أصداء بعيده وواسعة لتداعيات الحرب تزيد من وطأة الضغوط السعرية وتفاقم الأزمة الاقتصادية و التحديات الملموسة على مستوى السياسات وأفاق الاقتصاد العالمى تشهد أنتكاسة حادة وهو مايرجع أساسا الى الغزو الروسى لاوكرانيا .
وتتكشف تطورات هذه الازمة فى الوقت الذى لم يتعاف فيه الاقتصاد العالمى من جائحة كورونا بشكل كامل بعد وحتى قبل أندلاع الحرب .
وهنا نتوقف قليلا لإستعراض الفترة الزمنية فى مصرنا الحبيبة من عام 2011 وحتى الان عام 2022 : –
- الفترة من عام 2011 وماقبل عام 2013 أندلع خلال هذا العام الاضطرابات السياسية وأندلعت ثورة يناير وما أعقبها من اضطرابات وتغيرات سياسية وما صاحبها من أنفلات أمنى وعدم أستقرار وفوضى عارمة واحتلال سدرة الحكم من فصيل معين كان له الاثر السلبى على البلاد .
- عام 2013 قامت خلاله ثورة 30 يونيو & 3/7 وتصحيح الاوضاع للدولة المصرية التى كانت على شفا الضياع .
- عام 2016 تم تطبيق قوانين الاصلاح الاقتصادى والتى كان من ضمنها تعويم العملة و تحرير سعر الصرف —- ألخ وكانت الفترة الاولى من الاصلاح الاقتصادى من نوفمبر 2016 ولمدة ثلاثة أعوام تنتهى فى نهاية عام 2019 .
- نهاية عام 2019 ظهور وباء جائحة كورونا وما صاحبها من ايقاف كافة الانشطة على مستوى العالم لفترة امتدت حتى نهاية عام 2020 0
- عام 2021 نشوء الحرب بين روسيا وأوكرانيا مما أستتبعه من أسعار الوقود وظهور الازمة الاقتصادية الحالية والتى ممتد أثارها السلبية على العالم حتى الان .
مما سبق استعراضه نتفق على أنه لم يتسنى للحكومة المصرية رفاهية توافر الوقت لجنى أية ثمار نتيجة لتصحيح الأوضاع من نظام حكم أو اصلاح اقتصادى .
كان يستلزم علينا أن نستعرض الموقف حتى يتسنى لنا الحكم عما إذا كان هناك تقصيراً من قبل الحكومة أم لا وذلك قبل أن نتعرض إلى الأزمة الاقتصادية الحالية والمتعايشين معها .
وهنا يتبادر الى الذهن ماهى أسباب الأزمة الاقتصادية الحالية ؟
ترجع الأزمة الاقتصادية الى أربعة أسباب نوردها فيما يلى :-
العولمة & توغل الدولار & التغير المناخى & كوفيد 19
ومن ناحية أخرى توجد حالة من تخبط عالمى قائم بالفعل جراء تحول القوى العظمى من نظام عالمى قائم بالفعل محدد المعالم الى نظام عالمى جديد لم يتشكل بعد و يسعى الى تمهيد الطريق للتحول اليه .
وأن الاقتصاد العالمى الحالى قائم على ثلاثة ركائز :-
- العولمة .
- هيمنة الدولار.
- والنظام المالى النقدى .
ويمثل هذه الركائز المؤسسات المالية الكبرى مثل صندوق النقد والبنك الدولى وكلها تحت هيمنة الولايات المتحدة الامريكية
وهذا النظام العالمى القائم الذى تديره أمريكا أثبت فشله فى حماية العالم من توغل العولمة وهيمنة الدولار حتى إن الولايات المتحدة الأمريكية فقدت 9 ملايين وظيفة وشهدت إغلاق 400 ألف مصنع صغير ومتوسط بسبب أزمة فيروس كورونا .
