تحسم لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، في رابع اجتماع لها خلال العام الجاري، اليوم الخميس 23 يونيو 2022، مصير أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.
حبث أكد البعض اتجاه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، لتثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض مرجحين ذلك لرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 3% خلال العام الحالى وهو ما يتناسب مع معدلات التضخم الحالية.
في حين ترى بعض شركات البحوث، أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، قد تتجه لرفع أسعار الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% إلي 2% في محاولة منها لمواكبة التقديرات الخارجية خاصة مع رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة مرة أخرى بنسبة بلغت 0.75% في اجتماعه الأسبوع الماضي.
وكانت قد قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصـري في اجتماعهـا الاستثنائى الأخير في 21 مارس 2022 رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل الى 9,25٪ و10,25٪ و9,75٪، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9,75٪
هل يرفع المركزي سعر الفائدة بعد قرار الفيدرالي؟
وقال أيمن فودة الخبير الاقتصادى، إن اجتماع البنك المركزى المصرى اليوم سيأخد فى الاعتبار الرفع الاخير الفيدرالى الأمريكى 0.75٪، مشيرا إلى أن المركزى قد سلك فى اجتماعيه الأخيرين نفس النهج برفع الفائدة أربعة أضعاف ما رفعه الفيدرالى الأمريكى فى محاولة لمضاهاة تأثير ذلك على ارتفاع التضخم فى مصر .. و كان آخرها فى اجتماع مايو الماضى الذى رفع فيه الفائدة ب 2% بعد رفع الفيدرالى 0.5% فى الاجتماع السابق له بنفس الشهر فيما رفعت كافة اقتصادات الخليج فائدتها لتتساوى عند 2.5% ..
وأضاف الخبير: إلا أن الحالة المصرية لها طابعها الخاص بالرغم من ارتفاع التضخم عن شهر مايو ليتجاوز ال 15% ..فيما لازالت الفائدة الحقيقية تقترب من سالب 3 % و هو ما ينذر باستمرار اتجاه السياسة النقدية لرفع الفائدة بنسبة 2% أو تزيد
شهادات الادخار الثلاثية
واكد فوده، أنه مع وجود شهادات الادخار الثلاثية المصدرة فى معظم البنوك بنسب تتراوح بين 13.5 – 15% و كذلك سحب سيولة كبيرة تقترب من ال 750 مليار جنيه من خلال شهادة ال 18% التى أطلقها بنكى الأهلى و مصر فإن تلك الخطوات الاستباقية قد تخفف من تشدد السياسة النقدية فى اجتماع اليوم ليتجه إلى الرفع البسيط الذى لا يتجاوز ال 1%.
وأوضح فوده أن اقتصار الرفع على 1٪ سيكون للتخفيف من حدة ارتفاع فوائد الدين الحكومى، و كذلك لعدم إضافة أعباء جديدة على الموازنة العامة و الاهم من ذلك هو عدم التأثير أكثر على بيئة الاستثمار من رفع تكلفة التمويل بالاقراض و الذى سينعكس سلبا على العديد من القطاعات و فى مقدمتها قطاع العقارى و مواد التشييد و البناء و كافة القطاعات الاستهلاكية التى تعتمد أيضا على الإقراض .
كما قال الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادى، إن تَصاعد حِدة الأزمة المالية الجارية، وتَسارع وتيرتها، سوف يكون حاضراً على كامل المشهد في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري المُقرر عقده الخميس الموافق 23 من الشهر الجاري، فضلاً عن تداعيات قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، برفع اسعار الفائدة الامريكية بواقع 0.75٪ (75 نقطة اساس) في نطاق 1.5٪& 1.75٪ ولاول مرة يحدث ذلك منذ عام 1994 وعلى خلفية ان هذا المعدل كان خارج التوقعات إلى حد ما، حيث كانت تشير التوقعات إلى رفع في حدود 0.25٪ أو على اقصى تقدير عند مستوى 0.5٪.
هل يرفع المركزي سعر الفائدة؟
ومن الجدير بالذكر، أن تَبني الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة الامريكية بواقع 0.75٪ ربما يرجع بشكل اساسي إلى تصاعد حدة التضخم بنهاية مايو الماضي إلى مستوى 8.6٪ مقابل 8.3٪ في الشهر السابق له من نفس العام 2022، مع العلم ان مستوى التضخم كان قد سجل 8.5٪ في مارس من نفس العام، ويحاول الفيدرالي الأمريكي، الوصول بمعدل التضخم إلى مستوى 2٪
وأضاف الجرم: أما بالنسبة لتداعيات ذلك على الأسواق الناشئة، وبشكل خاص على الاقتصاد المصري، فمن المتوقع أن هذا الأمر، سوف يكون له تداعيات سلبية شديدة على الاقتصاد، خصوصاً أن تلك الاقتصادات مرتبطة ارتباطاً قوية بالاقتصاد الأمريكي، مما سيؤدي إلى انتقال عدوى الأزمة المالية إلى تلك الأسواق بشكل أسرع، نتيجة هذا الارتباط القوى.
