البنك الإسلامي للتنمية | لابد من تدخل حكومي لتوسيع خدمات الرقمنة والتحول الرقمي
ناقش المشاركون في جلسة تعزيز الرقمنة والحكومة الإلكترونية لدى البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية، ضرورة العمل الجاد والتحرك الفعال من أجل التصدي للتحديات المتعلقة بالرقمنة وأنظمة الحكومة الإلكترونية والتحول الرقمي، والاتفاق على منظور إقليمي لمواجهة المشكلات التي تحد من الانطلاق في هذا المجال، وأن يكون هناك دور حكومي للعمل على التوسع في خدمات الرقمنة والتحول الرقمي.
ودعوا إلى ضرورة وجود نظام بيئي ناجح لإنشاء وتنفيذ خدمات الحكومة الإلكترونية، وأن يكون هناك تنسيق وتعاون وشراكة بين القطاعين العام والخاص في إنشاء أنظمة وخدمات حكومية إلكترونية ناجحة، وأن يتواكب ذلك مع مهام ومسئوليات منظمات المجتمع المدني للمشاركة في هذا الصدد وشددوا على أهمية الرقمنة والحكومة الإلكترونية في دعم خطط وبرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والفعالة للمواطنين.
وشهدت الجلسة – التي عقدت في باكورة إالأنشطة التي تشتمل عليها اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي للتنمية التي انطلقت اليوم، الأربعاء، بمدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية وتستمر حتى السبت المقبل – مناقشات ساخنة حول سبل تعزيز الرقمنة والحكومة الإلكترونية كعامل تمكين رئيسي للتعافي الشامل من تداعيات جائحة كوفيد 19 وتعزيز التنمية المستدامة.
وكشف عامر بوكفيتش، نائب المدير العام بالبنك الإسلامي للتنمية للممارسات العالمية والشراكات، أن البنك سوف يعمل من خلال خارطة للطريق من أجل تقليل الفجوة الرقمية، وأنه سيتم إطلاق استراتيجية للشمول الرقمي 2025 العام المقبل والعمل على تشجيع جميع الهيئات والمؤسسات والأطراف للمشاركة فيها.
وقال عامر بوكفيتش، خلال جلسة على هامش الاجتماعات التحضيرية لمجموعة البنك الإسلامي بعنوان “تعزيز الرقمنة والحكومة الإلكترونية لدى البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية”، إن ذلك سوف يتواكب مع العمل الجاد من جانب البنك على إشراك المنظمات كافة وجميع الهيئات الأممية من أجل تطوير الاقتصاد الرقمي.
وأضاف أن البنك الإسلامي للتنمية استثمر نحو ملياري دولار في مجال تعزيز التكنولوجيا المالية، لافتا إلى أن جائحة كوفيد 19 أظهرت بجلاء مدى أهمية تطوير وتحديث وتقوية البنية التحتية للاتصالات سواء للشركات أو الأفراد، وأيضا فيما يتعلق بالتحرك على مستوى الدولة، أو ما يرتبط بالاتصال البسيط أو الاتصال ذي المعنى من خلال التشارك في التقدم أو التحسين المتواصل لنفاذ رقمي وضمان التنمية البشرية، وتابع: “المدن الذكية ستكون بلا جدال القوة الحقيقية الدافعة للاقتصاد”.
وأوضح أنه مع تزايد وتيرة الاتصالات بات ضروريا إحداث نقلة ملموسة، لا سيما وأنه لدينا فرص لتحسين التنمية المستدامة والعمل على تيسير وتسهيل نفاذ البشر إلى ال‘نترنت.
واستطرد: “هناك ما يصل إلى 3.7 مليار شخص يمثلون نحو نصف سكان الأرض يعانون من مشكلات ملحوظة في الوصول والنفاذ إلى الإنترنت، وغالبيتهم يقطنون البلدان الأقل نمواً، والأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية”.
ونقل عن الاتحاد الدولي للاتصالات أن العالم بحاجة إلى نحو 428 بليون دولار لضمان وصول الاتصالات والنفاذ إلى الإنترنت بحلول 2030.
