تعد إشكالية التضخم المرتفع التي يمر بها الاقتصاد المصري من الأمور المتشابكة والمتداخلة مع كافة القطاعات الاقتصادية والإشكاليات الاقتصادية الاخرى، وترجع أهم أسباب التضخم الذي نعيشه حاليا ويعاني منه الاقتصاد والمواطن المصري:
– ارتفاع الأسعار للسلع والمواد الأساسية عالمياً والتي بدأت في مسار نزولي.
– ارتفاع الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي الذي وصل الي حوالي 113%
– وجود عجز بالموازنة العامة المصرية بلغ قيمتة 824 مليار جنية مصري .
– الانخفاض في قيمة الجنيه المصري بنسبة تجاوزت 95% منذ بداية الازمة الروسية الأوكرانية .
وفي أوقات ارتفاع التضخم يتم التعامل معه من خلال خفض الاستهلاك او زيادة الإنتاج، وبالنظر للأسباب المؤدية للتضخم فنجد ان التضخم ناتج من جانب العرض وليس الطلب، كما انه يتم الفاضلة في ظل ارتفاع التضخم ما بين إدارة التضخم وتحقيق الاستقرار المالي.
ومن المتعارف علية ان السياسة النقدية تمتلك السياسة العديد من الأدوات الاتي تجعلها قادرة على التعامل مع التضخم وقد قامت البنوك المركزية باتباع سياسة التشديد النقدي من خلال رفع أسعار الفائدة وزيادة الاحتياطي الالزامي للبنوك العاملة بالقطاع المصرفي المصري، إلا ان سياسة التشديد النقدي لم تؤثر بالشكل المؤثر في احتواء معدلات التضخم والي وصل الي 40% مقارنة بمستهدفاتها 5% ± 2% وذلك لكون التضخم من جانب العرض. ونرى انه يمكن من خلال التأثير على جانب الطلب للمساهمة في خفض حدة التضخم، وذلك لان رفع أسعار الفائدة المتبع لخفض التضخم يؤدي الي ارتفاع مخاطر في الاستقرار المالي ومنها زيادة أعباء خدمة الدين (الفوائد) والتي تمثل 37% بإجمالي 1.12 ترليون جنية مصري من اجمالي جانب المصروفات بالموازنة العامة مقارنة بالأجور وشراء السلع والخدمات والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية وشراء الأصول غير المالية.
ونحن امام الاعتماد على السياسات المالية حيث تساهم المالية في وضع الاقتصاد في مسار أسلم في المدى الطويل من خلال التوزيع العادل للأجور وتطبيق نظام ضريبي عادل وتوفير الخدمات والسلع الأساسية والاستثمار في الرعاية الطبية والتعليم والبنية التحتية.
وبالتالي فيمكن أن يكون الهدف في ظل الظروف الحالية ” الخفض المستدام مستويات التضخم مع الحفاظ على الاستقرار المالي” وليس السعي نحو النمو الاقتصادي فقط.
واشكالية التضخم الحالية يمكن التعامل معها بشكل تدريجي في المدي القصير والطويل ومن اهم الحلول المقترحة: –
– القيام بخفض عجز الموازنة وذلك لما له من أثر في مكون التضخم ولدوه في تهدئه حدة التضخم، من خلال معالجة إشكالية 59 هيئة اقتصادية تقوم بتوريد فوائضها للموازنة بنسبة لم تتجاوز 50% من اجمالي ما تحصل علية من دعم بالموازنة البلغ 355 مليار جنية.
– التوقف عن رفع المركزي المصري لأسعار الفائدة وذلك لأثرها في ارتفاع مديونيات الحكومة والشركات وزيادة مخاطر التعثر المالي واثره غير المباشر في ارتفاع أسعار السلع والمنتجات والسلع الأساسية.
– العمل على تفعيل برامج الدعم النقدي بدلاً من الدعم السلعي لتوفير السيولة للمواطن المصري وتوجيه الدعم للفئات الأكثر احتياجاً او ضعفاً بدلا من زيادة المعروض النقدي.
– التفعيل لمبدأ الرقابة الشاملة في الأسواق منذ دخول مستلزمات الإنتاج والتحول نحو المنتج النهائي وتجار الجملة والتجزئة وذلك لكون الرقابة الشاملة ستؤثر بشكل فوري في أسعار السلع والمنتجات والحفاظ على استقرارها في الأسواق.
– العمل على تفعيل عقود التمويل لتوفير المنتجات الزراعية ما بين الحكومة والمزارعين كصيغة السلم والسلم الموازي والتي تعد من أبرز الصيغ المطبقة في العديد من الدول وكذا صيغة المزارعة والمساقاة وغيرها من الصيغ وذلك لدورها في الحفاظ عل استقرار السلع الزراعية في ظل إشكالية الامن الغذائي الذي يعيش فيه العالم حالياً وللقضاء على الحلقات البينية والتجار الوسيطة والتي تؤثر في ارتفاع الأسعار للمنتجات الزراعية.
– تقديم المزيد من الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من خلال جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمركزي المصري وذلك لدورها في قيام العديد من الاقتصاديات وتوفير السلع والمنتجات المحلية بتكلفة اقل من السلع المستورة مع الحفاظ على جودة مقبولة للمواطن المصري فضلاً عن مدى مساهمة تلك المشروعات في استقطاب العمالة والتأثير على زيادة معدلات التشغيل وتقليل البطالة.
– التفعيل السريع لمؤشر الجنية المصري للتخلص من أزمة ربط الجنية المصري بالدولار امريكي وللحد من السوق الموازي للدولار الأمريكي لأدني مستوى ممكن حيث لانخفاض قيمة الجنية اثر كبير في ارتفاع التضخم الحالي.
– تركز الانفاق الحكومي والفردي في الفترة الحالية وفقاً للأولويات (الضروريات ثم الحاجيات ثم التحسينات)
بقلم / دكتور أحمد شوقي
الخبير المصرفى