وبالتالى فإن أسباب أزمة التضخم الاقتصادى التى يشهدها العالم حاليا ترجع إلى :-
- حروب الغاز بين أمريكا وروسيا .
- عودة النشاط الاقتصادى فى أغلب دول العالم بعد فترة إغلاق 18 شهراً ( تقريباً 1.5 سنة ) .
- هيمنة العولمة وتوغل الدولار فضلاً عن التحدى البيئى والتغير المناخى والتصحر الذى يؤثر بشدة على الإنتاجية والغذاء والثروة السمكية ومن ثم أدى إلى ارتفاع الأسعار .
تأثير الأزمة الاقتصادية على الأسعار :-
الصين تقحم نفسها وتحاول كبح جماح الولايات المتحدة الامريكية حيث تحتكر الصين 28% من حجم التجارة العالمى وتعد مصنع العالم حيث تصدر يوميا بحوالى 7.5 مليار دولار أمريكى .
بينما تحاول الهيمنة الامريكية للتجارة الامريكية فرض سطوتها حيث يبلغ حجم التجارة العالمية 65% بالعملة الامريكية ( الدولار الامريكى )
ويكفى أن السلع الأهم الأساسية فى العالم وهى البترول ويتم تقيمها بالدولار الامريكى و بالرغم من أن الصين تنافس امريكا و أنشأت البنك الاسيوى للاستثمار عام 2016 فى مواجهة البنك الدولى
الا أن أمريكا مازالت تعد أكبر منتج للبترول والغاز حيث تنتج 915 مليار متر مكعب من الغاز سنويا وحوالى 15 مليون برميل نفط يوميا ويزيد الطلب العالمى على البترول كما أرتفع سعر الغاز بنسبة 250%على مستوى العالم .
ويوضح ذلك أرتفاع أسعار السلع الغذائية و الاساسية يتزامن مع ارتفاع اسعار البترول التى كانت مستقرة لمدة أربعة سنوات خلال فترة حكم ترامب
زيادة الأسعار فى مصر :-
ويقاس أثر هذه الزيادة فى الاسعار على مصر بدرجة أستيرادنا لمنتجات وسلع من الخارج ومدى أنكشافنا على العالم . فمصر تستورد جزءا كبيرا من السلع وكلما قل أنكشافنا مع العالم الخارجى قل أثر التضخم علينا .
علما بأن الانتاج الزراعى المكثف من السلع الغذائية الاخيرة قد ساهم فى سد أحتياجاتنا بشكل كبير و زيادة قدراتنا التخزينية وكل ذلك ساهم فى تخفيف الاثر الناجم علينا من تلك الازمة .
هل هناك تشابه بين الأزمة الاقتصادية العالمية 2008 و بين الأزمة الاقتصادية الحالية ؟
هنا يتعين أن ننظر الى الأزمة المالية العالمية 2008 حيث أنفجرت هذه الازمة لاسباب مالية تتعلق بالانهيار المفاجىء للقروض العقارية الثانوية وهى قروض عقرية قدمتها البنوك الامريكية دون ضمانات كافية .
اما الأزمة الأقتصادية الحالية تمس الاقتصاد الحقيقى وتتوسع تدريجيا مع أستمرار النزاع الدولى وعدم ايضاح وعدم تشكيل النظام العالمى الجديد بمعنى أن الازمتين مختلفتين فى الاسباب بينما متشابهتين فى الاثار السلبية نحو ظهور تضخم و ركود فى الاقتصاد .
مجهودات الحكومة المصرية لتخفيض الاثار السلبية أثناء الأزمة الاقتصادية الحالية :-
لم تقف الحكومة المصرية مكتوفة الإيدى لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية بل بذلت جهودا لتخفيض الاثار الناجمة عنها وهذا ما أوضحه بيان رئيس مجلس الوزراء فى 13/7/2022 موضحا الاجراءات والمجهودات المتخذة من قبل الحكومة وفقا لما يلى :-
- لم يتم تحريك سعر منتج السولار من أكثر 30 شهر مراعاة للحوال المعيشية للمواطن المصرى و البعد الاجتماعى .