وأشار إلى أن الدراسات العديدة أكدت أن تعزيز الرقمنة يسهم في تقليل ما يقترب من 50% من التداعيات والسلبيات التي خلفتها الجائحة، لافتا إلى أنه لاتزال لدينا فرص لتحقيق نقلة في هذا الصدد.
وفي كلمته، قال شريف محمد فريد، رئيس البريد بجمهورية مصر العربية، الذي يرجع إنشاؤه إلى عام 1865، إن مؤسسته اعتمدت في كل أعمال تطويرها على الابتكار باعتباره إحدى الدعائم الرئيسية للعمل.
وأكد شريف محمد فريد، خلال جلسة تعزيز الرقمنة والحكومة الإلكترونية لدى البلدان الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية على هامش الاجتماعات التحضيرية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، أن البريد المصري تمكن من تحقيق نقلة في التعامل مع فئات المجتمع والمواطنين كافة بعد أن كان مقتصرا على فئة بعينها.
وأضاف: “التحول الرقمي وإنترنت الأشياء مهدا الطريق لخدمات أوسع وأكثر شمولا، لا سيما وأننا كنا نعتمد في كل أعمال التطوير على كيفية قياس ما يتحقق من نتائج إيجابية، إذ لا يمكن التطوير دون القياس”.
وأشار إلى أنه لم يكن بمقدور البريد المصري أن يقوم بدور ملموس في ظل جائحة كوفيد 19 بغير التحول الرقمي؛ وتبادل الخبرات وتنمية المهارات، وهي الأمور التي وجدت لها صدى واسعا عبر التوسع في الخدمات البريدية وخدمات القطاع المصرفي، وأيضا ما يتم تقديمه من خلال القطاع الحكومي.
وشدد على أنه تمت مراعات الاحتياجات المتصاعدة لفئات محددة من المواطنين كالشباب بآليات وبرامج تلبي احتياجاتهم مثل تطبيق “يلا” الذي يحقق احتياجات فئة الشباب الإلكترونية.
وقال حسن ناصر، نائب رئيس منظمة التعاون الرقمي بالمملكة العربية السعودية، إن المنظمة بدأت أعمالها في مجال التعاون الرقمي منذ عامين، وإنها تواصل توسعها من خلال انضمام شركاء جدد ودعوة المنظمات الدولية من أجل الشراكة والعمل والتعاون، وذلك من أجل تحقيق الازدهار المأمول للتحول الرقمي وأن يكون التعاون في هذا الشأن واقعا ملموسا، مشيرا إلى أن جائحة كوفيد 19 أسهمت في تسريع وتيرة التكنولوجيا وضرورة أن يكون التحول الرقمي شاملا ومستداما.
وأضاف: “من سيتخلف عن التحول الرقمي لن يحقق الاستفادة المرجوة من الاقتصاد الرقمي”.
وحذر من خطورة الافتقاد المعرفي الذي يحرم نحو 60% من الناس من الاستفادة والتعامل بشكل صحيح مع الإنترنت.
ودعا إلى ضرورة أن يتكاتف الجميع ويتعاضدوا من أجل العمل على تحقيق تطور ملموس في التعامل مع الخدمات الرقمية، والعمل على تقليل الفجوة ما بين العرض والطلب في هذا الأمر الحيوي والجوهري، كما حذر من انعدام الثقة ما بين المواطنين وتحرك الحكومات في مجال التحول الرقمي وطمأنة الناس وزيادة ثقتهم في يتعلق بنقل البيانات وتأمينها.
وفي كلمته، قال صفا أوصلو، رئيس قسم العلاقات الدولية بمكتب التحول الرقمي بجمهورية تركيا، إن المكتب يتعاون مع الوزارات المختلفة بدولته، مشيرا في هذا الصدد إلى أن المكتب يضطلع بمسئوليات كبيرة في التحول الرقمي والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والحوكمة.
وأضاف: “من البداية عملنا على التجاوب مع الأحداث كافة بالعالم، وقمنا بوضع لوائحة محددة لكل مجال من المجالات التي نعمل عليها ضمن منظومة متكاملة للتحول الرقمي”.
