كالعادة بالغت البورصة المصرية في تأثرها بالانخفاضات التي حدثت في البورصات العالمية على أثر إعلان رئيس الفيدرالي الأمريكي عن تثبيت الفيدرالي لأسعار الفائدة للمرة السادسة على التوالي، والإعلان عن مؤشرات الاقتصاد الأمريكي والتي أظهرت انخفاضًا في عدد الوظائف.
وكالعادة، صدرت الولايات المتحدة للعالم كله المخاوف من عواقب الركود الاقتصادي المحتمل، والذي أتوقع أن يعود ويتحدث عنه رئيس الفيدرالي عند تحديد أسعار الفائدة الشهر المقبل، ليقول “لقد بالغنا في التشاؤم”. حيث من المتوقع أن يلجأ الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل.
وليست هذه المرة الأولى التي تبث فيها الولايات المتحدة المخاوف من الركود العالمي، فهي تحاول مرارًا وتكرارًا التأثير على الاقتصادات العالمية. فقد شهدنا كل أزماتها بدءًا من الأزمة المالية العالمية سنة 2008، مرورًا بأزمات البنوك الأمريكية أو ما يسمى بأزمة وادي السيليكون، انتهاءً بإعلان الفيدرالي الأمريكي عن انخفاض عدد الوظائف الأمريكية.
اعتادت الولايات المتحدة على تصدير أزماتها وصراعاتها إلى خارج حدودها، وتفاوتت خسائر الأسواق العالمية. فقد تأثرت بورصة اليابان وخسرت أكثر من 6%، ولكن ذلك كان من مكاسب سابقة بسبب احتساب الاستثمار في الأسهم كأحد بنود الإعفاءات عن ضريبة الدخل للأفراد. وانخفض المؤشر الأمريكي ب1000 نقطة، ثم قلص الفارق إلى 500 نقطة في مؤشر داو جونز، والذي صعد صعودًا متواليًا بعد الإعلان عن النية في اتباع سياسات مالية أقل تشددًا من خلال تثبيت تمهيد لخفض أسعار الفائدة.
أما عن البورصة المصرية، فهي أكبر مجامل في البورصات، وتخضع للمثل الدارج “في خزنكم مدعية وفي فرحكم منسية”. فالأسواق ترتفع والمؤشرات تنتعش في الولايات المتحدة الأمريكية، أما في مصر فلا نتأثر بالارتفاعات، بل نتأثر فقط بالانخفاضات وبوتيرة أكثر عمقًا. فالسوق المصري سوق هش، رأس المال السوقي للبورصة غير كفء، الشركات القومية العملاقة غير مقيدة في البورصة، ويوجد استحواذات على الشركات المقيدة القوية ويتم سحب قيدها من البورصة بناءً على عرض شراء إجباري يقدم من الشركة المستحوذة.
لدينا أمثلة متعددة، خاصة بعد إعلان وثيقة ملكية الدولة بناءً على اشتراطات الإصلاح الاقتصادي المقترح من صندوق النقد الدولي. فقد خسرت البورصة المصرية أكثر من 1000 نقطة بخسائر سوقية تقدر ب43 مليار جنيه منذ الدقائق الأولى من الجلسة، وانتهت الجلسة بخسائر تقدر ب60 مليار جنيه. وكانت الخسائر الأكبر في محافظ المتعاملين الأفراد المصريين الذين أصابهم حالة من الهلع والخوف أثرت على قراراتهم الاستثمارية وجعلتهم يتخلصون من أسهمهم ويبيعون تجنبًا لمزيد من الانخفاضات، مما أثر على المتعاملين بالنظم المتخصصة في التمويل كالهوامش لتسوية مراكزهم والوصول للنسب القانونية كما ينص قانون التعامل بالهامش.
وعلى الرغم من التصعيد السياسي في المنطقة والأزمات المتوالية والتي تظهر فيها الولايات المتحدة وإسرائيل كفاعلين دائمين لكل التوترات في المنطقة، إلا أن المؤشرات لم تنخفض بتلك الوتيرة الحادة، بل كانت كلما تدنت ترتفع مرة أخرى. حتى بعد اغتيال إسماعيل هنية وتوقع أن تقرع طبول الحرب، لم تتأثر المؤشرات في البورصة المصرية، بل كانت على ارتفاعات. لأن المفترض أن أداء البورصة المصرية مرتبط بالعديد من المعطيات الاقتصادية المصرية كسعر صرف الدولار وقرارات البنك المركزي المصري ومعدلات ونسب التضخم.
بقلم/ حنان رمسيس
خبيرة أسواق المال