- وصل عدد الاسر المستفيدة من برامج تكافل و كرامة الى 4.1 مليون أسرة بأجمالى 17 مليون مستفيد بعد أضافة 450 ألف أسرة جديدة تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس .
- أرجاء أية زيادات فى الكهرباء حتى نهاية العام الحالى تخفيفا للاعباء بالرغم من ان ذلك سيحمل الدولة نحو 10 مليارات جنيه فى بند الكهرباء فقط .
- ارتفاع موازنة الدعم النقدى للاسر المستهدفة الى مايزيد على 22 مليار جنيه سنويا هذا العام مقارنة ب 3.7 مليار جنيه عام 2014 .
- بالرغم من التداعيات السلبية للازمات المتعاقبة على النشاط الاقتصادى وفقا وما تم ايضاحه فى بداية مقالتنا الا أنه قد حرصت الدولة المصرية على أتاحة المتطلبات المالية اللازمة لتوفير أحتياجات القطاعات المختلفة وفقا وما يلى :-
[table id=11 /]
المطلوب لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية العالمية و مانجم عنها من تضخم :-
لايوجد مفر أمامنا الا أن نعمل سويا حكومة و شعبا من أجل زيادة الانتاج ويجب أن تتضافر الجهود وأنصهارها داخل بوتقة العمل من أجل زيادة الانتاجية
ونحن نرى على سبيل المثال بأن هناك عدة محاور يجب أن نسير عليها لتخفيض من الاثار السلبية للازمة الاقتصادية نذكر منها الاتى :-
- يتعين طرح مبادرة من قبل البنك المركزى المصرى لمساندة العملاء المتعثرين فى ظل تلك الاجواء التضخمية و التى تزيد من أعباؤهم و التى تحول بالوفاء بالتزاماتهم فتلك المديونيات تعتبر قنبلة مؤهلة لانفجارها بعصف بما تبقى من أستقرار السوق بل و أستقرار المجتمع ذاته فالديون المجتمعية خطر جسيم أن لم ننتبه له و نتعامل معه بالحكمة و الحفاظ على المستثمرين فى العملية الانتاجية بدلا من خروجهم و السوق اولى بهم فى هذا الوقت الراهن .
- منح المزيد من التيسيرات و التحفيزات لضم المزيد من القطاع الغير الرسمى الى مظلة القطاع الرسمى و الاستفادة من هذا القطاع الغير الرسمى لتدعيم الاقتصاد القومى .
- اطلاق حزم من التيسيرات و التحفيزات للصناعات التى تعمل على تخفيض عمليات الاستيراد من الخارج .
- الوقوف بجانب العمليات التصديرية بما يدعم على زيادتها .
- تفعيل و الاستفادة من الاتفاقيات المبرمة وخاصة اتفاقيات الكوميسا لغزو المنتج المصرى للقارة الافريقية .
هذا بالاضافة الى العوامل و السبل الاخرى المتعارف عليها فى مثل هذه الظروف مثل :-
تشجيع السياحة الداخلية و العمل على جذب و تنمية مدخرات المصريين العاملين بالخارج وتشجيع الاستثمار المباشر .كان لزاما علينا أن نستعرض موقف الازمة الاقتصادية الحالية بأمانه
للفترة التى كانت تسبقها و الفترة الحالية التى نعيشها معها لايضاح الصورة كاملة أمام الكافة وهو الامر الذى يتطلب المزيد من الجهد بالتعاون بين افراد الشعب و الحكومة التى لم تدخر جهدا لتخفيف اثار هذه الازمة اللعينه وليس ألقاء اللوم عليها —– فرفقا بالحكومة .
بقلم/دكتور محمد الشوربجي
الخبير المصرفي
أقرأ أيضاً : علي هامش قمة جدة