تناولت العديد من الأدبيات اثر الاستقرار الأمني والسياسي على التنمية الاقتصادية والذي يعتبرا من أهم محددات من أهم الاستقرار الاقتصادي من العديد من الجوانب في الواقع العملي ولعل من أهم المؤشرات المستخدمة لقياس الاستقرار الأمني كعدد الثورات والانقلابات وعدد حالات الاغتيالات والإرهاب والتي تؤثر بشكل سلبي على التنمية الاقتصادية. ونجد ان الدولة المصرية نجحت خلال الأعوام الماضية في تحقيق الاستقرار الأمني والسيطرة على الأوضاع الأمنية الداخلية، والتعامل مع الاضطرابات الخارجية المحيطة بها المؤثرة على الامن القومي بشكل متزن وصارم سواء من الشرق أو الغرب والتدخل لاحتواء الاضطرابات الخارجية من جهة الجنوب خلال الفترة الحالية.
كما ان مراعاة الأوضاع الاجتماعية من الأمور المؤثرة في النمو والاستقرار الاقتصادي وعلى المستوى الاجتماعي قامت الدولة المصرية من خلال العديد من الإجراءات والبرامج لحماية الأوضاع الاجتماعية وابرزها خلال الفترة الماضية صرف العلاوة الدورية والخاصة والحافز الإضافي في ابريل بدلاً من يوليو بتكلفة سنوية 26 مليار جنية مصري، وتعجيل زيادة المعاشات في ابريل بدلاً من يوليو بتكلفة قدرها 38 مليار سنوياً ليستفيد منها 10 مليون مستحق، فضلاً عن تأجيل الزيادة السعرية المقررة لأسعار الكهرباء للمنازل، وزيادة قاعدة المستفيدين من معاش تكافل وكرامة ومعاش التضامن الاجتماعي بضمن 950 الف اسرة جديدة بتكلفة سنوية 6 مليار ، وزيادة حد الاعفاء الضريبي بنسبة 50% للعاملين بالحكومة والقطاع الخاص، وزيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من برنامجي تكافل وكرامة بنسبة 25% لنحو 5 مليون أسرة ، واطلاق المرحلة الثانية للمشروع القومي لتنمية الريف المصري (مبادرة حياة كريمة) على مستوى 52 مركز ليشمل 1600 قرية لخمة 20 مليون مواطن وبتكلفة تصل الي 400 مليار جنية مصري من اجمالي ترليون جنية مصري للمبادرة بمراحلها الثلاثة. فضلاً عن زيادة البند المخصص للمنح والدعم والمزايا الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة 2023/2024 من 428.5 مليار الي 529.7 مليار والتي تشمل ( دعم المواد البترولية والسلع التموينية والتأمين الصحي والإسكان الاجتماعي ، ومعاش التضامن الاجتماعي) بالإضافة الي دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر سواء على مستوى السياسات المالية او النقدية.
وفي ضوء تعامل الدولة المصرية مع الجانب الأمني والسياسي والاجتماعي خلال الفترة الماضية للحفاظ على تحسن وتيرة الأوضاع الاقتصادية وتحقيق المزيد من النمو والاستقرار الاقتصادي، فضلاً عن عمل الدولة بشكل متوازي في عملية الإصلاح الاقتصادي ( المالي – النقدي – الهيكلي ) مروراً ببرنامج الاصلاح الاقتصادي والذي بدء بتحقيق نتائجه الأولية وتعامل الدولة المصرية مع أزمة فيروس كورونا بفضل الإجراءات المتخذة ببرنامج الإصلاح والتي تبعها ازمة الحرب الروسية الأوكرانية منذ بداية أواخر فبراير 2022 والتي لم يكن متوقع ان تستمر لفترة طويلة، والتي تبعها مجموعة من الاثار الاقتصادية على الاقتصاد المصري
بداية من خروج حوالي 22 مليار دولار امريكي استثمارات غير مباشرة .
تخفيض قيمة الجنية المصري بنسبة تصل الي 97% حتى الأن.
رجوع ظاهرة السوق الموازي للعملات الأجنبية ووجود فجوة بين سعر الدولار الرسمي وبالسوق الموازي تتجاوز 30%
انخفاض حجم الاحتياطي الدولي بنسبة 19.19% ليصل الي 33.14 مليار دولار امريكي في يوليو 2022 مقارنة 40.99 مليار دولار امريكي في فبراير 2022 لتغطية خروج الاستثمارات غير المباشرة وتوفير السلع ليرتفع بشكل نسبي ليصل الي 34.87 مليار دولار امريكي بنهاية يوليو أي بزيادة قدرها 5% خلال عام مقارنة بانخفاض قدره 19.19% خلال 5 شهور فقط .
