بقلم/دكتور ناصر عبد المهيمن
خبير أقتصادي
تناول المقال السابق مجموعة من دوافع البداية في برنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر والتي مرت بها البلاد بداية من عام 2011 وحتى عام 2016، ومقالنا هذا بصدد تحليل وتقييم لما تم انتهاجه من سياسات اصلاح هيكلية بداية من عام 2016، فالمخطط المصري يحاول الوصول إلى نمو شامل متوازن مستدام، فمن خلال هذه الرؤية يمكن تحقيق المرونة والإنتاجية بما يدعم القدرة التنافسية، وتقليل العجز التجاري، وسد الفجوة التمويلية، ولذا تم التركيز على خمسة أنظمة رئيسة تمثلت في خصائص النظام الديموغرافي والسكان، والنظام المالي، واللوجيستي، ونظام الأداء الحكومي، والنظام التشريعي، مع توطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى كل المحافظات الـ27، لضمان تنفيذ تحليل متعمق لنقاط الضغط في الاقتصاد المصري. وفيما يلي بيان ما تم بلوغه من غايات في مجموعة من المحاور.
سياستنا النقدية، استهدف البنك المركزي بشكل دائم مواجهة ما تشهده الأسعار من تغيرات متلاحقة، وبالرغم من تعدد أدوات البنك المركزي في هذا الشأن، فقد حظيت أسعار الفائدة على النصيب الأكبر من إهتمام البنك المركزي المصري في محاولة للتصدي لما تشهده الأسعار من تحركات، فقد استهدف المركزي حُسن إحتواء ما تشهده الأسعار المحلية من تضخمات من خلال تشديد السياسة النقدية عبر زيادات متتالية في أسعار الفائدة، في محاولة لاستعادة ما يشهد سوق النقد من سيولة زائدة، هذا فضلاً عما تم تنفيذه من عمليات طرح مزادات الودائع. أما إصلاحات السياسة المالية، فقد شهدت الفترة السابقة كبح لجام الدين العام وما يتبعه من أثار، وذلك من خلال تحقيق واستمرار الفائض الأولي بالموزانة، لضمان توفير ما هو متاح للاستثمار المحلي، ولذا قررت الحكومة زيادة الإيرادات الحكومية عامة، والضريبية منها خاصة، ليس هذا فحسب، بل تم البدء في خفض النفقات العامة من خلال مجموعة من الآليات، كان من أبرزها تخفيض الدعم لضمان توفيره لمستحقيه، حيث تم رفع أسعار الطاقة لتحقيق استرداد كامل التكلفة.
الناتج المحلي الإجمالي، ساهمت الإصلاحات المصرية في تعزيز إمكانات الاقتصاد الوطني ليصبح أكثر قدرة على مواجهة ما شهده العالم من تطورات وصدمات، فقد إستهدفت الفترة الإصلاحية تحويل مساره إلى اقتصاد إنتاجي، وهو ما ساهم في دعم قدراتنا على تحقيق نمو متوازن ومستدام، لنتمكن من تحقيق مؤشرات نمو إيجابية رغم تداعيات كورونا، فها هو الناتج المحلي يشهد معدل نمو موجب بلغ نحو 2.8% عام 20/2021، وهو ما ساهم في دعم قدراتنا التصديرية مع تنامي قدراتنا على تقليل الواردات. إحتياطياتنا الدولية، كان لاستئناف تدفقات المحافظ الاستثمارية لمصر خلال الفترة السابقة وتنامي قدرتها على الوصول إلى الأسواق المالية الدولية في ظل ظروف صالحة وداعمة، دور بالغ الأثر فيما شهده الحساب الرأسمالي والمالي لميزان المدفوعات من فوائض مما ساهم في إعادة بناء احتياطاتنا الدولية من 17.1 مليار دولار أمريكي فقط في يونيو2016، إلى 40.6 مليار دولار أمريكي في يونيو2021.
تجارتنا الخارجية، ساعد الخفض الأولي لسعر صرف الجنيه المصري في تحسين الميزان التجاري (الفارق بين الصادرات والواردات) كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، لينتقل من سالب 14.5% في الفترة 15/2016 إلى سالب 12.8% في الفترة 18/2019، ثم الى سالب 11.5% خلال عام 19/2020، وفي ذلك إشارة واضحة الى أن ضبط الأوضاع المالية والسياسة النقدية الحصيفة في مصر كانا لهما دور في الحد من مجموعة من الاختلالات الداخلية، وهو ما ساهم في تحسين الخلل الخارجي. فقد تمكنت الصادرات المصرية من تحقيق نمو مستمر بداية من عام 2016م وحتى عام 2021م لتصل لنحو 28.7 مليار دولار أمريكي مقارنة بنحو 18.7 مليار دولار أمريكي.
أي أن هذا التحليل وما إشتمل عليه من حقائق يؤكد تحسُن معظم مؤشرات الأداء الاقتصادى في مصر منذ البدء في برامج الإصلاح الهيكلي (2016م)، حيث تمكنت مصر من خفض العجز الكلى للناتج المحلى لنحو 7.9% العام المالى الماضى، إضافة إلى تحقيق فائض أولي من الناتج المحلى بمقدار 1.8% بنهاية يونيو 2020، رغم التداعيات السلبية لجائحة «كورورنا»، وخفض نسبة الدين للناتج المحلى لتصل إلى 87% بنهاية يونيو 2020 مقارنة بـ90.4% فى يونيو 2019م مع ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى، وإستمرار زيادة احتياطيات النقد الأجنبى، كما تمكنت سياسات وزارة المالية من زيادة الإيرادات العامة وترشيد الإنفاق فى تراجع عجز الموازنة، يُضاف إلى ما سبق، نجاح الحكومة في تبني سياسات مكملة من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف ترتبط بتعزيز البيئة التمكينية للاقتصاد المصرى، واستكمال بنيته التحتية، والارتقاء بمستوى الخدمات المُقدمة للمواطن، وفي ذلك إشارة قوية لتمكن إقتصادنا من بلوغ مستهدفاته التي تم الإعلان عنها وفق برنامج إصلاحه الاقتصادي.
تطور مؤشرات أداءنا الاقتصادي بعد عام 2016م
البيان | 15/2016 | 16/2017 | 17/2018 | 18/2019 | 19/2020 | 20/2021 |
الناتج المحلي الاجمالي (بالترليون جنيه مصري) | 2.7 | 3.4 | 4.3 | 5.2 | 5.5 | 6.4 |
الاحتياطيات الدولية (بالمليار دولار) | 17.5 | 31.1 | 44.3 | 44.5 | 38.2 | 40.6 |
الصادرات السلعية (بالمليار دولار) | 18.7 | 21.7 | 25.8 | 28.5 | 26.4 | 28.7 |
،،،،،،،،،، يتبع