على مر السنين، ظلت مصر وجهة مُفضلة للعرب، سواء الزائرين أو من قصدوها هربًا من الحروب أو الاضطرابات في بلادهم فمنذ قديم الأزل تحتضن مصر اللاجئين على أراضيها يعيشون وسط المصريين ويتلقون جميع الخدمات العامة تماما كأى مواطن مصري، فضلا عن حسن المعاملة من المصريين العاديين لهؤلاء الضيوف نتيجة لميراث طويل من الروابط الاجتماعية والتاريخية .
الا أنه فى الاونه الأخيرة تحتضن مصر قرابة 9 ملايين ضيف على أراضيها يعيشون وسط المصريين ويتلقون جميع الخدمات العامة مثلما يتلقاها المواطنون المصريون؛ هذا هو المتعارف عليه من قبل المصريين لمعاملة الأجانب المقيمين بمصر كضيوف وليسوا لاجئين، ويمثل ذلك الرقم يمثل قرابة 9% تقريبا من سكان مصر، وحوالي 8% من أعداد اللاجئين عالميًا البالغ عددهم 103 ملايين شخص . وهذه الاعداد قد تعادل تعداد أربع دول أوروبية ويمكن الإشارة أيضا إلى أن هناك دولًا بمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط يبلغ تعداد سكانها أقل من ضيوف مصر؛ وتشير الارقام الرسميه بأنه يقطن بمصر قرابة 4 ملايين سوداني، وحوالي 1.5 مليون سوري، ومليون ليبي، والبقية من جنسيات أخرى .
وتعمل الحكومة المصرية على تذليل كافة العقبات امام هؤلاء الضيوف الوافدين وتذليل كل السبل أمامهم للحياة على أرضها سواسية مع المصريين، تمتد إليهم جميع الخدمات، من التعليم إلى الصحة، وتعاملهم كضيوف كرام. حيث كانت مصر دائما وأبدا وعلى مدار تاريخها ملاذاً آمناً لكل من يلجأ إليها، فلم تعرف يوماً معسكرات ومخيمات اللاجئين، وإنما تدمجهم فى المجتمع، وينصهرون فى نسيجه دون أى تمييز بينهم وبين المواطنين، وهو ما يعكس احترام الدولة لحقوق الإنسان وتعزيز الكرامة الإنسانية لضيوفها والمهاجرين إليها وتوفير كل نواحى الحياة الإنسانية لهم.
وبالتأكيد توجد تكاليف لاستضافة هؤلاء الضيوف، وبالمقارنة لتكاليف الاستضافة فى باقى الدول فنجد مثلا أن تكلفة استضافة عدد 900 ألف لاجئ في ألمانيا حوالي 17.3 مليار دولار، وهو ما يعني أن اللاجئ الواحد يتكلف قرابة 19.2 ألف دولار سنويًا. وفى الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمثل تكلفة استضافة اللاجئ بها 22.3 ألف لاجئ، بينما ترتفع تلك التكلفة إلى 39.8 ألف في السويد، وتنخفض إلى 15.0 ألف في كندا (تكلفة اللاجئ الواحد سنويا ) ومن ثم فإن تلك التكلفة يبلغ متوسطها العالمي حوالي 24 ألف دولار أمريكي سنويًا لكل لاجئ، علما بأن هذه الارقام تعود الى عام 2015، و نحن الان فى عام 2024هو ما يعني أن هناك على الأقل 9سنوات من التضخم السنوي 0
وقد صرحت السيدة / لوران دي بويك، رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية في القاهرة، إلى أن المنظمة لم تقدم المساعدة لكافة اللاجئين المتواجدين بمصر وبالرغم من ذلك فأن هناك بعض اللاجئين من قاموا بفتح مشروعات خاصة لهم وقاموا بتوفير فرص عمل لغيرهم وهذا دليل على أن الحكومة المصرية تعاملهم بطريقة حسنة ولا يوجد أي تميز يتعرضوا له مؤكدة أن مصر دائما تساعد كافة اللاجئين المتواجدين على أرضها وتعمل على دمجهم في المجتمع المصري بدون تميز سواء في التعليم أو الصحة أو توفير فرص العمل .
وهنا دعونا نقترب الى الواقعية للصالح العام للبلاد ونتفق على أن المتواجدين على أرض مصر هم لاجئين فروا من بلادهم حيث الحرب و الدمار وعدم الامان حيث يحضر اللاجىء و يبحث عن عمل واستقرار, خاصة أن الأجانب فى مصر ينقسمون إلى شريحتين، إذ إن الكثيرين يأتون إلى مصر على أنها نقطة عبوروأنطلاق الى أى مكان فى العالم ولكن سرعان ماتتحول الى مركز أستقرار لما تتواجد بها أمن أستقرار وفرص للعمل فضلا عن حسن المعاملة من شعبها وحكومماتها , علما بأن مصر تحمى أوروبا من الهجرة وتتكلف أموالا كثيرة من أجل إغلاق الهجرة غير الشرعية لأوروبا، كما أننا نتحمل تكلفة وأعباء للاجئين نيابة عن العالم، ولابد من حساب هذه التكلفة بوجه التحديد، فاللاجئ أحيانا يأتى هربا من الحروب وتنضم اليه شرائح أخرى غير متأثرة بالحرب .
إن اللاجئين أو الوافدين مرحب بهم على أرض مصر ، ولكنهم يشكلون عبئا نسبيا على الاقتصاد المصري، ويجب تنظيم هذا الأمر, فوجودهم ليس ميزة للاقتصاد، أو مفيد لاقتصادنا كما يطلق البعض حيث ان عدد المستثمرين منهم أقل بكثير من عدد اللاجئين غير المستثمرين فمثلا إذا بحثنا حول السوريين المتواجدين فى مصر, و المقدر عددهم بحوالى مليون و نصف نجد منهم ما يقرب من 30 ألف مستثمر, و نشعر تماما بوجودهم ولكن هو عدد لا يتناسب مع باقى عدد اللاجئين و أعباؤهم تضاف إلى أعباء أخرى كثيرة يتحملها أفراد الشعب المصرى المساهم بعمله وبدفع الضرائب المطلوبة .
وعلى ذلك لابد من تقنين أوضاع اللاجئين والمهاجرين فى مصر لحصر أعدادهم، ومعرفة ما تتحمله الحكومة مقابل ما يتم تقديمه من خدمات فى مختلف القطاعات، خاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية للبلاد التى تتطلب ضرورة مساهمة الضيوف فى الاقتصاد الوطنى من خلال دفع مقابل الإقامة أسوة بالدول المجاورة .
ان لضيوفنا حق وان لاقتصاد بلادنا حق فلياخذ كل من ذو حق حقه0
تحيا مصر 000 تحيا مصر 000 تحيا مصر
بقلم / دكتور محمد الشوربجى
الخبير المصرفى