الاقتصاد الاخضر هو نوع من الطرق المنظمة لإنشاء مجتمع وبيئة نظيفة ترفع من المستوى الاقتصادي وتدفع المجتمع نحو حياة أفضل، وتحافظ على موازنة البيئة من جميع أشكال التنوع البيئي ويدعم الاقتصاد الأخضر الشامل المساواة في الحقوق بالنسبة للرجال والنساء، وخصوصاً الفئات الفقيرة الضعيفة وموجَّهة للموارد الاقتصادية، والخدمات الأساسية، والملكية والرقابة على الأرض وغيرها من أشكال الملكية، والإرث، والموارد الطبيعية، والتكنولوجيات الجديدة المناسبة والخدمات المالية،
وقد دعت منظمة الأمم المتحدة إلى دعم البلدان المهتمة بالاقتصاد الأخضر من خلال إيجاد الأنماط الملائمة وتوفير الأدوات والمنهجيات، توجيه الاستثمارات نحو بناء رأس المال الطبيعي الذي سيساهم في تكوين انماط الدخل وسبل المعيشة والرفاهية للفقراء. وستسفر هذه الإصلاحات أيضاً عن نمو اقتصادي عام والمزيد من التجارة في السلع المنتجة بطرق مستدامة .
ومن أستعراضنا السابق لمفهوم الاقتصاد الاخضر يتم الاخذ فى الاعتبار أن الاقتصاد الأخضر وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، ولا يعد بديلاً لها كما أنه ييسر تحقيق التكامل بين الأبعاد الأربعة للتنمية المستدامة وهي الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية أو الإدارية ومن الضرورى تطويع الاقتصاد الأخضر مع الأولويات والظروف الوطنية فضلا عن تطبيق مبدأ المسئوليات المشتركة بين الأجهزة المعنية للدولة للانتقال الطوعي صوب الاقتصاد الأخضر.
كما أنه يتعين أن يرتكز الاقتصاد الأخضر على كفاءة الموارد وعلى أنماط استهلاك وإنتاج مستدام والاعتراف بالسيادة الوطنية على الموارد الطبيعية وألا يستخدم الاقتصاد الأخضر كوسيلة لفرض قيود تجارية أو شروط على المعونة أو على تخفيف الدين أخذا فى الاعتبارمعالجة التشوهات التجارية،
ومن أهداف الاقتصاد الأخضراستدامة الإنتاج، والإنتاج بكفاءة، وتحقيق التنمية المستدامة.والتخلص من الفقر ، فضلا عن تسريع التحول الاقتصادي ، النمو الوظيفي وقد أهتمت الحكومة المصرية بالتوجه نحو الاقنصاد الاخضر وأتخذت عدة خطوات نذكر منها على سبيل المثال :-
– تضمنت المستهدفات الرئيسية لبرنامج عمل الحكومة السعي لتحقيق متطلبات التنمية المستدامة بحماية الموارد الطبيعية والاستغلال الرشيد لها، التوسع في استخدام التكنولوجيا النظيفة، والتوسع في مشروعات انتاج الطاقة الجديدة والمتجددة والاستفادة من الإمكانيات الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها مصر من مصادر لإنتاج هذه الطاقة،
– رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة وتسعى مصر إلى تنفيذ خطط طموحة للربط الكهربائي مع دول المنطقة على نحو يجعل من مصر مركزاً للطاقة المتجددة في منطقتها، وقد اعتمد المجلس الاعلى للطاقة الاستراتيجية المصرية للطاقة حتى عام 2035 والذي يستهدف الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في عام 2035، وذلك على النحو التالي (22%خلايا شمسية – 14% رياح – 3% مركزات شمسية – 2% طاقة مائية)
– تبني العديد من المبادرات التي تتيح للقطاع الخاص الاستثمار في مجالات عدة مثل مشاريع تحويل المخلفات إلى طاقة والاستثمار في المخلفات الزراعية والاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحميات الطبيعية، موضحة أن دور المؤسسات الداعمة والتمويلية هو دور رئيسي ويساهم في تسريع عجلة التقدم في كافة مجالات الاقتصاد الأخضر.
