بحضور عدد كبير من الباحثين والأكاديميين وممثلي القطاعين العام والخاص والمؤسسات الدولية، انطلقت اليوم فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. المؤتمر يحمل عنوان “صنع السياسات في أوقات تزايد المخاطر وعدم اليقين”، ويشارك فيه خبراء وباحثون وأساتذة جامعات وطلاب وممثلو الجهات التنفيذية والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية.
المؤتمر العلمي السنوي لمركز المعلومات
أعرب السيد أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، عن سعادته بانطلاق فعاليات المؤتمر في رحاب جامعة القاهرة، مؤكدًا على أهمية التعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لمناقشة وتبادل الأفكار حول صنع السياسات في أوقات تزايد المخاطر وعدم اليقين. وأضاف الجوهري أن المؤتمر يعكس اهتمام رئيس مجلس الوزراء بالمشاركة المجتمعية في صنع القرار الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الاستماع إلى أصوات المجتمع البحثي والمشاركة المجتمعية الفعالة هما الأساس لصنع سياسات اقتصادية تتسم بالكفاءة.
وأوضح الجوهري أن المركز حرص على توطيد شراكاته البحثية مع المؤسسات الأكاديمية، مشيرًا إلى أن المركز أصدر خلال عام 2023 أكثر من 180 إسهامًا بحثيًا، ونشر أكثر من 250 إصدارًا دوريًا، و96 ورقة سياسات وتقريرًا ومؤشرًا مركبًا، جميعها تدعم عملية صنع السياسات في مصر. كما أشار إلى تعزيز القاعدة القومية للدراسات لتضم أكثر من 18 ألف دراسة، وتطوير منصة “حوار” كأكبر قناة اتصال بين الحكومة والمواطنين، لافتًا إلى طرح 60 موضوعًا للحوار المجتمعي منذ إنشائها في فبراير 2023.
أكد الجوهري أن المركز يعمل على تعميق المشاركة المجتمعية في الملفات المسندة إليه، مستشهدًا بنجاح مناقشة وثيقة سياسة ملكية الدولة عبر ورش عمل حضرها 1000 خبير، وإعداد دراسة بحثية حول سيناريوهات الاقتصاد المصري بمشاركة أكثر من 400 خبير محلي ودولي. وأضاف أن المركز ينظم مسابقة سنوية لأفضل فكرة تحقق التنمية المستدامة، ويوفر إطارًا مستقرًا للتواصل مع طلبة الجامعات من خلال “منتدى السياسات العامة” الذي شمل مشاركات لأكثر من 550 طالبًا ويضم أكثر من 70 خبيرًا أكاديميًا وتنفيذيًا.
تصريحات رئيس جامعة القاهرة
أعرب الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، عن سعادته بالتعاون المثمر بين كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار لعقد المؤتمر، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يجسد دور جامعة القاهرة في تعظيم الاستفادة من العلم في خدمة الوطن. وأكد الخشت أن صنع السياسات الاقتصادية في سياق عالمي مليء بالتحديات يتطلب تضافر الرؤى من أجل التنمية الشاملة، مشيرًا إلى ضرورة دعم السياسات الاقتصادية لمرونة الاقتصاد وقدرته على مواجهة الصدمات.
وأوضح الدكتور الخشت أن جامعة القاهرة نجحت في الارتقاء بتصنيفها وفق المؤشرات الدولية بمقدار 184 مركزًا في التصنيف العالمي (QS) لعام 2023/2024، مشيرًا إلى أن ذلك جاء نتيجة دعم الجامعة لمؤسساتها البحثية والتعليمية ومنشآتها الصحية، بالإضافة إلى إنشاء أول كلية متخصصة في النانو تكنولوجي في الشرق الأوسط. وأكد أن الجامعة زادت نسب الاعتماد على التمويل الذاتي في تنفيذ المشروعات، مما ساهم في دخول 6 تخصصات ضمن أفضل 100 جامعة في العالم، منها تخصص ضمن أفضل 50 جامعة، في إنجاز جديد لجامعة القاهرة في التصنيفات العالمية.
تصريحات رئيس المؤتمر
أشارت الدكتورة أمنية حلمي، أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ورئيس المؤتمر، إلى أن الهدف من المؤتمر هو تمكين الاقتصاد المصري من التعامل بكفاءة مع المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية المحيطة به وحالة عدم اليقين السائدة في الاقتصاد العالمي والإقليمي. وأوضحت أن المؤتمر يركز على وضع وتنفيذ سياسات اقتصادية وإصلاحات هيكلية سليمة للإسراع بالنمو الاقتصادي الحقيقي والمستدام ورفع مستوى معيشة المواطنين.
