افتتح صاحب السمو السيد الدكتور كامل بن فهد آل سعيد، الأمين العام بالأمانة العامة لمجلس الوزراء الجناح الوطني لسلطنة عمان في الدورة (60) الستين لمعرض بينالي البندقية الدولي 2024م وسط مشاركة العديد من الفنانين من مختلف دول العالم يمثلون 88 جناحا وطنيا، وأستوحى بينالي البندقية للفنون 2024 عنوانه للدورة الستون من سلسلة الأعمال التي ابتكرتها منذ عام 2004 مجموعة كلير فونتين، التي نشأت في باريس ويقع مقرها في باليرمو، كما يضم معرض فونتين مجموعة من المنحوتات النيون بألوان مختلفة تحمل عبارة “الأجانب في كل مكان” بلغات مختلفة، فيما تأتي مشاركة جناح سلطنة عمان تحت عنوان ” ملاذ ” وبمشاركة 5 فنانين عمانيين يستعرضون أعمالهم المختلفة في الجناح.
وقد أوضح صاحب السمو السيد الدكتور كامل بن فهد بن محمود آل سعيد الأمين العام بالأمانة العامة لمجلس الوزراء بأن مشاركة سلطنة عمان في معرض بينالي البندقية الدولي للفنون يمثل علامة فارقة في الرحلة الثقافية للفنانين العمانيين، وتؤكد قدرتهم في تصوير ثراء التراث الثقافي لسلطنة عمان وتنوع البيئة الطبيعية بمزيجها الرائع من التقليد والحداثة والقدرة على التواصل الحضاري مع مختلف الثقافات وبما يتماشى مع سياق التحولات النوعية التي يعيشها المشهد الثقافي والفني في عمان، كما أن هذه المشاركة تعكس رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – والجهود المتواصلة من قبل وزارة الثقافة والرياضة والشباب لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040، للنهوض بالمجالين الفني والثقافي في سلطنة عمان، والتزامها المستمر بالإسهام في إثراء المشهد الثقافي العالمي، وكذلك تعزيز التعاون الدولي وزيادة التفاهم من خلال التبادل الثقافي والاستفادة من الجهود العالمية البحثية والترويجية لاتجاهات الفن المعاصر الجديد في أهم وأعرق المحافل الفنية.
كما وجه سمو السيد الدكتور شكره للفنانين العمانيين الذين قدموا أعمال متفردة تستحق الثناء والإشادة ولجميع المساهمين في إثراء جناح سلطنة عمان وكان لهم أثر بالغ وفاعل في تنشيط الفن العماني وامتداد تأثيره على الأجيال الواعدة من أرباب الفنون المتعددة، إذ يعد هذا الإنجاز جهدا جماعيا يظهر موهبة فنانينا، وعصارة تجاربهم الفنية والثقافية، وينم عن روح التعاون الذي تتميز به سلطنة عمان الولادة للمواهب والتميز والإبداع ونضطلع من خلال هذه المشاركة إلى فتح آفاق جديدة وتبادل الأفكار الفنية والثقافية على مستوى العالم التي تشكل جوهر بينالي البندقية.
تحقيق لأهداف مجالات الاستراتيجية الثقافية
وقد ألقى سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي المفوض العام لجناح سلطنة عماني في بينالي البندقية وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة أكد فيها بأن مشاركة سلطنة عمان في هذا المعرض الدولي امتثالا للنطق السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله ورعاه – ” على أن تظل عمان الغاية الأسمى في كل ما نقدم عليه وكل ما نسعى لتحقيقه ” بالإضافة إلى تحقيق لأهداف مجالات الاستراتيجية الثقافية للوزارة من خلال تبادل الخبرات على الصعيدين الداخلي والخارجي في المجال الثقافي، وتعزيز التواصل والحوار الثقافي مع دول العالم وإبراز دور السلطنة في خارطة الثقافة العالمية، وتابع البوسعيدي كلمته قائلا ” يسعدنا أن نعود إلى هنا للمرة الثانية، لتسليط الضوء على الثقافة العمانية الغنية من خلال عرض مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية المعاصرة التي أبدعها فنانون عمانيون متميزون، تجسيدا لسعي الوزارة بتعزيز التطوير الفني على المستوى الوطني من خلال برامج مختلفة تتماشى مع معرض البندقية”، مشيرا بأن مشاركة سلطنة عمان في المعرض الفني الدولي بينالي البندقية ستحظى بأهمية كبيرة في إطار الحوار بين الثقافات وتنوع التفاعل الإنساني، باعتبارها منصة تحتفل بالتعابير الفنية العالمية.
