كما اوضحنا سابقاً فقد جاءت سلسة مقالاتي “اقتصادنا ولا اقتصادها” في محاولة لبيان ما لدى دولة إسرائيل من امكانيات وقدرات اقتصادية، حيث تبين لي كباحث اقتصادي إمكانية عرض بعض المعلومات والمؤشرات عن هذه الدولة تساعد في بيان ما لديها من تطورات اقتصادية، ليس هذا فحسب بل تم من خلال هذه السلسة من المقالات عقد مجموعة من المقارنات القائمة على مؤشرات اقتصادية بين إقتصادها واقتصاديات بعض الدول العربية.
وبالفعل تمكنا من تجميع بيانات عن الاقتصاد الإسرائيلي واقتصاد كلاً من جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعوديه لبيان ما بين هذه الدولة وهاتان الدولتان من اختلافات في الجانب الاقتصادي، وكنت قد استخدمت في مقالاتي الأوائل مجموعة من المؤشرات الاقتصادية لبيان الامكانيات المتاحة في الدول الثلاث (مصر والسعودية واسرائيل)، وها هو المقال الثالث والأخير في هذه السلسلة يتناول مجموعة جديدة من المؤشرات الاقتصادية لعرض إمكانيات هذه الاقتصاديات الثلاثة وما شهدته من تطورات خلال الفترة محل التحليل لنتمكن من توضيح مدى دقة وصلاحية ما يتم انتهاجه من سياسات ومخططات استراتيجية في هذه الاقتصاديات الثلاثة.
الواردات السلعية، في دولة إسرائيل شهدت إجمالي الواردات السلعية اتجاهاً عاماً نحو الارتفاع خلال الفترة محل التحليل، ليصل لنحو 149 مليار دولار أمريكي خلال عام 2022 مقارنة بنحو 43 مليار دولار خلال عام 2002، وكان حجم واردات إسرائيل من السلع قد بلغ نحو 125 مليار دولار أمريكي عام 2021.
وفي مصر لم تشهد الواردات السلعية خلال الفترة محل الدراسة معدلات ارتفاع كبيرة، ففي عام 2022 بلغت قيمة الوارات السلعية نحو 104 مليار دولار مقارنة بنحو 19 مليار دولار خلال عام 2002، ومقارنة بنحو 82 مليار دولار خلال عام 2021، أما في المملكة العربية السعودية فقد شهدت الواردات السلعية معدلات نمو كبيرة وان كانت شهدت تراجع خلال بعض السنوات، لتصل قيمة الواردات السلعية لنحو 257 مليار دولار خلال عام 2022 مقارنة بنحو 45 مليار دولار خلال عام 2002، ومقارنة بنحو 213 مليار دولار خلال عام 2021.
والشكل البياني التالي يعرض لنا تطور قيم الواردات السلعية بالمليار دولار أمريكي لكل من مصر والمملكة العربية السعودية واسرائيل خلال الفترة 2002:2022
لبطالة، يعرض هذا المؤشر الأفراد من (15-64 سنة) القادرون على العمل ويرغبون فيه، إلا أنهم يبحثون عنه ولا يجدونه مناسبً لهم، وفي دولة إسرائيل شهدت معدلات البطالة اتجاهاً واضحاً نحو الإنخفاض خلال الفترة محل التحليل، حيث بلغ معدل البطالة في اسرائيل نحو 3.5% من إجمالي حجم القوى العاملة خلال عام 2022 وذلك مقارنةً بنحو 12.9% خلال عام 2002، هذا في حين سجل معدل البطالة في اسرائيل نحو 4.3% خلال عام 2021.
وفي مصر شهد معدل البطالة انخفاض بسيط خلال الفترة محل التحليل، حيث بلغ نحو 7% خلال عام 2022 مقارنة بنحو 10% خلال عام 2002، كما بلغ معدل البطالة في مصر نحو 7.4% خلال عام 2021، هذا وتجدر الإشارة الى تسجيل معدل البطالة في مصر لإرتفاعات واضحة خلال بعض سنوات فترة التحليل، حيث سجل هذا المعدل (البطالة) أعلى مستوياته خلال عام 2013 ببلوغه لنحو 13.2%.
وفي المملكة العربية السعودية فقد شهد معدل البطالة اتجاهاً عاماً نحو الإستقرار خلال الفترة محل التحليل، حيث بلغ معدل البطالة نحو 5.6% عام 2022 مقارنة بنحو 5.3% خلال عام 2002، هذا كما بلغ هذا المعدل في السعودية نحو 7.4% خلال عام 2021.
.والشكل البياني التالي يعرض لنا تطور معدلات البطالة في كل من مصر والمملكة العربية السعودية واسرائيل خلال الفترة 2002: 2022
ختاماً، أود التأكيد على أن إعتمادي على مجموعة من المؤشرات الاقتصادية في محاولة لعرض بيانات وتقارير اقتصادية مجدولة لكونها تعتبر نتاج لمجموعة من العوامل الرئيسية في الميدان المالي، وذلك في محاولة لنتمكن من قياس أداء قطاعات اقتصادية مختلفة بهدف معرفة مدى قوة اقتصاد الثلاث بلاد محل التحليل أو ضعفها، فالمؤشرات الاقتصادية تساعد أيضا في التنبؤ بالوضع الاقتصادي للبلدان محل التحليل مستقبلاً.
وأود التأكيد على أن في ظل تعدد القطاعات الاقتصادية التي تم الاعتماد عليها في سلسلة مقالاتي هذه، فقد تبين لنا معاناة الاقتصاد الاسرائيلي من مشاكل مقارنة بالوضع القائم في كل من مصر والمملكة العربية السعودية، في حين تبين لنا أيضاً أن هناك قطاعات اقتصادية أخرى تمكن الاقتصاد الاسرائيلي من تحسنها بشكل ملحوظ، وهذا يعني أن الاقتصاد الإسرائيلي كغيره من الاقتصاديات لديه مؤشرات جيده كما أن لدية مؤشرات دون المستوى.
أي أن هذه السلسة من المقالات تساعد في توضيح كثير من التطورات التي شهدتها اقتصاديات ثلاث دول ذات مكانة بارزة في منطقة الشرق الأوسط، كما أن هذه المقالات تمكنت من بيان ما يتم إنتهاجه من سياسات وما يتم اتباعه من إستراتيجيات، فضلاً عن بيان ما تمكنت هذه الاقتصاديات الثلاث من تحقيقه من تطورات خلال الفترة محل التحليل بمجموعة من القطاعات الاقتصادية.
بقلم / الدكتور ناصر عبد المهيمن
الخبير الاقتصادى