تطورت خدمات الاتصالات بمصر باعتبارها إحدى العوامل الرئيسية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية , لهذا تحرص الإدارة المصرية على مواكبة ذلك والتقدم نحو نظام بيئي جديد يواءم ما شهده العالم من متغيرات هائلة في مجال تقنيات وخدمات الاتصالات، لذا أولت الحكومة الأولوية لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وانعكس ذلك في خلق بيئة مواتية تم فيها تحرير سوق الاتصالات , وتتويجا لذلك فقد تم إصدار قانون تنظيم الاتصالات والذي نصت مواده على إنشاء هيئة لتنظيم قطاع الاتصالات “الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لتكون هي الجهة المختصة والمسؤولة عن إدارة قطاع الاتصالات وتنظيمه ,
ليمنح القانون هذا الجهاز الصلاحية لوضع الحدود حفاظاً على قواعد المنافسة الحرة.
وتتضمن عناصر صناعة تكنولوجيا الاتصالات بمصر ثلاث محاور هامه
فالعنصر الأول يتعلق بمفاهيم الأمن السيبراني والذي يشمل كل ما هو متعلق أمن المعلومات على أجهزة وشبكات الحاسب الآلي، بما في ذلك العمليات والآليات التي يتم من خلالها حماية معدات الحاسب الآلي والمعلومات والخدمات من أي تدخل غير مقصود أو غير مصرح به أو تغيير أو إتلاف قد يحدث. وقد قام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتأسيس المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسب والشبكات في أبريل 2009، حيث يعمل به فريق مكون من 40 متخصصًا بدوام كامل. ويقدم الفريق الدعم الفني على مدار 24 ساعة لحماية البنية التحتية الحيوية للمعلومات.
و منذ عام 2012 يقدم المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسب والشبكات الدعم لمختلف الجهات عبر قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المصرفية والحكومية ومساعدتهم على مواجهة تهديدات الأمن السيبراني بما في ذلك هجمات الحرمان من الخدمة.
ويُعد المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسب والشبكات مسؤولاً عن الاستجابة لحوادث أمن الكمبيوتر والمعلومات وتوفير الدعم والدفاع والتحليل في مجال الهجمات السيبرانية والتعاون مع الهيئات الحكومية والمالية وأي قطاعات معنية بالبنية التحتية المعلوماتية الحرجة، كما يوفر المركز الإنذار المبكر ضد انتشار البرمجيات الخبيثة والهجمات السيبرانية الضخمة ضد البنية التحتية للاتصالات في مصر.
ويتكون المركز من أربع إدارات رئيسية، هي مراقبة المخاطر والتعامل مع الحوادث السيبرانية وتحليل الأدلة السيبرانية وتحليل البرمجيات الخبيثة وفحص الثغرات واختبارات الاختراق.
أما العنصر الثاني ومدى القبول العالمي ويُقصد به قبول التطبيقات والأجهزة والأنظمة لجميع أسماء النطاقات وعناوين البريد الإلكتروني الصحيحة والتحقق من صحتها وتخزينها ومعالجتها وعرضها على نحو سليم ومتسق.
وقد تم تشكيل الفريق التوجيهي للقبول العالمي Universal Acceptance Steering Group عام 2015، من خلال مبادرة أطلقت بقيادة المجتمع. ويهدف إلى العمل على رفع الوعي وتحديد المشكلات المرتبطة بالقبول العالمي لجميع أسماء النطاقات وعناوين البريد الإلكتروني وحلها. إضافة إلى دعم أصحاب المصلحة المعنيين وتحفيزهم لتحقيق نظام القبول العالمي في التطبيقات الخاصة بهم، والمساعدة في ضمان تجربة متسقة وإيجابية لمستخدمي الإنترنت على مستوى العالم. وتدعم مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المُخصصة “آيكان” هذا الفريق ويشارك به أعضاء من أكثر من 200 مؤسسة حول العالم منها شركات Afilias وApple و CNNIC و GoDaddy و Google و Microsoft و Verisign.
وفيما يتعلق بالعنصر الثالث وهو مسألة الترقيم ليأتي دورالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والذي يعد وحده الجهة المسئولة عن وضع خطة الترقيم القومية والإشراف على تنفيذها وتخصيص أرقامها وذلك بمقتضى قانون الاتصالات رقم 10 لعام 2003.
و توضع خطة الترقيم – والتي تشمل الهواتف الثابتة والمنقولة والخدمات الخاصة (القيمة المضافة والإنترنت والأرقام المجانية) وأيضًا الخدمات الجديدة – الأسس التنظيمية والفنية المتعلقة بتشكيل الأرقام وتوزيعها وتخصيصها وأسس إدارة الترقيم وتسعيره,
وتشمل خطة الترقيم بيانات تفصيلية حول التزامات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والتزامات مشغلي ومقدمي خدمات الاتصالات، وتوضح الفرق بين مختلف أنواع الأرقام.
وعن إسهامات تكنولوجيا الاتصالات بمصر ، فقد بلغت مساهمة قطاع المعلومات والاتصالات بعام 2019 في إجمالي الناتج المحلي المصري فيما يجاوز 93,4 مليار جنيه مصري (ما يقرب من 4% من إجمالي الناتج المحلي) ونتيجة لذلك يعد المشروع القومي للتحول الرقمي في مصر جزءًا أساسيًا من خطتها الرامية للتنويع الاقتصادي لما سوف يكون لمصر فى المستقبل القريب من مزايا تنافسية داخل مجال التكنولوجيا وعالم الاتصالات. لتكون الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 بمثابة مبادئ توجيهية تهدف إلى تحويل مصر إلى محور مركزي للاتصالات والتكنولوجيا على المستويين الإقليمي والعالمي.
بقلم/ دكتور عمرو يوسف
الخبير الاقتصادى