بقلم/دكتور ناصر عبد المهيمن
شهد إقتصادنا مشكلات عضال بداية من العِقد الماضي، مما ساهم فى تراجع مؤشرات أداءه التنموية اقتصادية كانت أو اجتماعية أو بيئة أو غيرها من مؤشرات،
فلم يتمكن إقتصادنا من تحقيق معدلات نمو تصل الـ3%، وهو ما ساهم في تنامي مشاعر القلق تجاه ما هو آت، فقد عانى اقتصادنا من أوجه قصور واختلالات كبيرة خلال الفترة ما بعد يناير 2011، وحتى نوفمبر 2016،
لتزداد الضغوط جراء بُطء النمو الاقتصادي وإرتفاع مستويات البطالة نتيجة نقص الاستثمار الخاص محلية كانت أو أجنبية،
وهو ما ساهم في زيادة إعتماد الحكومة على البنك المركزي المصري والنظام المصرفي المحلي في تمويل ما تعاني منه الميزانية من عجز بسياسات نقدية استيعابية.
فقد تطلب وضع اقتصادنا فى نهاية عام 2015م ضرورة تبنى حزمة سياسات متكاملة من شأنها بلوغ تلك المستويات الجيدة من الاستقرار الاقتصادى، وعلاج الاختلالات الهيكلية، وزيادة معدلات النمو، وتحقيق التوازن مع العالم الخارجى، نتيجة لما شهده اقتصادنا من عدم إستقرار واضح، ليسجل معدل نمو بلغ نحو 3٪، ومعدل بطالة 12.8٪، وعجز مالي 11.3٪، وتضخم (أساسي) 14٪،
ليصل عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي نحو 6٪ في العام المالي 16/2017،
فيما بلغ حجم الاحتياطيات الدولية 17.1 مليار دولار في يونيو 2016.
وها هو الدين الخارجي يسحل نحو 160% من قيمة صادراتنا السلعية والخدمية خلال عام 15/2016 مقارنة بنحو 88% خلال عام، 12/2013،
حيث شهدت صادراتنا السلعية تراجعات متتالية خلال الفترة 2013م وحتى عام 2016م، فبعد أن كانت في حدود 27 مليار دولار خلال عام 2013م تراجعت لتصل لنحو 19 مليار دولار خلال عام 2016.
لذا ركز ما تم إستهدافه من إجراءات إصلاحية على مواجهة تحديات ليست بالهينِة أو القليلة،
خاصة وأن مصر تواجه تحديات فى مجالات متفرقة وذات تأثيرات متشابكة ومتحدة، يتمثل أبرزها في ميزان المدفوعات وعجزه التجارى،
ومايتبعه من إختلالات بسعر صرف عملتنا الوطنية، وعجز الميزانية العامة وتزايد حجم الدين العام،
ومحدودية معدلات نموه، وما تشهده البطالة من تنامي معدلاتها.
فقد كان لابد من تصميم حزمة برامج لإصلاح اقتصادنا، تستهدف تعزيز مرونته وتنوعه، وزيادة انتاجيته، من خلال إجراء إصلاحات جذرية لضمان تحقيق نمواً شاملاً ومستدام،
وفقاً لمجموعة من المحاور الأساسية، من خلال تحرير سعر الصرف، وضبط أوضاع المالية العامة لتخفيض الدين العام، وإصلاح دعم الطاقة،
وإتاحة حيز الإنفاق الاجتماعي، وتقوية مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات وزيادة فرص العمل، ورفع معدلات الاستثمار في قطاع الصناعات التحويلية بشكل مُستدام وزيادة نصيبه من الناتج المحلي،
وتوطين وتعميق الصناعة، وزيادة القيمة المضافة للصناعة الوطنية، وتحقيق معدل اندماج أعلى في سلاسل القيمة العالمية والإقليمية،
مع زيادة القدرة التنافسية للصناعات التحويلية، والنهوض بالصادرات، وضمان زيادة إنتاجية القطاع الزراعي وتحسين تنافسيته، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي،
وتطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، واعتماد تقنيات وتكنولوجيات القطاع في مختلف القطاعات الأخرى لتمكين قدرتها التنافسية، وتعظيم دور القطاع الخاص،
لضمان خلق بيئة داعمة للمنافسة، وتسهيل وتطوير حركة التجارة مع إزالة ما يواجهها من قيود، ورفع كفاءة النقل بكافة وسائله، ورفع كفاءة ومرونة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني.
تطور مؤشرات أداءنا الاقتصادي قبل 2016
القيمة بالمليار دولار
البيان | 12/2013 | 13/2014 | 14/2015 | 15/2016 |
الناتج المحلي الاجمالي | 1539.6 | 1770.3 | 1863.2 | 1906.1 |
معدل النمو% | — | 15.0 | 5.2 | 2.3 |
الصادرات السلعية | 26.98 | 26.12 | 22.2 | 18.7 |
معدل النمو% | — | -3.2 | -15.0 | -15.8 |
نسبة الدین الخارجى إلى صادراتنا من السلع والخدمات | 88.20% | 106.00% | 109.10% | 160.30% |
هذه الصورة وما إشتملت عليه من حقائق كانت بمثابة الدافع الرئيسي لضرورة السعي الجاد نحو تنمية بيئة أعمالنا،
وتحقيق التوافق بين جانبي العرض والطلب في سوق العمل، وتنشيط سوق المال، لإتاحة الفرصة لشركات القطاع الخاص،
وهو ما يحتم رفع مستويات كفاءة المؤسسات العامة من خلال دعم آليات تطبيق التحول الرقمي، وتعزيز الإصلاح الإداري والمؤسسي، مع تحديد مناهج تنمية رأس المال البشري من خلال رفع كفاءة الخدمات الصحية وتوسيع نطاقها، وتنمية الأسرة المصرية، وتوحيد التحويلات النقدية تحت مظلة واحدة.
وهنا تبرز أهمية متابعة ما شهدته بيئة أعمالنا من تطورات خلال الخمس سنوات السابقة، منذ أن تم الإعلان عن البدء في خوض المواجهات مع ما كان قائم من تحديات اقتصادية أو غير اقتصادية،
فكما أوضحنا كان اقتصادنا يشوبه معوقات كثيرة ومختلفة، وهذا يوضح لنا أن مجتمعنا كان في أشد الإحتياج لحزمة سياسات تدعمها مجموعة مختلفة من القرارات القادرة على تغيير كثير من أساسيات راسخة ومعتقدات جامدة، فهل تمكن اقتصادنا من بلوغ مستهدفاته التي تم الإعلان عنها وفق برنامج إصلاحه الاقتصادي.
،،،،،،،،،، يتبع