تسعى الحكومة المصرية لتدبير احتياجاتها من القمح بعد أن قلبت الحرب في أوكرانيا تجارة الحبوب العالمية رأساً على عقب.
وتحافظ الحكومة على شراء القمح عبر مناقصات دولية منتظمة، والتي طالما هيمنت عليها الإمدادات منخفضة التكلفة من روسيا وأوكرانيا.
وتخلت الدولة عن مناقصتين بعد الغزو مباشرة، ما تسبب في انخفاض متزايد بمخزونات القمح التي أصبحت مؤخراً تغطي شهرين ونصف الشهر فقط من الاحتياجات.
وسيساعد الحصاد المحلي قريباً في دعم الإمدادات، لكن مصر بحاجة لضمان بناء احتياطيات للعام المقبل.
وحدد المشتري الحكومي الآن موعداً لمناقصة جديدة يوم الأربعاء، أي قبل شهر من الموعد الذي أشار إليه وزير التموين للعودة للسوق.
وأفادت “بلومبرغ” في وقت سابق أن الحكومة تضع خططاً تسمح بشراء القمح خارج نظام المناقصات لتعزيز المشتريات، وتسعى الدولة بنشاط إلى البحث عن مصادر جديدة، وزار وفد مصري الهند الأسبوع الجاري لمناقشة إمكانية توريد القمح، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.
أدى هجوم روسيا على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الحبوب العالمية، وقفزت العقود الآجلة للقمح في شيكاغو بنسبة 44% منذ بداية العام، ما يترك الدول التي تعتمد على الاستيراد معرضة للخطر بشكل خاص في الوقت الذي وصلت فيه قدرة الناس على التحمل في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى “نقطة الانهيار”، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
وفي مصر، تشكل واردات الحكومة حجر الزاوية في برنامج دعم الخبز لملايين الأشخاص، وتزيد الأسعار المرتفعة الضغط على المالية العامة للدولة.
وعلى نطاق أوسع، يأتي الارتفاع في أسعار الغذاء في الوقت الذي يحتفل فيه العالم الإسلامي بشهر رمضان، ويفرض تحدياً خاصاً في شمال أفريقيا بسبب إرث سوء الإدارة الاقتصادية والجفاف والاضطرابات الاجتماعية، ويعد القمح غذاء أساسي في جميع أنحاء المنطقة.
العقود الآجلة من القمح
ارتفعت العقود الآجلة للقمح في شيكاغو يوم الثلاثاء، ويقترب عقد باريس من مستوى إغلاق قياسي، وعادة ما تكون المناقصات المصرية محل مراقبة عن كثب من قبل عالم الحبوب العالمي، وستخضع عملية الشراء الأسبوع الجاري لمزيد من التدقيق إذ يقيم التجار والمستثمرون أماكن منشأ القمح وأسعاره وتكاليف شحنه.
وأصبحت روسيا وأوكرانيا من الدول ذات الثقل الكبير في مشتريات مصر ووفرتا أكثر من 80% من واردات الدولة خلال السنوات الخمس الماضية.
لكن هذا الأمر انقلب رأساً على عقب في الشهرين الماضيين، مع إغلاق الموانئ الأوكرانية إلى حد كبير منذ غزو روسيا، وبالتالي توقفت التجارة البحرية، لكن لا تزال الحبوب الروسية تتدفق رغم ارتفاع أسعار الشحن في البحر الأسود.
وقال المشتري الحكومي في مصر بوقتٍ متأخر من يوم الاثنين إن مناقصة الأربعاء مفتوحة أمام الإمدادات الأوروبية. وقال وزير التموين الشهر الماضي، إن البلاد اضطرت إلى إلغاء المناقصتين الماضتين بعد أن جفت العروض وارتفعت التكاليف، لكنها تلقت كل القمح الروسي الذي طلبته في السابق.
وتجري الهند، التي برزت مؤخراً كمصدر كبير ، محادثات لبدء البيع لمصر.
ومن بين دول الاتحاد الأوروبي، غالباً ما تحصل مصر على القمح من رومانيا، وهي مصدرة رئيسية أخرى في البحر الأسود، وشكلت الدولة أكثر من 40% من مشتريات مصر عبر المناقصات حتى الآن الموسم الجاري، كما حجزت مصر شحنة واحدة من فرنسا.
وتمثل الحكومة المصرية حوالي 40% من مشتريات القمح في البلاد، والباقي محجوز من قبل القطاع الخاص، وفقاً لإدارة الخدمات الزراعية الدولية في وزارة الزراعة الأمريكية.
ارتفعت أسعار العقود الآجلة بنسبة 3.3% في شيكاغو يوم الثلاثاء، وقفز عقد قمح الطحين في باريس بنسبة 4.2% إلى أعلى مستوى في خمسة أسابيع.