بقلم/دكتور رمزي الجرم
على الرغم من استمرار أمد الأزمة المالية العاتية التي سبيتها جائحة كورونا على كافة الاقتصادات العالمية، ومن بينها الاقتصاد المصري،
إلا أن الأخير، اثبت خلال تلك الأزمة، تصديه بشكل غير مسبوق، لكافة التداعيات والتحديات على كافة الأصعدة، تبدى ذلك، في الاستمرار في تحقيق معدلات نمو اقتصادي موجب قد يصل الى نحو 3٪، وتوقعات كثير من المؤسسات المالية العالمية،
بتحقيق معدل نمو في حدود 5.5٪ خلال العام المالي القادم، مع تحقيق فائض أولى بمعدل 1.2٪، ثم يأتي اعلان وزارة التجارة والصناعة المصرية، عن ارتفاع الصادرات غير البترولية في سبتمبر 2021، بمعدل 16٪، لتسجل 2.560 مليار دولار، ارتفاعاً من 2.212 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، بفارق قدره 349 مليون دولار، لكي يؤكد على القوة المؤسسية للاقتصاد المصري في التصدي لأي صدمات مالية حالية أو متوقعة.
وفي المقابل من ذلك، شهدت الواردات المصرية، تراجعاً ملحوظاً خلال شهر سبتمبر 2021، بمعدل 7٪ على أساس سنوي، لتبلغ 4.914 مليار دولار، مقارنة بنحو 5.297 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق له، مما أدى إلى انخفاض عجز الميزان التجاري بمعدل 24٪، ليسجل 2.35 مليار دولار، مقارنة بنحو 3.08 مليار دولار خلال شهر سبتمبر 2020،
ويأتي ذلك، استكمالاً لمعدلات الزيادة التي شهدتها الصادرات السلعية من بداية العام الماضي، والتي بلغت معدلاتها خلال التسعة أشهر الاولى عام 2020 بنحو 25٪ من العام السابق له.
ومن الجدير بالذكر، أن الصادرات المصرية خلال شهر سبتمبر 2021 لدول الاتحاد الأوربي، قد بلغت 739 مليون دولار، بزيادة قدرها 60٪، وبلغت الصادرات المصرية للولايات المتحدة الأمريكية عن نفس الشهر، نحو 205 مليون دولار، بمعدل 52٪، كما بلغت للدول الأفريقية(دون الدول العربية ) نحو 171 مليون دولار، بمعدل زيادة قدرها 31٪، اما باقي الأسواق الأخرى، فقد بلغت أيضا، قيمة الصادرات المصرية خلال شهر سبتمبر 2021، ماقيمته 686 مليون دولار، بمعدل 16٪.
واذا ما قمنا بتحليل اكبر عشر دول مستقبلة للصادرات المصرية، سنجدها على النحو التالي : أمريكا، السعودية، تركيا، إيطاليا، مالطا، الإمارات، أسبانيا، بريطانيا، أيرلندا الشمالية، ليبيا؛
في المقابل لذلك، نجد أن أكبر عشر دول مُصدرة للسوق المصرب، سنجدها : الصين، أمريكا، ألمانيا، تركيا، إيطاليا، روسيا، الهند، الإمارات، السعودية، البرازيل، لتوضيح ان هناك دول كثيرة مُصدرة للسوق المصري، وفي نفس الوقت مُستقبلة للمنتجات المصرية،
مما سيجعل هناك المزيد من أوجه التعاون المشترك، وامكانية زيادة معدل التبادل التجاري فيما بين مصر، وتلك الدول، مع العمل على فتح آفاق جديدة، مع الدول التي لم تستقبل منتجات مصرية، وفي نفس الوقت، يستقبل السوق المصري منتجاتها.
على جانب اخر، نجد أن الحكومة تتبني خلال الفترة الحالية التوجه نحو الإعتماد على تنمية الصادرات من السلع الحرفية، كأحد الآليات لتشجيع صغار الصناع، وزيادة مكون السلع الصناعية والحرفية في أرقام الناتج المحلي الاجمالي،
من خلال تبني برنامج للصادرات مبسط، وصرف المبالغ المستحقة المصدرين من وقت تسليم مستندات الشحن، ومناقشة التشوهات الجمركية، وربط المواني البرية والبحرية والجوية بمنصة الكترونية عبر منصة الشباك الواحد،
بهدف سرعة الإفراج الجمركي عن السلع وبأقل تكلفة، فضلا عن تعميق التصنيع المحلي، كبديل للاستيراد، وانتاج فائض لزيادة الطاقة التصديرية، خصوصا فيما يتعلق بالسلع التي لا تعتمد على مكونات تكنولوجية عالية، والتي يتم استيراد اغلبها من دولة الصين.
كما ان اطلاق وزارة المالية لمباردة السداد النقدي الفوري المتأخرة لدى صندوق تنمية الصادرات، والذي يسمح بالسداد الفوري لتلك المستحقات بخصم سداد معجل بمعدل 15٪، بدلاً من سدادها على أربع أو خمس سنوات، كان له اثراً كبيراً في توفير سيولة نقدية تُمّكن شركات قطاع التصدير في الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها، فضلاً عن الحفاص على العمالة في هذا القطاع الحيوي.
وعلى الرغم من أن قطاع الصادرات المصرية، يسير نحو الامام بوتيرة متسارعة، إلا أن هذا القطاع مازال يواجه الكثير من التحديات خصوصا في ظل الجائحة الصحية الحالية،
وبما يستدعي ضرورة توفير حُزمة من التسهيلات لهذا القطاع الحيوي، القادر على معالجة نقص الموارد من العملات الأجنبية، وتحسين وضع ميزان المدفوعات وزيادة قيمة الاحتياطي النقدي طرف البنك المركزي بموارد ذاتية،
فضلاً عن ضرورة عمل تحالفات مع بعض الدول العربية والافريقية على هيئة تكتل تجاري، للاستفادة من الوفورات الإقتصادية التي يتمتع لها الدول المشكلة لهذا التكتل.