رفع أسعار الفائدة الأمريكية
وأوضح الخبير ، أن رفع سعر الفائدة الامريكية، لثلاث مرات متتالية، مع توقعات بوجود المزيد من رفع للفائدة غير متوقع في المرات القادمة، سوف يؤدي الى نزوح المزيد من الأموال الساخنة نحو الأسواق الغربية وادوات الدين في الاقتصاد الأمريكي، مثل السندات واذون الخزانة، للاستفادة من اسعار الفائدة المرتفعة، وتدنى معدل المخاطر، في ظل التوترات الجيوسياسية، وحالة الضبابية وعدم اليقين التي تواجه الاقتصاد العالمي، فضلاً عما ستشهده أسواق الذهب من حالة عدم الاستقرار.
ويرى الجرم الرغم من زيادة شبح التضخم من جديد في شأن الاقتصاد المصري، والذي كسر حاجز 15٪ على اقل تقدير، إلا أنه من المتوقع أن يتجه نحو الرفع التدريجي لأسعار الفائدة على الإيداع والاقراض، ولكن ليس بهذه الوتيرة، فمن المُمكن أن يكون عند مستوى 0.5٪(50 نقطة أساس) على خلفية ان التضخم الذي يواجه الاقتصاد المصري، ناتج عن ارتفاع تكاليف السلع والخدمات، وارتفاع تكاليف السلع المستوردة، وليس بسبب زيادة الكتلة النقدية في الأسواق، كما انه من غير المتوقع أن يكون هناك تخفيض للعملة مرة أخرى، كما حدث في مارس من العام الجاري، ومن ثم، من المتوقع الا يكون هناك طرح لشهادات ايداع بأسعار تزيد عن 14٪ بعد إيقاف شهادات الإيداع ذات عائد 18٪ خلال الفترة القليلة الماضية.
نزوح الأموال الساخنة
وتَجدُر الإشارة، إلى التَخوف من نزوح قدر كبير من الأموال الساخنة، للاستثمار في إذون الخزانة والسندات الامريكية؛ لم يَعد الأهم على مائدة اجتماع لجنة السياسة النقدية، كما سبق، بعدما خرج ما يعادل 20 مليار دولار في سابقة لم تحدث من قبل، مما أدى إلى إنخفاض شديد في صافي الأصول الأجنبية ليصل لنحو سالب 221 مليار دولار مع نهاية مارس الماضي ، من نحو سالب 51 مليار دولار في الشهر السابق له، بعد تحقيق رقم موجب بنحو 186 مليار دولار، قبل ذلك التاريخ بنحو 6 شهور، وبما يشير إلى ما كان يُخشى منه، قد حدث، فلا توجد ثَمة مُبررات قوية، لرفع اسعار الفائدة على الإيداع والاقراض، بمعدلات اكبر مما تم ذكره سلفاً.
قال الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى، إنه في ظل حالة ارتفاع التوترات الاقتصادية ما زال سيناريو رفع سعر الفائدة هو الأقرب للجنة السياسات النقدية خلال اجتماعها المقبل في 23 يونيو 2022 شأنها شأن اغلب البنوك المركزية والتي استخدمت أداه سعر الفائدة والتي تعد الأداة الاكثر تطبيقا للحد من مخاطر ارتفاع التضخم حيث قامت لجنة السياسات النقدية برفع أسعار الفائدة بنسبة 3% منذ بداية الأزمة الحالية لتصل الي 11.25% للإيداع و 12.25% للإقراض والتي تعد من الإجراءات الاستباقية في ظل الظروف المعقدة وارتفاع وتيرة الاحداث للازمة الروسية الأوكرانية ما بين لحظة واخرى
رفع سعر الفائدة والاستثمارات الأجنبية
وأضاف شوقى: فضلا عن الاستمرار فى الحفاظ على الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية والتي خرج أغلبها منذ اجتماع الفيدرالي الماضي، بالاضافة الي السعي الدائم الي الحفاظ على توازن الأسعار في السوق للحد من زيادة التضخم، و الحفاظ على معدلات السيولة الحالية والحد من الانفاق الاستهلاكي حيث تمثل نسبة التمويلات للقطاع العائلي حوالي 32% من اجمالي محفظة التمويلات بالقطاع المصرفي المصري .
وتوقع الخبير أنه قد تسعي لجنة السياسات النقدية الي ارجاء زيادة أسعار الفائدة للاجتماعات المقبلة بداية من اجتماع أغسطس حتى نهاية العام في ضوء المتغيرات الاقتصادية الخارجية والداخلية والإبقاء علي أسعار الفائدة للحفاظ على تكلفة التمويل للقطاع الزراعي والصناعي والذي عدا من أهم القطاعات التي تسعى الدولة لدعمهما خلال الأعوام القليلة الماضية والتي تدعم توجه الدولة المصرية لتحقيق معدل نمو يتجاوز 5.5% خلال العام الحالي
زيادة أعباء تكلفة خدمة الدين
بالإضافة التي الحفاظ على عدم زيادة أعباء تكلفة خدمة الدين والتي تصل إلي 50 مليار جنية مصري مقابل كل زيادة بنسبة 1% في أسعار الفائدة .
استمرارية السياسات المالية والسياسات النقدية المصرية في تقديم الدعم لكافة القطاعات الاقتصادية والتي كان لها دورا في احتواء الضغوط التضخمية العالمية والحفاظ على عدم زيادة الأسعار للمنتجات والسلع الأساسية بنسب كبيرة مقارنة بالأسعار العالمية للمنتجات كالزيت والقمح والبترول وزيت الطعام وتحقيق معدل تضخم منخفض عن التوقعات ليصل الي 13.5% في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم الآن.