جاءت فكرة سلستي من هذه المقالات، نظراً لما لاحظته من احتياج الشعب العربي الشديد لمعلومات عن دولة اسرائيل، فقد لمست أن كثير من الشباب العربي في اشد الاحتياج لمزيد من المعلومات عن هذه الدولة، فكثير من الحوارات تثار حول هذه الدولة، إلا أن معظمها إن لم يكن كلها يكاد لا يخرج عن الجانب العسكري، وما لدى هذه الدولة من امكانيات وقدرات في هذا الشق، وهذا ما جعلني أبحث بطبيعة عملي لعرض وتحليل معلومات عن اقتصاد هذه الدولة، لصياغتها وإعادة عرضها في محاولة لسد العجز في هذا الجانب الهام بين جموع الشعب العربي، هذا كما راودتني فكرة قد تكون الأفضل وذلك من خلال إجراء بعض المقارنات بين اقتصاد هذه الدولة وبعض الدول العربية، لذلك رأيت ضرورة طرح مقارنات وفقاً لمجموعة من المؤشرات الاقتصادية بين كل من أداء الاقتصاد المصري والسعودي والاسرائيلي.
فمن خلال هذه المقارنات الاقتصادية يمكننا التعرف على مدى دقة وصلاحية ما يتم انتهاجه من سياسات ومخططات استراتيجية، كما يمكننا التعرف على تلك الدول التي تواجه معوقات أكثر تقف حاجز أمام تحقيق مستهدفاته.
ففي محاولة لبيان ما شهده اقتصاد دولة اسرائيل خلال الفترة السابقة من تطورات، نتناول فيما يلي عرض تحليلي لمجموعة من مؤشرات الأداء الاقتصادي لهذه الدولة، وذلك بداية من عام 2012 وحتى عام 2022، وذلك على النحو التالي.
الناتج المحلي الإجمالي، يمتاز هذا المؤشر بأهمية بالغة بين باقي المؤشرات الاقتصادية نظرا لأنه قادر على قياس قيمة كل السلع والخدمات المنتجة في فترة زمنية محددة داخل حدود دولة معينة، وبالتالي فهو يعرض مدى قوة الدولة الانتاجية وما توفر لها من سلع وخدمات وفقاً للأسعار السوقية.
وفي دولة إسرائيل شهد حجم الناتج المحلي الاجمالي زيادة بلغت نحو 6.9% ليصل لنحو 522 مليار دولار أمريكي خلال عام 2022، مقارنة بنحو 488.5 مليار دولار خلال عام 2021.
وفي مصر شهد حجم الناتج المحلي الإجمالي زيادة بلغت نسبتها نحو 12% خلال العام الماضي ليصل لنحو 476.7 مليار دولار أمريكي، مقارنة بنحو 424.7 مليار دولار أمريكي خلال عام 2021.
أما المملكة العربية السعودية فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي معدل زيادة بلغ نحو 27.6% خلال عام 2022 ليصل لنحو 1108 مليار دولار أمريكي، مقارنة بنحو 868.6 مليار دولار خلال عام 2021.
والشكل البياني التالي يعرض تطور قيم الناتج المحلي الإجمالي بالاسعار الجارية لكل من مصر والمملكة العربية السعودية واسرائيل خلال الفترة 2002: 2021.
الاستثمار الأجنبي المباشر (صافي التدفقات الوافدة)، تعددت تعريفات المنظمات والجهات والدراسات للاستثمار الأجنبي المباشر، ومن هذه التعريفات يمكننا التأكيد على أن الاستثمار الأجنبي المباشر هو تدفقات نقدية تستهدف المشاركة في مؤسسات الأعمال موجودة بالدولة، وبالتالي فهذه الاستثمارات تأتي بهدف البقاء والاستمرار، ولذلك يعتبر هذا المؤشر من أهم المؤشرات الدالة على مدى قوة واستقرار البلدان، فلن تأتي الاستثمارات الى البلدان في ظل سياسات غير سليمة، أو في ظل أوضاع غير مستقرة.
وبتحليل هذا المؤشر في دولة اسرائيل تبين إرتفاع حجم الاستثمارات المتدفقة لها بشكل كبير خلال عام 2022، حيث سجلت معدل زيادة بلغ نحو 30% خلال ذلك العام، ليصل حجم الاستثمار الاجنبي لنحو 27.9 مليار دولار أمريكي مقارنة بنحو 21.5 مليار دولار أمريكي عام 2021.
هذا في حين تمكنت مصر من تحقيق طفرة في حجم الاستثمار المتدفق لها في هذا العام، حيث تمكنت من جذب حجم إستثمارات أجنبية مباشرة بلغ نحو 11.4 مليار دولار أمريكي خلال عام 2022 مقارنة بنحو 5.1 مليار خلال عام 2021، لتحقق بذلك معدل زيادة بلغ نحو 122.6%.
أما المملكة العربية السعودية فقد شهد حجم الاستثمار الأجنبي المتدفق لها تراجع بلغت نسبته نحو 59%، حيث بلغ حجم الاستثمار الاجنبي نحو 7.9 مليار دولار عام 2022، مقارنة بنحو 19.3 مليار دولار عام 2021.
والشكل البياني التالي يعرض لنا تطور حجم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة لكل من مصر والمملكة العربية السعودية ودولة اسرائيل خلال الواحد وعشرين عام الماضية (2002: 2022).
يتبع،،،
بقلم /دكتور ناصر عبد المهيمن
الخبير الاقتصادى