مع ارتفاع حدة وتيرة الاضطرابات التي يمر بها العالم وقيام الاقتصاديات باستخدام أدوات السياسة المالية والسياسة النقدية ضمن مجهوداتها لاحتواء الضغوط الحالية، وفي ظل مساعي الدول لتمويل فجواتها التمويلية والحصول على التمويلات اللازمة لها والتي يحتاج الجهات والمؤسسات الدولية المقرضة دائما لتحديد التصنيف الائتماني للاقتصاديات المقترضة، والتي تتم بشكل دوري من خلال مؤسسات التصنيف الائتماني لتحديد الملاءة المالية للاقتصاديات ومستوى المخاطر الائتمانية بالاقتصاديات المقترضة للاطمئنان على قدرتهم في سداد مديونياتها
ومن الملاحظ خلال الازمات الحالة قامت وكالة فيتش بتخفيض نظرتها المستقبلة من مستقرة الي سلبية للعديد من الاقتصاديات في اخر مراجعاتها كفرنسا وانجلترا والولايات المتحدة الامريكية والنمسا وجمهورية التشيك و مصر وكينيا والفلبين وتركيا والبرازيل مع اختلاف الجدارة الائتمانية لكل دولة، وهو ما يعكس اثر تكرار الازمات على الاقتصاديات سواء المتقدمة او الناشئة نحو النظرة السلبية .
ومع تحول النظرة المستقبلية السلبية لتصنيف الاقتصاد المصري من خلال كلاً من مؤسسة فيتش ومؤسسة موديز وتثبيت النظرة المستقبلية الإيجابية لمؤسسة ستاندارد اند بور مع تثبيت كافة مؤسسات التصنيف الائتمانية للمؤسسات الثلاثة عند B+ في ظل التحديات والمخاطر المتزايدة، فنرى ان الاقتصاد المصري في ظل الظروف الحالية والعديد من الإجراءات المطبقة على مستوى السياسة النقدية والمالية التي تمت في أواخر أكتوبر الماضي فستساهم في دعم موقف الاقتصاد المصري، فضلاً عن موافقة صندوق النقد الدولي لمنح مصر القرض الأخير والتي ستساهم في مجملها في تحسن التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري في المراجعات التالية لمؤسسات التصنيف الائتماني.
ونرى ان هناك ضرورة خلال الفترة الحالية للإسراع في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي والعمل على وضع المزيد من الإجراءات التحوطية لاحتواء المخاطر والتحديات الحالية، ووضع الخطط اللامة لتقليل الفجوة التمويلية والتي تفاقمت بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية والمواد البترولية لخفض أعباء الموازنة العامة ولتقليل عجز الميزان التجاري، وتهيئة المناخ الاستثماري لجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة بعد ارتفاع معدلات العائد على أدوات الدين السندات واذون الخزانة المصرية وإعادة تقييم الجنية المصري، والإسراع في اصدار مؤشر الجنية المصري والحفاظ على تعافي القطاع السياحي واستغلال الزخم الحالي للاقتصاد المصري لاستضافته مؤتمر المناخ COP27 واتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير لخفض نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط؛
والاستمرار في تدعيم موقف الاحتياطي النقدي الدولي بعد ان ارتفع بحوالي ربع مليار دولار امريكي في أكتوبر الماضي، فضلاً عن احتواء معدلات التضخم مع التوازن في حماية الفئات الأكثر احتياجاً والتي تأثرت بشكل واضح خلال الازمات المركبة. والامر الذي لا يثير للقلق مع تكرار الازمات التي اصابت الاقتصاد العالمي ان الاقتصاد المصري لم يحدث في تاريخه انه تأخر في سداد أي مديونياته للجهات المقرضة
فضلاً عن قدرة الاقتصاد المصري على سداد استحقاقات الدين الخارجي خلال العام المالي الحالي والبالغة حوالي 6 مليار دولار، واستحقاقات الدين الخارجي للعام المالي المقبل البالغة 9 مليار دولار امريكي. وذلك في ظل تحسن موارد مصر من قناه السويس وصادرات الغاز و بدء نمو إيرادات القطاع السياحي، بالإضافة الإجراءات الداعمة لتحسين أداء القطاع الصناعي وخروج الدولة من العديد من القطاعات الاقتصادية بوثيقة ملكية الدولة والتوجه نحو زيادة معدلات الاعتماد على الطاقة الصديقة للبيئة كالطاقة الخضراء وتوفير التمويل اللازم لها كأحد اهم أدوات جذب الاستثمارات.
بقلم/ الدكتور أحمد شوقى
الخبير المصرفى