على خلفية استمرار أمد الأزمة الحالية، وتصاعد وتيرة النقص الحاد في موارد النقد الأجنبي بشكل مضطرد، فضلا عن استمرار تصاعد معدلات التضخم المرتفعة، والتي كسرت حاجز 40٪؛ كان لابد من إيجاد حلول غير تقليدية، تتناسب مع الظرف الاستثنائي الذي يواجهه الاقتصاد المصري، والذي تبدى في طرح كلا من بنك مصر والبنك الاهلي المصري، لشهادات إيداع دولارية، تُدر عائد مرتفع نسبيا، من أجل جذب شريحة عريضة من أصحاب الأرصدة الدولارية في الجهاز الرسمي للدولة.
حيث صرح مسئولي البنك الأهلي المصري، انه سيقوم بإصدار شهادة تحت مسمى (الاهلي بلس) مدتها ثلاث سنوات بعائد سنوي 7٪ يصرف بذات العملة بدورية ربع سنوي، ولا يجوز استرداد قيمة الشهادة الا بعد مرور 6 شهور من تاريخ إصدارها وفقا للقواعد المعمول بها لغيرها من الشهادة بالعملة المحلية، ويجوز الأقتراض حتى 50٪ من قيمتها بالمعادل بالجنيه المصري بحد اقصى 10 مليون جنيه، وبسعر عائد ممميز، يقل بمعدل 2.25٪ عن سعر الإقرار المقرر من البنك المركزي المصري، وشهادة أخرى تحت مسمى (الاهلي فورا) لمدة ثلاث سنوات، بعائد 9٪، يصرف مقدما بالمعادل بالجنيه المصري عن الفترة الزمنية للشهادة المُصدرة، اي بواقع 27٪ من قيمة الشهادة، الا انه لا يجوز الأقتراض بضمانها، ويتم استرداد قيمة الشهادة بالعملة الإجنبية في نهاية مدة الشهادة،كل ذلك بحد أدنى 1000 دولار ومضاعفاتها، تُحسب من اليوم التالي لتاريخ الشراء، كما تم توفير كافة التسهيلات المتاحة من البنوك للعملاء، من حيث إمكانية فتح حساب بالعملة الاجنية للعملاء المتواجدين حاليا خارج البلاد وليس لديهم حسابات من تلك النوعية، وتحويل مدخراتهم لربط هذه النوعية من الشهادات، وكذا توفير كافة الوسائل المتاحة إلكترونيا لفتح حسابات جديدة لأي شخص يرغب في ذلك في الداخل او الخارج.
ولا شك أن هذا التوجه، من المؤكد انه سيجلب مزيد من الموارد المالية بالنقد الأجنبي، في ظل وجود ثقافات موروثة لدى الكثير من المواطنين، تتعلق بالاحتفاظ بالأرصدة الدولارية، مهما كانت اسعار الفائدة المقررة على الشهادات بالعملة المحلية، وهذا التوجه، يتواكب مع رغبات العملاء، وقادر على فك الشفرة فيما بين ما تقدمه البنوك من منتجات مصرفية، وبين رغبات وافكار العملاء، والذي سينتج عنه في نهاية الأمر، استفادة كافة الأطراف.
وهذا التوجه من شأنه ان يفتح الباب امام البنوك الأخرى في تبني هذا النهج، ولكن هذا يعتمد على قوة ومتانة المركز المالي للبنك، واحتفاظه بقدر مناسب من العملات الاجنبية، تكفي لتلبية احتياجات عملائه.
الا انه من الملاحظ ان سعر الفائدة، عند مستوى 7٪ النوعية الأولى من الشهادات، قد لا يغري الكثير من العملاء، لشراء تلك النوعية من المنتجات المصرفية الدولارية، وقد يكون من الأفضل أن يكون معدل العائد أعلى من المعدل المشار اليه، بنحو 2٪ زيادة على الاقل.
بقلم / الدكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفي