أثار انهيار ثلاثة بنوك في الاقتصاد الأمريكي حالة من الجدل والتي ذهبت لتؤثر على العديد من الأسواق الاوربية والاسيوية، وبالنظر لهذة البنوك من حيث ترتيبها في القطاع المصرفي الأمريكي وفقاً للبنوك ذات رأس المال الأكبر من 300 مليون دولار امريكي الصادرة عن الفيدرالي الأمريكي فنجد ان بنك سيليكون فالي يحتل المرتبة رقم 16 وبأصول قدرها 209 مليار دولار امريكي وبنك سيجنتشر هو البنك رقم 29 وصاحب أصول 220.36 مليار دولار امريكي وبنك سيلفير جيت يحتل المركز 128 وبأصول قدرها 11.35 مليار دولار امريكي وبمجموع أصول 330.7 مليار دولار امريكي أي لم يصل حجم أصول البنوك الي حجم أصول البنك العاشر وهو بنك تي دي والبالغ اصوله 386.8 مليار دولار امريكي.
وبالنظر الي مشكلة ان سيليكون فالى تتمثل في مشكلة سيولة حيث اعتمد البنك على استثمار جزء كبير من ودائعه في استثمارت طويلة الاجل لمده تصل الي 30 عام في اذون وسندات خزانة بعائد حوالي 2% من ناحية وقيام الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة خلال العام الماضي بنسبة 4.25% خلال 8 جلسات والتي أدت الي انخفاض قيمة العوائد على السندات واذون الخزانة مقارنة بالعائد بعد الرفع للفائدة والذي وصل الي 5% تقريباً من ناحية أخرى.
ومع تركز تمويلات البنك في تمويل الشركات الناشئة والتي تقوم على الحصول على تمويلاتها من شركات رأس المال المخاطر، ومع بدء تقليل شركات راس المال المخاطر تمويلها للشركات الناشئة بدات الشركات الناشئة في طلب ودائها من بنك سيليكون فالي والذي بدا في مواجهة إشكاليات في توفير السيولة المطلوبة للودائع تحت الطلب من الشركات.
وقام بإصدار اسهم لزيادة رأس مالة لمساعدته في توفير السيولة بمبلغ 2.5 مليار دولار وخسر فيها، وبالتالي اضطر الي بيع سندات من استثماراته بمبلغ 21 مليار وخسر فيها ايضاً حوالي 1.5 مليار دولار لبيعها قبل حلول اجلها فضلا عن ربط حوالي 91 مليار دولار من أموال المودعين في أدوات مالية غير مضمونة ورهن عقاري خسر فيها 15 مليار دولار ومع شعور المودعين بهذة الخسائر توجهوا للبنك لسحب ودائعهم وهو ما أدى الي اغلاق البنك لعدم قدرته في سداد أموال المودعين وانهيارة.
وفى خلال اربع سنوات ارتفع حجم القروض التى منحها بنك سيليكون فالى للشركات الناشئة من 23 مليار دولار في 2017 إلى 66 مليار دولار في 2021 ، كما ارتفعت الودائع من 44 مليار دولار فى 2017 ووصلت 189 مليار دولار في 2021، نجد ان نسبة القروض للودائع35% تقريباً وقام بزيادة استثماراته في الأدوات المالية.
وبالتالي فان مشكلة سيليكون فالى هى مشكلة ادارة مخاطر تحديداُ سواء مخاطر سعر الفائدة ومخاطر سيولة، والتي ذهبت الي مخاطر سمعة حيث قام المودعين يوم الخميس الماضى بسحب 42 مليار دولار بشكل مفاجىء، مما أدى إلى وقف التداول على سهم البنك وحدث خسائر .
وبالنظر لأزمة اغلاق بنك سيجنتشر وسيلفير جيت تتركز في البداية منذ نوفمبر الماضي بسبب انهيار ثاني اكبر منصة لتداول العملات المشفرة FTX وفقد العديد من المتعاملين ثقتهم في هذه العملات وبدا خوف العملاء من احداث منصة FTX وبدأوا في سحب ودائعهم واضطر البنك في بيع سندات بحوالي 5.2 مليار بخسارة وحصول البنك على قرض إضافي للدخول في الرهونات العقارية، وبدأ سيلفير جيت في الانهيار حيث اعنت شركة سيلفير جيت كابيتال المالكة لبنك سيلفير جيت تصفية البنك بعد ان حقق خسائر واخرها في الربع الأخير من عام 2022 حقق خسائر حوالي مليار دولار امريكي
وفيما يخص سيجنتشر بنك والذ اعلن تقليص ودائعه في العملات المشفرة بحوالي 8 الي 10 مليار حيث يرتبط 16.5 مليار دولار امريكي من ودائعه بالاصول الرقمية ومع الإعلان عن الاغلاق للبنك لوجود مخاطر نظامية، بدأ العملاء أيضا في السحب لودائعهم وقاموا بايداع أموالهم في اكبر بنكين جي بي مورجان وسيتي جروب وهما من اكبر البنوك في امريكي باجمالي أصول 3.2 ترليون دولار امريكي و1.76 ترليون دولار امريكي على التوالي.
وفي ضوء ما سبق فنحن امام إشكالية في إدارة المخاطر للبنوك الثلاثة من حيث مخاطر السيولة ومخاطر معدل العائد ومخاطر التركز ومخاطر نظامية. والتي لن يكون لها تأثير على الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير بخلاف تصنيف القطاع المصرفي الأمريكي لسلبي بدلاً من مستقر من خلال وكالة موديز للتصنيف الائتماني.
اما فيما يخص اثر ازمة البنوك الثلاثة على الاقتصاد المصري فلن يكون هناك تاثير على البنوك المصرية، اذا كان هناك تعاملات مع هذه البنوك فقط ، وهو الامر الذى تم نفيه تماماً من قبل البنك المركزى المصرى.
بقلم / دكتور احمد شوقى
الخبير المصرفى