وتابع: “تصدينا بقوة لما واجهناه من تحديات، أولها كان تحديات عميقة غير مرئية، خصوصا ما يتعلق بالقيم الإسلامية، وهو الأمر الذي ناقشناه مع متخصصين وأكاديميين، وكذلك عملنا على الحد من انتهاكات الخصوصية وتحديد جميع المواقف المتعلقة بها وفق النهج الإسلامي، وثانيها، التحديات الواضحة والمحددة خاصة الأمور المرتبطة بالعرض والطلب وتقليل الفحوة ما بينهما ورفع الوعي بكيفية استخدام التقنيات الرقمية، وكان لا بد من سد الفجوة ما بين أهمية استخدام تلك التقنيات والعمل على التعامل بها”.
وشارك في الجلسة جيهون سلمانوف، نائب رئيس الوكالة الحكومية للخدمة العامة والابتكارات الاجتماعية بجمهورية أذربيجان، والذي استعرض تجربة بلاده الناجحة في التحول الرقمي، وتناول إنشاء الوكالة الحكومية للابتكارات وقال إنها حظيت بدعم رئيس الدولة.
وأضاف: “حرصنا على أن نركز في التبسيط قبل التحول الأوتوماتيكي المفاجئ والاهتمام بتطبيق أفكار جديدة ومبتكرة للتحول الرقمي، وبالفعل بدأنا التحول عام 2003 من خلال استراتيجية شارك فيها الجميع، وخلال مدة استمرت نحو 10 سنوات أنشأنا 10 منظمات حكومية وقدمنا نحو 320 خدمة للمواطنين، وكان هناك تعاون مثمر مع القطاع الخاص والمجتمع المدني أثمر بصورة كبيرة نجاحا ملحوظا للتحول الرقمي واستحقت عنه الدولة جائزة أممية في التحول الرقمي الناجح”.
وتابع: “استمرت النجاحات بالعمل على زيادة المهارات وجذب المبرمجين وتشجيعهم وبناء شراكة فاعلة بين أجهزة ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني رغم العقبات والعوائق، وفي مقمتها المقاومة الملحوظة من جانب المسئولين الحكوميين الذين كانوا يستفيدون بشكل شخصي من البيروقراطية، أما الآن فيتم العمل مع دول أخرى لنقل تجربتنا منها أفغانستان والمملكة المغربية والجبل الأسود”.
وتناول آبوسي آكوي كباكبو، مدير الاقتصاد الرقمي بالاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، ما تحقق من تعاون مع البنك الإسلامي للتنمية، خاصة في تطوير برنامج للاقتصاد الرقمي، وقال: “نعتبر ما جرى من تحول رقمي في غرب أفريقيا بمثابة ثورة، فقد أصبحت العديد من الخدمات متاحة، ونسعى بشكل جاد في تعزيز الخدمات المقدمة للمواطنين بدلا من إهدار الوقت من أجل الانتهاء من خدمات بسيطة يمكن حسمها وإنجازها في وقت قصير وتوقيتات مناسبة”.
وأضاف أنه تم تحقيق نجاحات ملموسة دفعتنا إلى ضرورة العمل على أن نتشارك التجربة مع الآخرين وننقل خبراتنا في هذا الشأن.
وفي ختام الجلسة، أجاب المشاركون عن سؤال محدد حول التعامل الناجح مع التحديات التي واجهتها تجاربهم في التحول الرقمي، واتفقوا على أن الثقة كانت العنصر الفعال والحاسم في القضاء على التحديات.
وأشاروا إلى أهمية أن يكون هناك دور فاعل للدولة وضرورة الاستثمار الجاد ودفع الاستثمارات الرقمية والشراكة الناجحة بين المؤسسات العاملة في التحول الرقمي، وأن تبذل الحكومات المزيد من الجهد والتنظيم وتضع اللوائح اللازمة وإتاحة التمويل اللازم الذي يدعم ويعزز الرقمنة والتحول الرقمي.
- تابعنا على فيسوكتابعنا دائمًا على موقع سبيد نيوز لمعرفة أحدث الأخبار الاقتصادية