بقلم/دكتور رمزي الجرم
لا شك أن كافة الاقتصادات العالمية على اختلاف أيديولوجيتها الاقتصادية والسياسية،
تسعى خلال هذه الفترة الى اتخاذ المزيد من السياسات والإجراءات والآليات الفعالة للخروج من حالة الركود
الاقتصادي الذي أصاب كافة قطاعات الاقتصاد القومي للدول المختلفة،
وعلى خلفية تداعيات أزمة كورونا من وجود شلل للنظام المالي بشكل غير مسبوق،
فقد رأت كثير من الحكومات في الاقتصادات العالمية المختلفة من تبني دعم النظام المالي من خلال تخفيض معدل الضرائب وعدم فرض ضرائب جديدة،
خصوصا الضرائب المفروضة على الاستهلاك، من أجل زيادة القوة الشرائية لدى الشركات والافراد،
من منطلق وجود علاقة عكسية بين مُنحنى الضرائب؛ ومعدلات النمو أثناء فترات الركود،
فكلما ارتفعت الضرائب؛ أصبحت فُرص النمو الاقتصادي أقل؛ لأن ذلك يعني تراجع معدلات الاستهلاك،
وبالتالي تراجع معدلات الإنتاج والمبيعات على خلفية تراجع حجم الطلب الكلي على السلع والخدمات.
فاستخدام آلية تخفيض الضرائب أثناء فترات الانكماش، يُعد العصا السحرية التي ستؤدي إلى زيادة الايرادات السيادية وليس نقصانها،
وبالتالي تقليص الضغط على الموازنة العامة للدولة وزيادة حجم السيولة في الأسواق.
على جانب اخر، فإن تخفيض معدلات الضرائب الجمركية، لاسيما على مدخلات الإنتاج الصناعي والزراعي، سوف يدعم هذا الاتجاه،
نظرا لقدرة القطاعين المذكورين على تحقيق فرص تصديرية هائلة، فضلا عن توفير فرص عمل جديدة أو على الأقل الحفاظ على العمالة الحالية،
وبما يدفع نحو فتح المزيد من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وما لها من أثر إيجابي في تحسين
المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية وانعاش حركة الأسواق وتحسين مستوى معيشة الأُسر.
والحقيقة، أنه ربما يكون من المناسب في تلك الفترة التي يتعرض لها الاقتصاد القومي للعديد من التحديات جراء تعرض البلاد لموجة رابعة لكورونا؛
أن تتجه الحكومة إلى تخفيض معدلات الضرائب وخصوصا الضرائب على الاستهلاك، من أجل تحفيز الاستهلاك
الذي يخلق طلب فعال قادر على دفع عجلة الإنتاج نحو الدوران،
فضلا عن تخفيض الضرائب الجمركية، وبصفة خاصة، المتعلقة بمستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي ومستلزمات أجهزة التحول الرقمي،
وبما يؤدي إلى زيادة وتيرة الإنتاج وزيادة فرص التصدير ودعم المنتج المحلي، بالإضافة الى تخفيض أسعار الخدمات الحكومية،
وأسعار المرافق العامة، أو على الأقل الحفاظ على ثباتها دون زيادة.
وعلى الرغم من أن هذا الأمر فيما يبدوا انه سوف يقلل من فرص الحكومة في تحقيق المزيد من الإيرادات السيادية؛
إلا أن المخاطر الناتجة عن ذلك؛ ربما تفوق أي إيرادات ناتجة عن عدم تخفيض معدلات الضرائب أو تخفيض
أسعار الخدمات الحكومية في ظل حالة الكساد طويل الأمد الذي يواجه الاقتصاد العام،
فالموازنة بين فيما بين تحقيق إيرادات غزيرة، وبين تحفيز الاستهلاك من أجل خلق طلب كلي يدفع نحو زيادة
وتيرة الإنتاج، سوف يكون الرجحان في كفة السياسة الأخيرة،
على أن تسعي الحكومة بكافة الطرق نحو محاربة كافة أوجه التهرب الضريبي بكافة أشكاله، ومنح العديد من المبادرات التي تسمح باستيداء المتأخرات الضريبية،
وبما قد يدعم غزارة الحصيلة وتحقيق العدالة بين المكلفين بأداء التكاليف العامة،
بالإضافة الى السعي نحو فرض ضريبة على التجارة الالكترونية، خصوصا في ظل التقدم الملموس في أدوات وآليات التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات،
لتعويض أي نقص في الحصيلة، وبما يدعم تحقيق العدالة الضريبية.