أكدت الدكتورة أمنية حلمي أهمية مناقشة تأثير المخاطر المتزايدة وعدم اليقين على عملية صنع السياسات النقدية والمالية والصناعية والزراعية والتجارية والاستثمارية والمناخية، بالإضافة إلى أمن الغذاء والطاقة والمياه. وأشارت إلى أهمية البيانات والمعلومات في اتخاذ القرارات الاقتصادية المستنيرة، موضحة أن المؤتمر يهتم برصد كيفية اغتنام الفرص التي تتيحها التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي لاستشراف المستقبل وطرح حلول استباقية للأزمات.
وأشادت رئيس المؤتمر باهتمام مركز المعلومات بإقامة المؤتمر العلمي السنوي بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، مؤكدة على أهمية الشراكة البحثية بين المركز والكلية لتقديم مقترحات داعمة لعملية صنع القرار في مصر.
كما أوضحت الدكتورة حنان محمد علي، القائم بأعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أن المؤتمر يناقش قضايا بالغة الأهمية. يجتمع الأكاديميون والباحثون مع الخبراء والمتخصصين في جلسات نقاشية وورش عمل تمتد على مدار يومين، لدراسة وتحليل أنواع المخاطر التي يواجهها العالم حاليًا، مثل التغيرات المناخية، أزمات الطاقة، شح المياه، انتشار الأوبئة، والصراعات السياسية.
أشارت الدكتورة حنان إلى أن المؤتمر يهدف إلى بحث تأثير هذه التحديات في رسم السياسات الاقتصادية، بالإضافة إلى كيفية قياس مستويات هذه المخاطر وأبعادها، وتحديد آليات صنع القرار للحد من تأثيرها أو تجنبه. وأكدت أن نقص المعلومات وعدم اليقين يبرز الحاجة لاستخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، لتمكين صناع القرار من إيجاد حلول استباقية للأزمات واستشراف المستقبل لوضع السياسات الاقتصادية المناسبة.
في الجلسة الأولى من المؤتمر، التي أدارتها الدكتورة هبة نصار، الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ونائب رئيس الجامعة الأسبق، ناقش الحضور سبل قياس مستويات تزايد المخاطر وعدم اليقين وانعكاساتها الاقتصادية. أكدت الدكتورة هبة أن هناك فرصًا مختلفة لتوظيف التحديات الاقتصادية وتحويلها إلى حراك اقتصادي فعال، بما يحافظ على الاستقرار الاقتصادي ويعزز دعم المستويات المعيشية للمواطنين في ظل عدم اليقين العالمي.
استعرض الدكتور جودة عبد الخالق، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ووزير التضامن والعدالة الاجتماعية ووزير التموين الأسبق، ورقة بحثية بعنوان “من الانفتاح إلى الإصلاح: الاقتصاد المصري بين الهشاشة والصلابة”. أكد أن الدراسة تستهدف رصد التحولات في الهيكل الإنتاجي للاقتصاد المصري على مدى أكثر من نصف قرن (1990-2022)، وتحديد مدى صلابة الاقتصاد المصري وقدرته على الصمود في مواجهة الأزمات، مع تحديد أهم منهجيات التحليل خلال العقود السبعة الأخيرة وتطوراتها، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز العمل لتوطين الصناعات وتعميق التصنيع المحلي.
كما قدم السيد حسن البرلسي، خريج الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والدراسات الاستراتيجية، ورقة بحثية بعنوان “تحليل مستويات المخاطر وعدم اليقين: دورها في صياغة السياسات الاقتصادية وتأثيرها على الاستقرار الاقتصادي”. أشار إلى أن العالم يشهد تحولات اقتصادية هائلة مدفوعة بالتقدم التكنولوجي المتسارع، العولمة المتنامية، والتغير المناخي السريع، مؤكدًا أن فهم دور المخاطر وعدم اليقين ضروري لفهم كيفية عمل الاقتصاد المعاصر وتفاعله مع التغيرات الداخلية والخارجية.
استعرضت الباحثة الاقتصادية نعمة النجار ورقة بحثية بعنوان “تحليل وقياس مستويات المخاطر في ظل التغيرات الاقتصادية المتزايدة”، بهدف تطوير نماذج وأدوات لتنبؤ المخاطر المستقبلية، وتقديم خطط الطوارئ والاستجابة للأزمات بشكل فعال، بجانب تعزيز الشفافية والامتثال للمعايير واللوائح المالية والمحاسبية.
في ختام الجلسة الأولى، قدمت الدكتورة سهير أبو العينين، أستاذة الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي، والدكتورة يمن الحماقي، أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، تعقيباتهم. أثنوا على الرؤى المطروحة وقدموا توصيات ومقترحات لتعظيم الاستفادة من المخرجات والنتائج البحثية الواردة.
تجدر الإشارة إلى أن فعاليات المؤتمر شهدت توقيع بروتوكولي تعاون بين مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وكليتي الاقتصاد والعلوم السياسية، والدراسات العليا للبحوث الإحصائية.