وتابع المفوض العام في كلمته مؤكدا بأن المعرض سيقدم فرصة فريدة لسلطنة عمان لعرض تراثها الثقافي الغني وإبداعاتها الفنية على المسرح الدولي، كما ستسهم سلطنة عمان من خلال هذه المشاركة في تعزيز التفاهم والتقدير بين الثقافات، وتعزيز الحوار بين المجتمعات المتنوعة، والتأكيد على الترابط الإنساني من خلال لغة الفن العالمية، بالإضافة إلى تعزيز أواصر التعاون والاحترام المتبادل بين الدول، مما يؤدي إلى إثراء المشهد الثقافي العالمي، مدركين للأهمية الثقافية الدولية لمعرض بينالي البندقية كونها إحدى الفعاليات العالمية الرائدة التي تعزز الفنون المعاصرة، وتدعم إنتاج الفن، وتعزز المبادرات الفنية وتبادل الخبرات. والتي تتناغم جميعها مع محاور استراتيجيتنا الثقافية.
وفي ختام كلمته قدم سعادة السيد سعيد البوسعيدي شكره وامتنانه لصاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم ال سعيد الموقر، وزير الثقافة والرياضة والشباب، على دعمه ورعايته المستمرة لمسيرة الفنون في سلطنة عمان، ان رؤيته وقيادته منارة تلهمنا جميعًا ونحن نسعى لتعزيز حضور سلطنة عمان ودورها كواجهة ثقافية على الصعيدين الوطني والدولي، كما تقدم بالشكر الجزيل لصاحب السمو السيد الدكتور كامل بن فهد آل سعيد الموقر على تفضله ورعايته لهذا الحفل ولصاحب السمو السيد الدكتور نزار بن الجلندى الموقر ولفريق العمل بسفارة سلطنة عمان على تعاونهم الدائم كما اود ان أعرب عن امتناني لكافة الذين ساهموا في تحقيق هذا الجناح من الفنانين إلى الرعاة والمنظمين.
عرض الإرث الثقافي
عبر صاحب السمو السيد نزار بن الجنلدى ال سعيد سفير سلطنة عمان في الجمهورية الإيطالية بمناسبة افتتاح الجناح الوطني لسلطنة عمان في المعرض الدولي الفني الستين لبندقية، عن فخره وسعادته بالمشاركة في هذا الحدث الفني العالمي المرموق، موضحا بأن مشاركة سلطنة عمان في هذا الحدث المرموق تمثل فرصة هامة بالنسبة لنا لعرض إرثنا الثقافي الغني وتعزيز التبادل الثقافي بين شعوب العالم. يعكس جناح عمان في بينالي البندقية الروح الفنية والتنوع الثقافي لبلادنا، مبرزًا الإبداع الملحوظ والمواهب الفنية الرائعة في سلطنة عمان، واكد صاحب السمو السيد نزار بن الجلندى آل سعيد نحن ملتزمون بتعزيز العلاقات الثقافية والفنية الدولية، مؤمنين بأهمية الفن كوسيلة للتواصل والفهم بين الشعوب. من خلال مشاركتنا في بينالي البندقية، نسعى لتعزيز رؤيتنا الفنية والمساهمة في المشهد الفني العالمي، معبرا عن امتنانه العميق للجهود التي بذلها الفنانون العمانيون المشاركون في هذا الحدث، ولجميع الذين ساهموا في جعل هذا الجناح حقيقة، ومتطلعا إلى أن يكون جناح سلطنة عمان في بينالي البندقية مكانًا للتفاعل الثقافي والحوار بين الفنانين وعشاق الفن من جميع أنحاء العالم.
