من بين الدروس المستفادة فى أعقاب الأزمة المالية التى مر بها العالم فى عام ٢٠٠٨، هو إدراك أهمية إحداث التوافق بين توجهات الصناعة المصرفية والواقع المجتمعى والبيئى ومن ثم نشأت الحاجة إلى تطبيق مفهوم الصيرفة الخضراء وتعزيز التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والتمويل المستدام فالصيرفة الخضراء تشجع على تبنى الممارسات الصديقة للبيئة وتسهم فى الحد من الآثار السلبية للتغير المناخى بما يعيد توازن النمو العالمى ويعزز من دور الاستدامة كمفهوم مستقبلى يحمل فى طياته فرص نمو للمجتمع والبيئة وقطاع الأعمال بأكمله . كما يمكن تعريف الأعمال المصرفية الخضراء على أنها أنشطة تمويلية من قبل المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية بهدف تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وزيادة مرونة المجتمع تجاه الآثار السلبية لتغير المناخ مع مراعاة أهداف التنمية المستدامة الأخرى مثل النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل والمساواة بين الجنسين .
وقد قام البنك المركزى المصرى ببذل مجهودات لدعم التحول نحو الاقتصاد الاخضر تتماشى مع استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030، والتى تأسست على ثلاثة أبعاد رئيسة تشمل البعد الاقتصادى والاجتماعى والبيئى، وذلك بالإضافة إلى تحسين جودة الحياة، والحفاظ على الموارد الطبيعية ودعم استخدامها والاستثمار بكفاءة وضمان حقوق الأجيال القادمة فى بيئة نظيفة وآمنة وصحية تؤدى إلى تنوع مصادر الإنتاج والأنشطة الاقتصادية بما يضمن حياة أفضل للمواطنين.
و تحرص البنوك المصرية على دعم وتمويل قطاع الاقتصاد الاخضر والمتمثل فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة ، ومشروعات إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة الشمسية ، وذلك لما تمثله هذه المشروعات من دور إيجابى فى الحفاظ على البيئة ، كمثال حى للطاقة النظيفة وشهدت الأونة الاخيرة تعاون البنوك فى منح تمويلات لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة ، وتحرص البنوك وفقا وتعليمات البنك المركزى المصرى على دعم مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بإعتبارها المستقبل للحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن ناحية أخرى يمول البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية نحو 46 مشروعًا عملاقًا في مصر، باستثمارات تقترب من الـ5 مليارت يورو على مدار 6 سنوات .
ويمتلك البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية سياسة توسعية في مصر، تشمل تمويل مشروعات الطاقة، والطرق والمشروعات البيئية، ومشروعات التنمية السياحية، ومشروعات التراث الثقافي، ومشروعات الأسرة المعيلة، ومشروعات التنمية المجتمعية، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فيما تقتصر مشاركته في المشروعات القومية العملاقة، على المشروعات ذات الطابع البيئي، بالإضافة إلى دعم شركات القطاع الخاص العاملة في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة ، وقام بتمويل 1.5 مليارًا يورو بشكل مبدئي خلال 2018.
ويعد البنك العربى الافريقى الدولى أول بنك و الوحيد الذى نجح فى تمويل احد اكبر المشاريع المتقدمة لتوليد الطاقة الشمسية فى مصر خلال المرحلة الأولى، حيث ساهم البنك فى أضخم مشروع لتوليد الطاقة الشمسية بمصر والشرق الاوسط بمنطقة بنبان فى مدينة اسوان ليصبح بذلك أكبر مجمع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة مستهدفة تصل الى 1.8 جيجاوات .
فضلا عن أن البنك العربى الأفريقى الدولى هو المرتب الرئيسى للتمويل الممنوح لمجموعة شركات سكاتك سولار (Scatec Solar Group) لأنشاء 6 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بمنطقة بنبان فى مدينة اسوان بقدرة 400 ميجاوات (تيار مباشر400MW ) وستقوم الستة محطات بإنتاج وبيع القوى الكهربائية من الطاقة المتجددة للحكومة المصرية من خلال عقود شراء تمتد لمدة 25 عام.
وتتجه البنوك إلى الدخول في سوق السندات الخضراء بعد ما لاقت نجاحا كبيرا خلال الفترة الماضية، وطرح البنك التجاري الدولي سندات دولية بقيمة 100 مليار جنيه بنهاية يونيو 2021 في صورة سندات لأجل خمس سنوات ذات عائد ثابت وغير قابلة للاسترداد، ومن المقرر أن تستخدم عائدات الإصدار في تمويل محفظة من القروض الخضراء التي يقدمها البنك التجاري الدولي لعملائه من المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تمويل المصروفات الرأسمالية الخاصة بالمباني الخضراء التابعة للبنك، وبنسبة تصل إلى 20% من إجمالي العائدات.
كما قامت بعض البنوك بتقديم عروض تمويل خاصة للسيارات الصديقة للبيئة، سواء كانت كهربائية بالكامل أو هجينة، إذ أظهرت مواقع بنوك عدة عروضاً خاصة بمختلف أنواع السيارات الصديقة للبيئة،
وقد صرحت السيدة / وكيل مساعد محافظ البنك المركزي للتكنولوجيا المالية والابتكار خلال فعاليات اليوم الرابع لاجتماعات بنك التنمية الأفريقي، ،والذى تم عقده بمدينة شرم الشيخ فى مايو 2023 بأن
• مصر تشهد توسع هائل في مجال التكنولوجيا المالية حيث ارتفع عدد المشروعات بهذا المجال إلى 177 مشروعًا في الوقت الحالي بالمقارنة مع 3 مشروعات فقط عام 2012، واستطاعت اجتذاب الكثير من رؤوس الأموال وتحقيق عوائد كبيرة وأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب التركيز من جانب الدول على دعم أدوات التكنولوجيا المالية والابتكارات الجديدة والتي بدورها ترفع من كفاءة الأطر التنظيمية لأدوات التمويل الجديدة مثل الإقراض الرقمي وإن التكنولوجيا الزراعية تأتي في صدارة الأولويات حيث يجري التعاون مع 5 بنوك لتعزيز وسائل الاستدامة داخل القطاع الزراعي والذي يعد أحد مجالات التنمية في مصر، في ظل اعتماد أكثر من 50% من الأسر المعيشية على الزراعة.
وعلى ذلك نرى أن البنوك المصريه أصبحت تضع على رأس أولوياتها تبنّى ودعم المصادر للاستثمارات والأعمال الصديقة للبيئة، حيث أن القطاع المصرفي المصري أصبح قادرا علي تفعيل أيه نظم تمويليه من شأنها ان تعزز من عمليه التنمية الاقتصاديه المستدامة تماشيا مع رؤيه مصر 2030، حيث يتمتع بقدر من التنافسيه والاحترافيه في إداره اي نظم تمويليه مستحدثه ، وهو مايعد تأكيدا قويا علي قدره البنوك المصريه في جذب الاستثمار النظيف وكذلك دعم الاقتصاد المصري نحو التحول للإقتصاد الاخضر.