يهتم اقتصاد العالم اليوم فيما يتعلق بمصطلحات إعادة التدوير والذى يعتبر وفقا لنظرته أنّ كل ما ينتجه الإنسان حتى وإن كان معدنيا أو قابلا للتحلّل يمكن إدخاله فى منظومة أقتصادية مثمرة وإعادة إستخدامه مره أخري ,
إضافة إلى مبادئ الحفاظ على النشاط البيئيى لما له من أهمية خاصة فى ظل التغييرات البيئية المحيطة والتى تحرص دول العالم كمستهدف أول فى الحفاظ عليها والتقليل من أضرار ما صنعه الأنسان بها ,
وقد اتجهت بعض المجتمعات لتغيير وجهة نظرها و لم تعد تنظر إلى النفايات كعبء وإنما تنظر إليه الأن فى كونه كمورد يحفز العديد من الصناعات والمنتجات المختلفة بالإضافة إلي توفير العديد من الوظائف وبالتالي مكافحة البطالة،
ولذلك فمسألة إعادة التدوير تعد من أهم العوامل المساعدة على تحقيق التنمية الاقتصادية للبلدان ذات الكثافة السكانية الكبيرة ومن ثم إحداث التنمية المستدامة المنشوده .
ولذلك تواجه دول العالم أجمع وخاصة النامية منها تحديًا كبيرًا في ظل ازدياد عدد السكان بنسب تفوق ما تختزنه الطبيعة من ثروات وموارد ،
حيث يُتوقع بأن يصل عدد سكان الأرض إلى عشرة مليارات نسمة بحلول عام 2050،
لتبرز في الأونه الأخيرة أهمية ما يسمي بالاقتصاد الدائري أو إعادة تدوير مخلفات الأرض والإنسان ,
مستندين إلى أن فكرة البحث والتنقيب عن الموارد وتحويلها للإستهلاك عن طريق تصنيعها أمرًا بات قديمًا ومستهلكًا وغير مجدى , مع إعتبار النفايات والمخلفات مواد اولية صالحه لتحويلها كمواد أساسية لصناعات أخري .
وعن ألمانيا الرائده فهي تعد أول دولة أوروبية تجعل مسألة إعادة تدوير النفايات المنزلية إلزاميا منذ عام 1991 ,
ليصبح فرز النفايات جزءا من الحياة العادية لقاطني تلك الدولة بالإضافة إلى زيادة مسألة الوعي بأن إعادة التدوير مسألة هامة للحماية البيئية.
وقد كشف مسح أجرى على المواطنين أن الغالبية العظمي من الألمان يشعرون بأنهم يفعلون “شيئا ملموسا للبيئة في حياتهم اليومية” عن طريق فرز النفايات.
ويعتقد أخرون أن التحول من استخدام سياراتهم الخاصة إلى وسائل المواصلات العامة سيكون له الأثر نفسه.
بينما يعتقد البعض منهم أن “ألمانيا تقود الدول الأخرى” في مجال فرز النفايات،
مقابل البعض منهم يرون ألمانيا دولة رائدة في مجال خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون, التي تنجم عن حرق الوقود الأحفوري.
لنجد اليوم في ألمانيا مصانع تخطت عددها المائة للاستفادة من النفايات، إما بإحراقها وإنتاج طاقة منها لإضاءة آلاف المنازل،
أو لتدويرها كي تصبح مواد أولية تدخل في صناعات كثيرة, وتعتبر ألمانيا حاليا في مقدمة الدول التي تعتمد على عمليات تدوير النفايات وتحويلها إلى مواد أولية، إما لصناعة السلعة نفسها التي تم تدويرها أو سلعا جديدة،
وبخاصة بعد إقرار الحكومة الألمانية قوانين ولوائح تحظر رمي النفايات والمخلفات بشكل عشوائي،
وتقضي بتجميعها لإعادة تدويرها. ليصبح بذلك قطاع تدوير النفايات في ألمانيا اليوم من أهم قطاعات الأعمال،
ففي هذا القطاع يعمل أكثر من 300 ألف شخص، ويتجاوز حجم إيراداته سنويا نحو 38 مليار يورو.
فقد أصبحت مسألة إعادة تدوير المخلفات والنفايات مصدرا هامًا للحصول على مواد أولية لعدد من المصانع الألمانية،
ومنها مصنع في إقليم براندنبورغ الذي يدّور سنويا ما يقرب من 40 ألف طن من النفايات البلاستيكية لإدخالها في صناعة الكوابل،
ويجني أرباحا تصل سنويا إلى مليار يورو نتيجة تقليصه شراء مواد أولية من الخارج ,
ويعد هذا التطور في مجال الحصول على المواد الأولية عن طريق الاقتصاد الدائري
أو ما يسمى بإعادة تدوير النفايات قد يغير جذريا استراتيجية إنتاج قطاعات صناعية ألمانية عدة فى المستقبل القريب.
وعلى خطى التجربة الألمانية ونتيجة لإيمان الدولة وإستيعابها لأهمية هذه الصناعة وقيمتها الاقتصادية وأهدافها المتعددة وفي ظل ما تواجهه مصر من مشكلات بيئية وصحية
نتيجة عدم وجود نظام يجيد التعامل مع منظومة المخلفات ومع فرصة إستخدام التعداد السكاني لدعم الاقتصاد الدائري
فقد وجهت الدولة المصرية ضرورة الاستفادة من التجارب الرائدة فى هذا المجال على أن تعمل وفق منظومة متكاملة الأركان لتشمل عمليات جمع ونقل المخلفات والمعالجة والتدوير والتخلص الآمن،
فضلًا عن مسألة هامه لإنجاح تلك المنظومة وهى ضرورة رفع الوعي البيئي لدى المواطنين في التعامل مع المخلفات وتداعياتها على الصحة العامة والبيئة،
مع ضرورة البدء في إجراءات إغلاق أماكن التجميع العشوائية للمخلفات بشكل آمن،
بحيث يتم مسح ومعالجة المنطقة بالكامل بيئياً بالاستعانة بالخبرات المتخصصة لتفادي وجود أي بقايا أو انبعاثات ضارة.
بقلم/دكتور عمرويوسف
الخبير والباحث في اقتصاديات التشريعات المالية والضريبة