بقلم/ دكتور رمزي الجرم
الخبير الاقتصادي
من مُنطلق زيادة أُطر التناغم فيما بين السياسة النقدية التي يضطلع بها البنك المركزي، والسياسة المالية التي تضطلع بها وزارة المالية، فقد صدر القرار الجمهوري رقم 584 لسنة 2021 منذ ايام، باعادة تشكيل المجلس التنسيقي الذي تمت الإشارة اليه في المادة 48 من قانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020،
كأحد الآليات الفعالة لتحقيق اكبر قدر من التنسيق فيما بين السياستين النقدية والمالية، والحيلولة دون وجود تعارض بينهما، من أجل زيادة معدلات النمو الاقتصادي، واحداث تنمية اقتصادية واجتماعية مُستدامة.
ويترأس المجلس التنسيقي الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء، وعدد من الأعضاء بحكم وظائفهم، والذي يشمل، محافظ البنك المركزي، ونائبيه، ووزير التخطيط والتنمية الاقتصادية، ووزير المالية، ونائبه للسياسات الاقتصادية والمالية، وثلاث اعضاء من ذوي الخبرة،
والذي شمل الدكتور اشرف العربي، وزير التخطيط السابق، و محمد الاتربي، رئيس اتحاد بنوك مصر، ونائب اتحاد المصارف العربية، والدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب السابق، بالاضافة الى أمانة عامة، تُشكل بمعرفة رئيس المجلس، على العلم ان المجلس المذكور، يجتمع كل ثلاث شهور، أو إذا دعت الحاجة، وترفع قراراته وتوصياته سنوياً إلى السيد رئيس الجمهورية.
على جانب آخر، فالمجلس التنسيقي كان له دورا حيويا، مع بداية برنامج الاصلاح الاقتصادي، من حيث زيادة درجة التنسيق والتناغم فيما بين السياستين النقدية والمالية، مما أدى الى السيطرة على الصدمات المالية أثناء أزمة كورونا،
تَمثل ذلك في قيام البنك المركزي بتقديم تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والقطاع السياحي والقطاع الصناعي بمعدل فائدة منخفض وبسيط، لدعم توجه الدولة لتشجيع هذه النوعية من المشروعات، وتشجيع القطاع الخاص، وبشكل خاص القطاع الخاص الصناعي،
فضلا عن الدعم الذي قام به البنك المركزي المصري في قطاعات اخرى، مثل الاتصالات والتحول الرقمي والزراعة والتصنيع الزراعي والصناعة التحويلية،
كما أن التنسيق تَمثل أيضا، في عدم فرض ضرائب جديدة أثناء فترة الركود الذي كان يواجه الاقتصاد المصري خلال جائحة كورونا، في ظل قيام البنك المركزي بضخ كتلة نقدية للأسواق،
والذي كان من خلال تخفيض سعر الفائدة، من أجل زيادة تداول كمية اكبر من النقد في الأسواق، لمعالجة الركود، إذ ان التناغم والتنسيق في هذا الأمر، له وجاهته الفائقة، لأن فرض ضرائب جديدة، في ظل توجه البنك المركزي لضخ كتبة نقدية جديدة، سوف يفقد اثره، في مواجهة حالة الركود الاقتصادي خلال أزمة كورونا.
والحقيقة، أن أعادة تشكيل المجلس التنسيقي، يتوافق مع التعديلات في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي، وبما يواكب التطورات التي طرأت على البيئية الاقتصادية والمالية العالمية،
حيث يتم الإتجاه نحو تشجيع القطاع الخاص بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، خصوصا في مجال الصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى،
بل التوجه لدعم القطاع الخاص لقيادة قطاعات باكملها، من أجل مواجهة التداعيات السلبية لاستمرار ازمة كورونا، والحفاظ على العمالة ومواجهة شبح البطالة، فضلا عن تحقيق قيمة مضافة، وزيادة مكون الأنشطة الصناعية والإنتاجية في أرقام الناتج المحلي الاجمالي.