تعتبر الفائدة هي العلاج المباشر لكبح جماح التضخم المترتب على ارتفاع حجم الطلب على السلع والخدمات الأساسية
فكلما زادت معدلات الفائدة اتجهت الأموال إلى الأوعية الادخارية ذات العائد الخالي من المخاطر المرتفع وبالتالي يحدث إنخفاض ملحوظ بكمية النقود مع الأفراد وانخفاض القوة الشرائية لهم مما يترتب عليه ثبات حجم الطلب على السلع والخدمات الأساسية ثم الإتجاه نحو الانخفاض مما يؤدي إلى ثبات الأسعار في المرحلة الأولى ثم دفع الأسعار نحو الانخفاض مرة أخرى
وهذا الاتجاه غالباً ما يدفع معدلات التضخم السنوي نحو الانخفاض تدريجياً مع الحفاظ على معدلات النمو لعدم الدخول في حالة الكساد التام
_ أما ما يشهده الاقتصاد العالمي من أزمة ارتفاع معدلات التضخم عالمياً فهو ناتج عن الأزمة الجيوسياسية الراهنة والتي بدأت منذ مطلع العام الماضي والتي دفعت أغلب أسعار السلع والخدمات الأساسية نحو الصعود إلى مستويات سعرية قياسية بسبب ارتفاع التكاليف المباشرة مثل ارتفاع اسعار النفط الخام والتي سجلت مايقرب من 140$ في ذروة الأزمة
وأيضاً غياب حصة روسيا وأوكرانيا من الحبوب والغلال عالمياً والتي تمثل 32% من الصادرات العالمية مما ترتب عليه نقص كبير في كميات الانتاج العالمي لأغلب السلع والخدمات الأساسية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار وتسجيل مستويات قياسية
مما ترتب عليه أيضا ارتفاع معدلات التضخم عالمياً مع نقص كبير في كميات الإنتاج العالمي ،
واتجهت البنوك الفيدرالية الدولية لاتباع سياسات اقتصادية انكماشية تشددية مثل رفع معدلات الفائدة تدريجياً كمحاولة لكبح جماح التضخم السنوي الذي شهد ارتفاعا ملحوظا منذ بداية الأزمة الراهنة ،
ولكن لم يأتي هذا الاتجاه كما هو المعتاد بنتائج إيجابية على الاقتصاد العالمي ولكن دفع مؤشرات الاقتصاد العالمي نحو الركود وتباطؤ معدلات النمو
لان الأزمة تتلخص في نقص كميات الإنتاج العالمي والسبيل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة وانخفاض حدتها سوى زيادة الإنتاج وزيادة الناتج الإجمالي العالمي
وعلى القائميين على إدارة السياسات النقدية الاتجاه نحو انخفاض معدلات الفائدة مجددا لدفع رؤوس الأموال إلى الاستثمار مرة أخرى وزيادة الإنتاج مما يترتب عليه زيادة كميات الإنتاج وكميات العروض لأغلب السلع والخدمات الأساسية مع ثبات احجام الطلب الأمر الذي سوف يدفع الاسعار نحو الانخفاض تدريجياً ويدفع أيضاً معدلات التضخم عالمياً نحو الهبوط
فبعد تسارع ارتفاع معدل التضخم في مصر خلال الشهور الماضية، مسجلاً في فبراير الماضي أعلى مستوى له منذ 2017والذي قد سجل 40.03% في وقت تشير التوقعات إلى استمرار صعود أسعار السلع والخدمات خلال الأشهر المقبلة مع تراجع سعر صرف الجنيه المصري والارتفاع المرتقب لأسعار الوقود محلياً.
فمع استمرار ثبات حجم الطلب يجب العمل بشكل مباشر على زيادة الناتج المحلي الإجمالي وذلك من خلال اتباع سياسات نقدية مرنة قد تدفع الأموال المدخرة نحو الاستثمار مرة أخرى يختلف القطاعات الاقتصادية مع ضرورة تخفيض الفاتورة الاسترادية وزيادة المنتج المحلي
اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة التي من شأنها تدفع معدلات التضخم السنوي نحو الانخفاض إلى مستويات ماقبل الأزمة عند 13% بخلاف رفع معدلات الفائدة التي سوف تؤدي إلى المزيد من الركود والكساد نسبياً
أهمية وجود وزيرا للاستثمار ليكون قائم بشكل مباشر على زيادة الاستثمارات المباشرة والغير مباشرة وتذليل كافة المعوقات التي تواجه رؤوس الأموال المستثمرة وخاصة الأجنبية
وليس الاكتفاء فقط بقرارات المجلس الأعلى للاستثمار الذي يعقد اجتماعاته كل فترة وتحديدا وقت الازمات فأهمية وجود وزيرا للاستثمار بمثابة انعقاد المجلس الأعلى للاستثمار بشكل دائم
بقلم/ حسام عيد
خبير أسواق المال