بقلم/دكتور أحمد شوقي
منذ أكثر من أربعون عام أصبحت الجرائم المالية مثاراً للقلق من قبل الحكومات والقطاعات الخاصة ومن ابرز الجرائم المالية غسل الأموال وسوء استغلال السوق وتمويل الإرهاب والرشوة والفساد والاحتيالات الاليكترونية،
وهي بطبيعتها تشكل تهديداً كبيراً على التنمية والاستقرار الاقتصادي، ومع انتشار الجرائم الاليكترونية في الآونة الأخيرة أصبح على مرتكبي الجرائم البحث عن الوسائل لدمج عوائدهم الناتجة عن هذه الجرائم في النظام المالي دون لفت الانتباه الي الأنشطة الأساسية أو المشاركين فيها عن طريق تغيير أو إخفاء مصدر تلك الأموال ونقلها عبر كيانات وحسابات ومعاملات مختلفة ليقل احتماليات لفت الانتباه عن طريق شركات غسل أموال تعمل بسرية تامة بهدف مساعدة مرتكبي تلك الجرائم لإخفاء مصادر عائداتهم الاجرامية، ويتراوح حجم الأموال التي يتم غسلها ما بين 2% الي5% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنوياً وفقا ًلتقديرات مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أي تبلغ حوالي من 800 مليار دولار أمريكي الي 2 ترليون دولار امريكي وهذا الرقم يقود الي خامس اكبر اقتصاد في العالم.
وعملية غسل الأموال هي تلك العملية التي يسعى مرتكبيها الي اخفاء مصدر وملكية عوائدهم من خلال تمرير هذه الأموال خلال سلسلة من المعاملات لإضفاء الصفة الشرعية عليها، وتكون سلسلة المعاملات التي تتم عملية معقدة تتم من خلال ثلاثة مراحل الأولى وهي التوظيف لادخال الأموال غير المشروعة الي النظام المالي يتبعها مرحلة التغطية وهي التي يتم من خلالها إخفاء هذه الأموال وصولاً الي مرحلة الدمج لتكون كما لو كانت ناتجة من مصدر شرعي .
مرحلة التوظيف :
حيث توجد العديد من الأساليب التي انتهاجها ابرزها
الإيداع المجزأ والهيكلة : فالإيداع المجزأ هو من اكثر أساليب التوظيف الشائعة ويتضمن إيداع مبالغ صغيرة من الأموال غير المشروعة في أي عدد من البنوك والحسابات المصرفية. اما الهيكلة فهي تقسيم المعاملات لتجنب الحد الادني من متطلبات الإبلاغ القانونية المعمول بها بوحدات غسل الأموال بالبنوك.
التحويلات البديلة :وهي التي تشير الي تحويل الأموال عن طريق أنظمة تحويل الأموال البديلة أو غير القانونية، وهي في مجملها أنظمة تحويل من شخص لشخص ولا تتضمن سوى قدر ضئيل من المستندات إن وجدت.
التحويلات الاليكترونية: والتي يتم من خلالها نقل الأموال من خلال أنظمة وتطبيقات الدفع الاليكترونية والتي لا تتطلب ارسال الأموال عن طريق حسابات مصرفية تحمل أي أسماء.
تحويل الأصول: والتي يتم من خلالها تحويل الأموال غير الشرعية لشراء الأصول كالعقارات والسيارات والذهب والالماس ثم بيعها مرة اخري، وتعد تجارة الذهب في الأسوق الدولية من اشهر الطرق لغسل الأموال.
مشتريات التامين : وتظهر من خلال استخدام منتجات التامين ذات الدفعات الأحادية والتي يتم سداد قيمة الوثيقة على دفعة واحدة، وهي اداه جذابة لغسل الأموال لعدة أسباب لانها تتضمن الدفع على مرة واحدة وذات قيمة تسليم نقدية وقد تكون قابلة للتحويل.
مرحلة التغطية
وتتوفر العديد من الأساليب التي تسهل عملية التغطية أهمها
البنوك الخارجية : وهي التي تقبل في الغلب الايداعات من الافراد والشركات غير المقيمين بالدولة وتتركز في الدول التي يكون بها لوائح وقوانين ضعيفة لمكافحة جرائم غسل الأموال.
الشركات الوهمية : وهي الشركات المؤسسة بشكل قانوني ولا تقوم في الواقع العملي بأي نشاط تجاري مثلاً ويتم استخدامها لعقد صفقات وهمية .
صناديق الائتمان: وهي عبارة عن ترتيبات قانونية للاحتفاظ بالاموال والأصول لغرض معين وتتم إدارة الأموال والأصول من خلال شخص يسمى أمين الصندوق لصالح مستفيد أو مستفيدين أخرين ومحددين، وتتيح هذه الصناديق انشاء سجلات ورقية ومعاملات غير حقيقية.
الحسابات المتنقلة : وهو حساب يصدر صاحبة تعليمات دائمة بالنقل الفوري لكل الأموال فور وصولها الي حساب اخر او عدة حسابات أخرى ويستخدم مرتكبي جرائم غسل الأموال هذه الحسابات لصعوبة اكتشافه واتنقل الأموال فيه بسرعة من خلال حسابات مختلفة بين كافة انحاء العالم.
الوسطاء : حيث يستخدم مرتكبي تلك الجرائم محامين ومحاسبين ومحترفين اخرين كوسطاء أو سماسرة بينهم وبين الأموال غير القانونية. ويفضل مرتكبي الجرائم المالية استخدام الوسطاء لانهم يضفون المصداقية وقليلون الشكوك وقدرتهم على خفض مخاطر الاكتشاف لأنهم بطبيعتهم يلتزمون بالسرية تجاه عملائهم مرتكبي الجرائم المالية.
مرحلة الدمج :
حيث توجد العديد من أساليب الدمج وابرزها
بطالقات الائتمان والخصم : وهي وسيلة فعالة يستخدمها مرتكبواجرائم غسل الأموال لدمج المال غير القانوني في النظام المالي من خلال امتلاك حسابات في بالد خارجية يتم من خلالها عمليات الدفع .
الاستشاريون: ويعتبر الاستشاريون من اكثر الأساليب الشائعة في عمليات الدمج حيث يعيد ارسال الأموال الي نفسة من خلال وسائل الدفع والتحويل المختلفة بصفته مستشار لتأدية وتسهيل خدمات.
تمويل الشركات أو القرض بضمان الأموال المودعة حيث يجب على المؤسسات المالية توخي الحيطة والحذر عن العملاء طالبي القروض بمبالغ كبيرة.
بيع وشراء الأصول. وهو من الأساليب المباشرة التي يستخدمها مرتكبي الجرائم المالية
إعادة تدوير الأعمال. وهي كشركات الوجاهة والتي تقدم خدمات البيع بالتجزئة الكثيفة كمغاسل السيارات والمطاعم ومتاجر اصلاح الهواتف.
ويجب تطبيق مناهج الاعمال القائمة على المخاطر لفهم طبيعة العمليات والمنتجات والمخاطر للتصدي للجرائم المالية وتقليل فرص حدوثها من خلال توجيه الموارد وفقاً للأولويات بحيث تحظى أعلى الجوانب مخاطرة الاهتمام الأكبر.
يتبع..