الوقف الخيرى والتنمية الاقتصادية
بقلم \ نجلاء عبدالمنعم
اهتم المسلمون بالوقف الخيرى قديمًا وحديثًا وأولوه عناية كبيرة في العمل به أوفي تشريعاته وأحكامه ومصارفه؛ حيث يعد الوقف من الأعمال الصالحة والصدقة الجارية التي حث الإسلام عليها ورغِّب فيها، فكان المسلمون يتسابقون إلى البر ابتغاء فضل الله عز وجل ورضاه، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح، يقول الله تعالى : ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة أية 262)
وقد أكثر المسلمون من الأوقاف يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف”..
وقد عرف نظام الوقف الخيرى عند بعض الحضارات غير الإسلامية لكنه جاء في مجالات مختلفة وضيقة بخلاف الوقف الإسلامي الذي جاء بالمقاصد الكبرى وعلى رأسها طلب الأجر والثواب من الله عز وجل؛ إذ كان الدافع الأكثر بروزًا في توجه بعض أصحاب المَبرَاَت الإنسانية غير الإسلامية إلى هذه الأعمال هو طلب الجاه أو الشهرة، بينما كان المحرك الأساس في أعمال البر والإنفاق عند المسلمين هو ابتغاء مرضاة الله عز وجل سواء أعلم الناس أم لم يعلموا.
الوقف الخيرى والحضارة الاسلامية
يعتبر الوقف أحد أهم مؤسسات القطاع الثالث الذي تقدمت به الحضارة الإسلامية، حيث لعب الوقف دورًا هامًا في تطوير المجتمعات الإسلامية اقتصاديًا، اجتماعيًا، وثقافيًا، وذلك في العصور التي تميزت فيها الدول الإسلامية بانتشار مؤسسات الاقتصاد الإسلامي، وفي ظل ما تعانيه المجتمعات الإسلامية من عجز للوصول إلى التنمية المطلوبة، تظهر بقوة فكرة إحياء دور الوقف من خلال العمل على دعمه وتطويره بما يتماشى ومتطلبات العصر الراهن.
يعتبر الوقف الخيرى من الأدوات الهامة والفعالة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي كان لها الأثرعلى مر العصور في بناء الحضارة الإنسانية والاجتماعية في البلدان والمجتمعات الإسلامية.
ويعتبر الوقف أهم صدقة مالية تطوعية لها صفة الثبات والاستمرار وهو أداة من أدوات النظام المالي في الاقتصاد الإسلامي تعمل على تأكيد الهوية الإسلامية، وتحقيق المقاصد الشرعية .
ويساهم الوقف الخيرى في توفير فرص العمل والحد من ظاهرة البطالة، حيث أن الوقف نظام مؤسسي يقوم على مشروعات تحتاج إلى الأيدي العاملة.
يشهد التاريخ على تعدد مجالات الوقف الخيرى إلى أشكال كثيرة یصعب حصرها، و مثال ذلك الأحباس التي وقفها أصحابها لینفق ریعها على الأمهات بإمدادهن بالسكر والحليب، وعلى الشباب المعسرین بتزویجهم، وعلى العجزة والمرضى والإلتزام برعایتهم ومدهم بكل أنواع المساعدة الصحية والمادية ، وكذا الأیتام بالقیام بخدمتهم وتقدیم ما یحتاجون إليه من مأوى ومأكل وتعليم ورعاية صحية، وعلى الحيوانات بعلاجها وإطعامها والإحسان إليها.
فهذه المجالات المتعددة ساهمت في تحقیق التنمیة الشاملة، عن طريق سد الحاجات الأساسية وتحقيق التكافل الاجتماعي.
