرئيس والوفد الاقتصادي المصاحب له، تتجه البوصلة المصرية الي دول القوقاز (أسيا الوسطي) متمثلة في دولتي أذربيجان وأرمينيا،
وهو يمثل تأكيد للحضور المصري في النطاق الأسيوي، فضلا عن ان لكل دولة منهما قومية ذات تراث ثقافي وحضاري ضارب في التاريخ،
هذا وتشير الاجتماعات مع مجتمع رجال الأعمال الي إبرام العديد من الاتفاقيات الاقتصادية الي تخدم مصالح الطرفين في العديد من المجلات مثل التعدين والسياحة والطاقة الجديدة والمتجددة.
هذا وتنتهج السياسة المصرية الخارجية أساس التوزان بين دول العالم وعدم الانحياز، ومن ثم فإن التركيز المصري على المحور الآسيوي للسياسة الخارجية المصرية لا يعني المساس بالعلاقات المصرية مع الكيانات الأخرى بالعالم،
وتهدف هنا الاستراتيجية المصرية تنويع مصادر التحالفات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية وخلق دوائر جديدة في الدبلوماسية المصرية،
خاصة في ظل تداعي الأثار الحادة للازمة الروسية الأوكرانية واستمرار التوترات الجيوسياسية بل وتصاعدها ، خاصة وانه لا تلوح بالأفق أي بوادر في الوقت الراهن لحل تلك الأزمة العالمية.
بقلم / هاني حافظ
الخبير الاقتصادي