الأمن الغذائي العالمي.. أدرج البنك الدولي الأمن الغذائي والتغذوي ضمن التحديات العالمية الثمانية التي يتعين التصدي لها على نطاق واسع، وقام بتعبئة 45 مليار دولار من الموارد لمعالجة القضايا وحماية سبل كسب العيش في جميع أنحاء العالم، متجاوزًا بذلك حجم ارتباطه الأولي المتوقع البالغ 30 مليار دولار والذي أعلنه البنك في مايو 2022.
الأمن الغذائي العالمي
وتشير اوراق وتقارير عن آفاق الأمن الغذائي العالمي الصادر عن البنك الدولي، والذي يتم تحديثه ثلاث مرات في السنة، أحد الموارد الشاملة التي تم إعدادها لدعم هذا المسعى، وتهدف هذه المدونة إلى استخلاص الرؤى والأفكار الرئيسية من أحدث النتائج التي أوردها التقرير وآثارها على الأمن الغذائي في عام 2024 وما يخلف وجدود نحو 943 مليون شخص يواجهون نقصًا حادًا في الأمن الغذائي بحلول عام 2025
ووفق البيانات الرسمية الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وتقرير البنك الدولي عن مستجدات الأمن الغذائي لشهر ديسمبر 2023، تشير أحدث التوقعات إلى أن أوضاع الأمن الغذائي العالمي تستقر بوتيرة بطيئة في عام 2024، لكن التفاوتات بين فئات الدخل تزداد شيئًا فشيئًا.
ويسير التعافي العالمي من جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا بوتيرة بطيئة، مما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي. ويسهم ارتفاع معدلات التضخم، وتشديد السياسات النقدية، وانخفاض الدعم المالي، والظواهر المناخية الحادة في استمرار الضغوط على النمو الاقتصادي العالمي. ونتيجة لذلك، تشير توقعات إصدار شهر أكتوبر 2023 من التقرير مبدئيًا إلى أن معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي الحاد قد وصل إلى ذروة عالمية بلغت 11.9% على مستوى العالم في الفترة 2020-2022، مع تحسن طفيف في المدى القريب إلى 11.8% (2021-2023) و11.6% (2022-2023)، ما يظهر تباينًا كبيرًا بين المناطق وفئات الدخل.
وقد تتوقف التحسينات قصيرة الأجل في انعدام الأمن الغذائي، مما يشكل خطرًا بالوصول إلى مستوى مرتفع جديد يبلغ 943 مليون شخص يواجهون نقصًا حادًا في الأمن الغذائي بحلول عام 2025، وبالنظر إلى عام 2028، من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى 956 مليون نسمة، ما يعني تجنب وصول هذا العدد إلى مليار نسمة بصعوبة في سيناريو تدهور الأوضاع الاقتصادية إذا أخفقت البنوك المركزية في السيطرة على التضخم والاستجابة بمزيد من السياسات المتشددة، مما يؤدي إلى كبح النمو.
يوضح التقرير تفاوتاتٍ صارخة بين فئات الدخل، ما يكشف أن الاستقرار العام في الأمن الغذائي العالمي يخفي تحديات كامنة. وفي حين تظهر الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل تحسنًا واعدًا، فإن الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل لا تحقق سوى مكاسب قصيرة الأجل، وتواجه البلدان منخفضة الدخل زيادة أخرى متوقعة في عدد السكان الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي. وتكشف البيانات عن الاتساع المتواصل في الفجوات مقارنة بالآفاق السابقة، حيث من المتوقع أن تشهد البلدان منخفضة الدخل تحسنًا طفيفًا فقط في معدلات انعدام الأمن الغذائي الحاد بحلول 2027-2029، وبالإضافة إلى ذلك، فإن البلدان الفقيرة المثقلة بالديون معرضة للخطر بشكل خاص، حيث تواجه تحديات اقتصادية ومستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي.
مع تطور ظروف الأمن الغذائي العالمي، تتصاعد المتطلبات المالية لإنشاء شبكات الأمان. ويتوقع التقرير أن تبلغ الاحتياجات التمويلية السنوية 41 مليار دولار في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية وأن تبلغ 47 مليار دولار في البلدان المؤهلة للاقتراض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، أي ما يقرب من ضعف التقديرات السابقة للجائحة. ويزداد التحول نحو البلدان الأقل دخلًا، مما يبرز الحاجة الملحة لتعزيز التدابير التي تحمي الفئات السكانية الأكثر احتياجا.
وتشير التوقعات إلى استمرار الارتفاع في تكاليف شبكات الأمان للبلدان منخفضة الدخل والشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، مما يؤكد على الحاجة إلى سياسات نقدية ومالية فعالة لاستعادة الاستقرار.