النظام الذى يقوم عليه الوقف
و بنظرة في المضمون الذي يقوم عليه نظام الوقف الخيرى سواء من حيث مصدر العملية الوقفية ومنشئها والأوعية المالية التي تتكوّن منها المحفظة الوقفية والجهات المستهدفة من وراء ذلك وما ينتج عن كل ذلك من مؤسسات وأنشطة تغطى مختلف أطراف العملية الوقفية وأهدافها يجعل من العلاقة بين النظام الوقفي والتنمية أمرًا لازمًا وحتميًا، إذ تتجلّى العلاقة بين التنمية والوقف وإمكانية الاستفادة من الوقف في تحويل الأموال من الاستهلاك وتوجيهها نحو الاستثمار، فالوقف في حقيقته ومضمونه الاقتصادي هو عملية تنموية سواء لتنمية الأصول الإنتاجية أو توزيع عوائده على المستحقين
وبالتالي لابد من الاهتمام بصيانة الوقف الخيرى للإبقاء على قدرته في إنتاج السلع والخدمات حتى يؤدي دوره في تراكم رأس المال الإنتاجي المخصص لأعمال البر و الخير في المجتمع ذلك أن المؤسسة الوقفية يمكن أن تقوم بنفس الأدوار التي تقوم بها مؤسسات القطاع الثالث على المستوى العالمي بل وبأكثر كفاءة، فعملية التنمية الوقفية تتسم في أغلب حالاتها بالاستمرارية، حيث تتفوق مؤسسات الأوقاف على موارد التمويل الأخرى بأنها تمثل موردًا منتظمًا يوفر احتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة بدرجة كبيرة وملحوظة، وذلك عن طريق استحداث صيغ عصرية للمال الوقفي تستهدف استعادة الوقف لدوره الفعال في تقديم الخدمات التنموية للمجتمع مع تنظيم مشاركة شعبية في الإشراف على شؤونه وتوزيع عوائده على المستحقين بما يحقق النفع العام ويخدم أغراض التنمية.
دور الوقف الخيرى فى الجانب الاقتصادى
• توفير الحاجات الأساسية للفقراء من مأوى وتعليم وصحة مما يساهم في تطوير قدراتها وزيادة إنتاجيتها، الذي بدوره يحقق زيادة في نوعية وكمية العامل البشري، الذي يعد المحور الرئيسي في عملية التنمية الاقتصادية؛
• مساعدة الدولة في توفير الحاجات الأساسية وتوجيه الفوائض المالية التي كان مقرر إنفاقها في الجانب الاجتماعي غير الإنتاجي إلى مشاريع استثمارية إنتاجية مدرة للربح؛
• مساعدة الدولة في إنشاء بعض المشاريع التي عجزت عنها ؛
ويقوم الوقف بدور فعال في دعم مختلف القطاعات الزراعية، والصناعية، والتجارية، والخدمية، والدفع بها قدمًا لتحقيق التنمية الشاملة كالأتي:
المجال الصناعي : ساهم الوقف الخيرى في تنمية الصناعات العديدة والمختلفة، من خلال الأوقاف التي خصص ريعها للإنفاق على بعض الصناعات الأساسية، بتوفير الخامات وتدريب العمال على أنواع المهارات الفنية والحرف اليدوية.
المجال الزراعي: يتم وقف الأراضي المزروعة لينفق عائدها في مختلف أوجه الخير والبر، مع رصد جزء من الغلة لتعمير الوقف والحفاظ عليه وإضافة مساحات جديدة إليه، مما يساهم في تنمية ذلك القطاع الحيوي الهام.
المجال التجاري: اهتم الوقف بتوفير الأسواق الداخلية والخارجية لكونها المكان المناسب لبيع وشراء المنتجات، والتعرف على حاجات المشترين ، فأقام الدكاكين للتجار من كل صنف، وأقام أحواض المياه المخصصة لدوابهم التي ينقلون عليها بضائعهم
تابع أحدث الأخبار الخاصة بالأموال والأقتصاد من خلال موقعنا سبيد نيوز Speed News
صفحتنا على فيسبوك