ملاذا للغرباء
فيما ألقت الفنانة عالية الفارسية القيمة الفنية للجناح كلمة أشارت فيها بأنه نجتمع اليوم لنحتفي بالأجانب في كل مكان ولنذكر أنفسنا وأن بلادنا كانت منذ الأزل ملاذا للغرباء، الباحثين عن الواقع في عالم من التجريد، وتابعت الفارسية نحن نكشف اليوم عن إبداعات الفنانين المشاركين، ونتساءل… هل وجدوا ملاذهم في أعمالهم، وهل انتشلتهم من الغربة التي يعيشوها أحيانا في أوطانهم، فهل وجد علي الجابري الماء في قعر آباره الرخامية؟ وهل أزاحت سارة البرقع لترى نفسها؟ وهل وجد أدهم مرساته مع السلحفاة التائهة، وهل وجد عيسى حروفا يكتب بها اسمه؟ وهل وجدت روحي في مدينتي المزدحمة بالألوان؟، وتابعت الفارسية كلمتها مشيرة بأنه في هذا الجناح نجد القواسم المشتركة التي توحد المغتربين في كل بقاع الأرض، وتسلط أعمالنا الضوء على رحلة الهجرة في سياق البحث عن الذات، عن الوطن في عالم يُقال إنه يسع الجميع، وفي ختام كلمتها قدمت القيمة الفنية للجناح الفنانة عالية الفارسي شكرها وتقديرها لوزارة الثقافة والرياضة والشباب وللفنانين د. علي الجابري، عيسى المفرجي، أدهم الفارسي، سارة العولقي، وإدارة بينالي البندقية والحضور الكريم على مساهمتكم في إنجاح المشاركة الثانية للجناح العماني في هذا المحفل التاريخي، وأدعوكم لمشاهدة الأعمال الفنية لعلكم تجدوا فيها ملاذكم
تعزيز التبادل الثقافي
أعرب الفنان الدكتور علي الجابري عن سعادته بالمشاركة في هذا الحدث الفني العالمي، مشيراً إلى أهمية هذه المنصة في تعزيز التبادل الثقافي بين الدول والتعريف بالثقافة العمانية الغنية. ” إنني ممتن للفرصة العظيمة التي منحت لي للمشاركة في جناح سلطنة عمان في معرض بينالي البندقية الدولي. هذا الحدث الفني الكبير يعتبر منصة مهمة لتعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب، وأنا فخور بأن أكون جزءًا منه. تمكنت من تقديم أعمالي الفنية التي تعبر عن رؤيتي الفنية وتجاربي الشخصية، وأتمنى أن تسهم هذه الأعمال في إثراء المشهد الفني العالمي وفي تعريف الجمهور بالثقافة العمانية الغنية والمتنوعة. أود أن أعبر عن شكري العميق للجهود التي بذلتها السلطنة لتمكيننا من المشاركة في هذا الحدث، وأتطلع بشغف إلى مواصلة العمل على تعزيز التفاهم والتواصل الثقافي من خلال الفن.
فيما عبرت الفنانة سارة العولقي عن إعجابها الشديد البندقية، أود أن أعبر عن إعجابي الشديد بتنظيم الجناح وتقديمه لمختلف أوجه الفن التشكيلي والتصويري العصري وذلك بمناسبة افتتاح جناح سلطنة عمان في بينالي، وأن هذا يعكس الحدث الفني البارز الروح الإبداعية الرائعة والتطور الفني الملحوظ، كما أن مشاركة سلطنة عمان في هذا المعرض الدولي تعزز مكانتها كمركز فني متميز ومنصة للمواهب الفنية المبدعة. كما أبدت سعادتها بأن تكون جزءًا من هذا الحدث الفني الكبير من خلال مشاركتي بأعمالي الفنية في الجناح العماني. آمل أن تلقى أعمالي إعجاب الجمهور وأن تساهم في إثراء التجربة الفنية للزوار وتعزز التفاعل الثقافي بين الثقافات المختلفة، وقدمت العولقيه شكرها للجهود المبذولة في تنظيم هذا الحدث الفني الرائع، وأتطلع إلى مواصلة التعاون والتبادل الثقافي بين سلطنة عمان والعالم الفني الدولي.
أما الفنان أدهم الفارسي فقد أبدى سعادته بشكل كبير أن يكون جزءًا من جناح سلطنة عمان في بينالي البندقية، حيث سأقدم أعمالي الفنية للعالم ليشاهدها ويتفاعل معها الجمهور العالمي، مضيفا بأنه من خلال هذه الفرصة الفريدة، أتطلع إلى تعزيز الحوار الثقافي والفني بين سلطنة عمان والعالم، وإبراز التنوع والإبداع الفني الذي تتمتع به السلطنة. أتطلع بشغف إلى مشاركة تجربتي الفنية والتعرف على آراء الزوار واستقبال تفاعلهم مع أعمالي، مقدما شكره للجهود التي بذلت لتنظيم هذا الحدث الرائع، وآمل أن يكون هذا اللقاء نقطة تحول في مسيرتي الفنية وفرصة لتوسيع دائرة جمهوري الفني.