ارتفاع التضخم بنسب قياسية لم يصل اليها الاقتصاد المصري من قبل ليصل معدل التضخم الأساسي الى 40.73% ومعدل التضخم العام 34.46% في يوليو الماضي.
ارتفاع حجم الدين العام (الداخلي والخارجي) لنسب مرتفعة لتصل الي 113% للناتج المحلي الإجمالي (37% دين خارجي و 63% دين محلي ) ويعتبر ارتفاع الدين العام من الملفات الأكثر تعقيداً، ويبلغ الديون عالمياً حوالي 300 ترليون دولار امريكي ويمثل الدين العام العالمي نسبة 350% من اجمالي الناتج المحلي العالمي.
النظرة السلبة للاقتصاد المصري من مؤسسات التصنيف الائتماني مع توجه مؤسسة موديز لتأجيل دراستها للمراجعة السلبية لمصر
وفي ضوء تلك المشكلات وما تقوم به الدولة المصرية من إجراءات سواء على مستوى السياسات النقدية او السياسات المالية تحتاج الدولة الي وضع خطط على المستوى قصير ومتوسط وطويل الآجل لمعالجة الاوضاع الاقتصادية للحد من تفاقم المشكلة الحالية والحفاظ على الاستقرار الاقتصادى باعتباره قضية أمن قومي وعدم تعرض الاقتصاد القومي لأى ازمات مالية او اقتصادية مستقبلية من خلال التالي :-
الإسراع في وتيرة التحول الرقمي لدمج الاقتصاد غير الرسمي ( الموازي ) للاقتصاد الرسمي من خلال تقديم محفزات للمواطنين وأصحاب المهن والشركات الصغيرة لزيادة نسبة الشمول المالي البالغة 64.8% والتي تبلغ حصيلتها الضريبية حوالي 1.5 ترليون جنية مصري وبالتالي بضم النسبة المتبقية البالغة 35.2% ستجلب حصيلة ضريبية تتجاوز 700 مليار جنية مصري.
دراسة استخدام أداة سعر الفائدة كأحد اهم أدوات السياسة النقدية لاحتواء معدلات التضخم وذلك لان رفع أسعار الفائدة خلال العام الماضي بنسبة تجاوزت10% لم تؤثر في انخفاض التضخم بل ارتفع بشكل قياسي، كما ان رفع أسعار الفائدة يؤثر في خدمة الدين الداخلي وارتفاعه ، بالإضافة الي ان رفع أسعار الفائدة يزيد من الأعباء التمويلية على الشركات والمؤسسات بالسوق المصري وعمليات التوسع والإنتاج وذلك لعدم التأثير على انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
تقديم المزيد من المحفزات للاستثمار المباشر سواء المحلي أو الأجنبي ( إعفاءات ضريبية – رسوم تسجيل وانشاء المصانع – تقيل حجم الإجراءات – …) لزيادة معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي والذي بدورة سيؤثر في تحقيق فائض بالموازنة العامة المصرية لتقليل حجم العجز وتقليص حجم الديون.
العمل على الوقوف على أسباب خسائر 59 هيئة تحصل على دعم من الموازنة العامة المصرية تحصل على دعم من الموازنة العامة المصرية يصل الي 355 مليار جنية مصري وتورد للخزانة العامة للدولة حوالي 185 مليار دنية مصري من خلال لجنة من السادة أعضاء مجلس الشعب والمتخصصين لتحديد طبيعة الأسباب سواء كانت هيكليه ام فنية ام تمويلية.
تقليل التداخلات بين بعض مهام الوزارات والهيئات الاقتصادية بالدولة والتي تؤثر في حدوث عجز بالموازنة العامة المصرية والتي تصل الي حوالي ترليون جنية مصر.
العمل على ربط ملف الدين بكافة الهيئات الاقتصادية بشكل كلي وليس جزئي من خلال إطار عام محدد الإجراءات لفترات زمنية متتالية، مع ضرورة وضع سقف لحد الدين مع إطالة عمر الدين للخروج من الازمة الحالية في الآجل القصير.
التقليل الاعتماد على القروض من المؤسسات الدولية والاعتماد على أداة الصكوك السيادية وذلك لمرونة هيكلها التمويلي وما تتمتع به من قبول على مستوى عالمي سواء على المستوى العربي( الخليجي) او الغربي.
تسريع وتيرة تشغيل القطاع السياحي وذلك لكونه من القطاعات الجاهزة لاستقطاب عملات اجنبية وعمل عروض ذات أسعار مخفضة للسياح خلال الفترة الحالية والتوسع لجذب شرائح جديدة للسياحة المصرية.
الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات التي تعمل عليه مصر حالياً مع ضرورة مراجعة التقييم للمؤسسات المطروحة للوصول للسعر العادل لها دون تقليل فى تقليل في قيمتها في السوق.
بقلم /دكتور أحمد شوقي
الخبير المصرفى