– انشاء سوق للسندات الخضراء بهدف التصدي للتغيرات المناخية، ودعم نمو المشاريع الخضراء في مصر. وتعتبر السندات الخضراء من خيارات التمويل المتاحة لشركات القطاع الخاص وكيانات القطاع العام الراغبة في دعم الاستثمارات المناخية والبيئية، .
– اتخذت مصر عدة خطوات نحو التوجه للاقتصاد الأخضر من خلال مبادرة حياة كريمة وتنمية الريف المصري وتوفير مياه صالحة للشرب والصرف الصحي بالقرى الأكثر احتياجا، فضلا عن تنفيذ استراتيجية متكاملة تتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، وتبطين الترع بهدف تحسين جودة الري والبيئة وجودة المنتج والمحافظة على الصحة العامة.
– زيادة الاعتماد على وسائل النقل النظيفة من خلال التوسع في شبكات المترو والقطارات وتوطين صناعة سيارات الكهربائية.
– إعداد استراتيجية شاملة للهيدروجين حيث اتخذت مصر خطوات ملموسة للتوسع في إنتاج الهيدروجين وتوطين هذه الصناعة، في ظل الفرص الواعدة التي تمتلكها السوق المصرية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، في ظل توافر مصادر الطاقة المتجددة والمساحات الواسعة من الأراضي لإقامة المشروعات وجذب الاستثمارات، بما يعزز رؤية الدولة للتحول إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة.
وفى هذا الصدد تبذل الإدارة العامة لاقتصاديات البيئة ونظم الإدارة البيئية التصدي للمخالفات البيئية، لتحقيق الهدف القومي الذي تسعى مصر لتحقيقه وهو التنمية المستدامة. حيث يعد الاقتصاد الأخضر أحد آليات تحقيق التنمية المستدامة، فى ضوء أنطوائه على فرص متنوعة، مثل تشجيع الابتكار، وإنشاء أسواق جديدة، وإيجاد فرص عمل، والإسهام في الحد من الفقر.
الا أن هناك بعض التحديات التي تواجه الدول في مرحلة تحولها إلى الاقتصاد الأخضر والاعتماد على الطاقة النظيفة الخضراء، ونذكر منها على سبيل المثال :-
– عدم التخطيط الجيد والمحكم في مجال السياسات التنموية مما يؤدى الى خلل في تقسيم الوظائف، مع وجود عدد زائد من الموظفين عن حاجة العمل في بعض المصالح ونقض الموارد البشرية في مصالح أخرى، ما يؤدي إلى تفشي البطالة.
– التحول نحو الاقتصاد الأخضر قد يرغم الدول على التخلي عن أنشطة اقتصادية مرتفعة العائد الا انها تضر بالبيئة.
– افتقار بعض المناطق إلى الخدمات الصحية والمياه النظيفة، ونقص كفاءة استخدام المياه العذبة ومصادر الطاقة.
– ارتفاع تكلفة التدهور البيئي مع انتشار الفقر بمعدلات قد تكون مقلقة في بعض الدول.
ومع ظهور المحنة العالمية والتي مر بها الاقتصاد العالمي بداية من عام ٢٠٢٠ وهي وباء كورونا وانتشاره عالميًا، فقد حان الوقت ليتصدر الاقتصاد الأخضر مكانة أكثر بروزًا في قيادة قطار الاقتصاد العالمي، مع ضرورة وضع الخطط المتكاملة والمترابطة دوليًا لدفع وزيادة حجم الاستثمارات المساهمة فى التحول إلى الاقتصاد الأخضر والعمل على سرعة هذا التحول تنفيذا للمسؤلية المجتمعية والبئية .