فيما أوضح عيسى المفرجي أن الجناح العماني يعتبر فرصة رائعة للفنانين لعرض أعمالهم أمام جمهور دولي متنوع، مؤكداً على أهمية دعم المبادرات الثقافية التي تعزز التفاهم والتواصل بين الشعوب. مؤكد على أن مشاركة سلطنة عمان في بينالي البندقية تعكس التزامها بدعم الفن والثقافة على المستوى الدولي، وعبر المفرجي عن مشاركته بعمل تركيبي مجهز في الفراغ متعدد الخامات بروية فنية معاصرة متماشي مع عنوان البينالي العام وعنوان جناح سلطنة عمان والذي يتحدث عمله عن الحركة المستمرة للإنسان وارتباطه بالآخرين والبحث عن الملاذ الامن للعيش والاستقرار والاندماج بين الآخرين على اختلاف وتنوع الثقافات
القيمة الفنية للجناح وأحد أبرز الفنانين في سلطنة عمان الفنانة عالية الفارسي والتي من خلال عملها تتعمق في تحويل مناظرها الحضرية الخالدة إلى رحلة مغمورة، تغمر الزوار بملابس ترمز إلى النسيج الثقافي الغني لسلطنة عمان ، تحيط المرايا بالمساحة، تعكس مجموعة لا حصر لها من هذه الملابس ولوحة المدينة، مع رسالة قوية تردد: عُمان كانت منذ فترة طويلة مأوىًا مرحبًا لأفراد من خلفيات متنوعة. لقد ازدهر هذا الاندماج الثقافي في خليط متناغم يحدد البلاد اليوم، مصورًا عمان كوطنًا محبوبًا للجميع.
أما العمل الفني “الماء” للدكتور علي الجابري فيوصف بأنه عندما يترك الشخص منزله، يسافر غالبًا للهروب من واقعه أو للبحث عن مستقبل أفضل. يلتقط علي الجابري بشكل جميل مفهوم الحظ في العثور على حياة أفضل من خلال مشابهته للنظر في بئر. في هذه المجاز، قد يكتشف الشخص إما الماء أو الفراغ، ففي منحوتات علي، تُزين كل بئر بألوان فريدة، ترمز إلى التنوع، بينما تبقى قواعدها موحدة، تمثل أصولنا المشتركة كبشر. ومع صعود المنحوتات، توضح كيف أن المجتمعات والتجارب تشكلنا بشكل مختلف مع مرور الوقت، كما تعكس الأخشاب الميتة المضمنة في شخصياته المبهجة من الرخام مقطعًا قرآنيًا: “يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ.”
فيما يمثل العمل الفني “كسرة خبز” للفنانة سارة العولقي الرسالة التي يتم تقديمها هي احتفال بالتراث الثقافي وقوة الفن في تجاوز الأشياء اليومية. يهدف التثبيت إلى إثارة شعور بالتقدير لتقاليد النساء العُمانيات الغنية، والحفاظ على وصفات العائلة وتشكيل سرد أسلافهم وثيابهم، وبالتحديد النقاب، كما يمثل استخدام الملاعق في التثبيت تحول الأدوات العادية إلى تمثيل رمزي للهوية الثقافية. تعتبر الملاعق مجازًا عن القوة الجماعية والصمود للنساء العُمانيات، اللواتي احتضنَّ بأناقة تقاليدهن بينما يتنقلن في عالم يتغير.
أما الفنان عيسى المفرجي والذي قدم عملها بعنوان “مدد” يكشف بطريقة خفية ولكن عميقة عن الطرق البسيطة التي يتم بها تشكيل اللغات والمصطلحات بتأثيرات خارجية، تثبيته هو شهادة على هذا الفهم الدقيق، حيث يقدم للمشاهدين عرضًا للخط العربي مستوحى من الشعر الذي صاغ منذ ألف عام، يستكشف مواضيع الهجرة والغربة بأناقة لا تُمحى، ويدعو المفرجي للتأمل في التراث الذي يستمر لهؤلاء الشعراء القدماء، الذين تظل كلماتهم تردد عبر العصور، وتشكل تصوراتنا وتجاربنا في الهجرة والتبادل الثقافي.
وآخر الأعمال المشاركة بعنوان “مصير الغرباء” للفنان ادهم الفارسي، حيث يقدم الفارسي لقاءً بصريًا، حيث يظهر فن الفيديو الخاص به الذي يحكي قصة السلاحف كميتافورا للغرباء في الحياة. تعرض كل شاشة مصير الغرباء المحتمل، إحداها هادئة، والأخرى تصور نهايتهم السيئة بسبب اختيارهم الطريق الخطأ، وتنقل المساحة الزوار إلى إعداد شبيه بالشاطئ، مع تضمين عناصر مستوحاة من التراث الساحلي العماني.