على ما يبدوا ان الحرب ما زالت هى الحرب بجميع ما يمكن ان تختلقه من أزمات اقتصادية وضغوطات على هياكل الدول المتناحره المالية وذلك بسبب التفرغ التام لتجيهزات الحرب وعتاده وترك مسألة التنمية الاقتصادية على جانب أخر
وذلك فضلا عن دول الدول ذات المصالح والتكتلات فى فرض العقوبات على تلك الدول لتقييد حركة تجاراتها الخارجية مع دول العالم ودول الجوار مما يحدث فجوة داخل تلك الاقتصادات ما لم تزل الحرب قائمة .
ولذلك فإن الاقتصاد الروسي على موعد فى مواجهة مباشرة مع تحديات لم تكن لها وجود لولا الحرب الأوكرانية الحالية بسبب العقوبات الغربية غير المسبوقة على موسكو ,
والذى كان أخرهم هو وضع حد لصادرات النفط الروسية والتى سوف تؤثر بشكل كبير فى أسعار النفط فى العالم صعودا بعدما أشارات الإدارة الروسية بإحتمالية قطع الإمدادات للقارة العجوز
فى حالة ما إذ وضع هذا القرار محل التنفيذ ليؤثر ذلك وبشكل كبير على حجم الإيرادات بموازنة موسكو حيث تعتمد وبشكل كبير على عائد صادرات النفط والغاز للأوروبين بإعتبارهم من أهم المستوردين للطاقة الروسية .
إلا أنه ووفقا للتصريحات الرسمية والتى تشير إلى انخفاض الناتج المحلى الاجمالى لروسيا بالعام الحالى قد لا يتجاوز الـ 3% عكس ما كان متوقع له ووصوله إلى 7% ,
والتى يمكن أرجاعها إلى عدم توقف الامدادات من روسيا إلى دول الجوار وخاصة فى عنصري الطاقة والغذاء , فضلا عن السياسة الروسية فى إدارة الأزمة والتى أبقت على أسعار الغاز والنفط مرتفعه لوجود نقص فى المعروض وبالتالى عدم وجود بديل أرخص .
والجدير بالذكر أن عكس ما كان متوقع من أن العقوبات قد تؤثر وبشكل كبير فى اقتصاد تلك الدول ما يشكل إجبارا بالتخلي عن موقفها تجاه تلك الحرب أو الرضوخ لقرار جمعي بالتوقف الإجباري عن ممارسات العنف المسلح ,
إلا ان تأثر الاقتصاد الروسي وتأزم حركة النمو جاءت أساسا عقب الأزمة المالية العالمية بعام 2008 حتى اللحظة حيث تشهد مستويات المعيشة والدعم المقدم لها تقلصا طفيفا
وذلك وفقا للأرقام المعلنه مقارنه بالعام الماضي ونسب الناتج المحلي الاجمالي من إنخفاض للإنتاج الصناعي نحو أكثر من 4% فضلا عن وصول معدلات التضخم الى نحو 15% وتدني مستوى الأجور بنحو 6% ,
فضلا عن تضرر طفيف أصاب قطاع الطاقة والمواد الخام نتيجة لإرتفاع أسعار النفط وتقييد روسيا نقل الغاز للقارة العجوز , لتتضرر صناعات أيضا فى مجالات صناعة النقل وكابلات الألياف الضوئية لينخفض الإنتاج إلى النصف تقريبا , لتبقى باق الصناعات والتى لا تعتمد على سلاسل إمداد معقده ثابته غير متأثرة قليلا بتلك الأحداث المتعاقبة .
لتبقى الحرب إذن هى الحرب فاذا كانت روسيا قد خصصت تمويلا هائلا لتلك الحرب فعليها مستقبلا تخصيص موارد أكثر لإعادة التهيئة من جديد ,
لينعكس أثار تلك الحرب الاقتصادية ليست على الدول المتناحرة فقط ولكنها تصيب أيضا الأقليات والتى يطلب منها الحشد والدفاع عن فلسفة الحرب لدول الجوار .
وبالرغم من تشديد الكرملين على قدرته على أداء التزاماته المادية وقوة مؤسساته المصرفية إلا أننا نأمل فى القريب العاجل إنهاء هذا الصراع
والذى انهك قوى العالم كله وأدخله فى منزلق التزامات مادية جديدة تضاف إلى مجموعه الأعباء والتى تسببت للعالم بأسره بتضخم غير محتمل
بقلم/د عمرو يوسف
خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية