بقلم / دكتور رمزي الجرم
الخبير الأقتصادي
استكمالاً للدعم العربي لمصر، خلال فترة الأزمات المالية، والذي قد تَعدى نحو 90 مليار دولار حتى عام 2019، سواء كان في صورة دعم مالي أو مُساعدات عينية، ياتي الدعم العربي لمصر في تلك المرحلة شديدة الصعوبة في تاريخ مصر الحديث، على خلفية الحرب الروسية الاوكرانية، والتي صنعت العديد من الأزمات المُتلاحقة والمُتصاعدة بشكل شديد على مستوى الاقتصادات العالمية، والذي كان وقعها اكثر شدة وحدة على الاقتصاد المصري، نظراً لأرتفاع اسعار القمح والحبوب الزراعية، والتي تُمثل الجزء الأكبر من فاتورة الاستيراد لمصر، فضلا عن ارتفاع أسعار النفط بشكل غير مسبوق، وتداعيات ذلك على ارتفاع حاد لأسعار السلع والخدمات.
ومن الجدير بالذكر، أن البنك المركزي المصري، كان قد رفع اسعار الفائدة على الايداع والإقراض لليلة واحدة، بمقدار 100نقطة مئوية بعد فترة طويلة من التثبيت، في جلسة استثنائية يوم 20 من مارس 2022، للعمل على إحتواء جزء من الأزمة، والحفاظ على قيمة الاحتياطيات الدولية طرف البنك المركزي المصري عند الحدود المقبولة، ولكن الأمر، ربما يكون بحاجة إلى ضخ المزيد من الاستثمارات، أو بمعنى آخر، أصبح الوضع أكثر إلحاحاً لاستيراد نقد اجنبي، سواء في صور قروض من المؤسسات المالية العالمية، أو ضخ المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة أو مساعدات أو منح من الدول الصديقة، وبصفة خاصة الدول العربية.
والحقيقة، أنه مع بداية تأثير الازمة على الاقتصاد المصري، وجدنا ان دولة الإمارات العربية المتحدة، قد إشارت الى ضخ ماقيمته ملياري دولار في صورة استثمارات، لشراء حصة قدرها 18٪ من حصة الدولة في البنك التجاري الدولي، حيث استوعبت نصف قيمة الصفقة تقريبا، وباقي الصفقة في شراء أسهم في شركة آمون للادوية وغيرها من الشركات الأخرى، فضلا عن قيام المملكة العربية السعودية، بربط وديعة بمبلغ 5 مليار دولار في البنك المركزي المصري لمدة عام تُجدد لمدد أخرى، كما انها قدمت وديعة أخرى قيمتها 3 مليار دولار في أكتوبر الماضي، وتجديد ودائع سابقة قدرها 2.3 مليار دولار، بالاضافة الى ضخ استثمارات قطرية بقيمة 5 مليار دولار.
يُذكر أن هذا الدعم، يأتي في ظل تراجع قيمة الودائع الخليجية الى 11.9 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2021، مقابل 15 مليار دولار في يونيو من نفس العام، حيث توزعت الودائع الخليجية، بين الإمارات العربية المتحدة بقيمة قدرها 5.67 دولار، ونحو 4 مليار دولار للكويت، يستحق نصفها في ابريل 2022، والنصف الاخر في سبتمبر من نفس العام، ونحو 2.3 مليار دولار للسعودية.
الا ان هذا الدعم، سواء في صورة استثمارات مالية أو ايداع ودائع طرف البنك المركزي المصري، بالإضافة إلى الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، على الحصول على تسهيل ائتمان للطوارئ بقيمة تُقدر بنحو 3 مليار دولار بفائدة اقل من 2٪، وهي أقل بكثير من الفائدة في الأسواق العالمية، سوف يدعم سوق الصرف الأجنبي، ومن شأنه الحفاظ على قيمة الاحتياطيات الدولية بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي، في ظل إنخفاض شديد وحاد في الموارد الداخلة بالنقد الأجنبي، نتيجة إصابة قطاع السياحة بصدمة كبيرة، على إث الحرب الروسية الاوكرانية، وإنخفاض قيمة الصادرات خلال الفترة القليلة المُقبلة، مع زيادة فاتورة الاستيراد بشكل كبير، نتيجة ارتفاع أسعار القمح والمُنتجات الغذائية الأخرى المستوردة، فضلا على ارتفاع أسعار الطاقة، وتداعيات ذلك على ارتفاع مُتصاعد في أسعار السلع الغذائية الأساسية في الأسواق المحلية.