على خلفية إنهيار سيليكون فالي بنك (SVB) بإصول قدرها 212 مليار دولار؛ من المؤكد ان يكون لهذا الحدث؛ تداعيات سلبية خطيرة واسعة النطاق على الأسواق العالمية، وبشكل خاص على أسهم البنوك في كافة أسواق الأوراق المالية العالمية، والذي تَبدى في ظهور حالة من القلق الاضطراب في الاوساط المالية والمصرفية، بمجرد اشتعال شرارة الأزمة
والذي أدى إلى انتقال حالة الذعر لدى أصحاب المدخرات في المصارف الأمريكية، مما أدى إلى افلاس بنوك اخرى في السوق المصرفي الأمريكي، بل تداعيات سلبية على فروع تلك البنوك في البلدان المختلفة، خصوصا بعد إنهيار سيغنتشر بنك بإصول قدرها 110 مليار دولار، على الرغم من حزمة الإجراءات التي اتخذتها السلطات الأمريكية لحماية قطاع البنوك من الإفلاس،على خلفية ان بنك (SVB) يُعد ثاني اكبر البنوك الأمريكية التي تُمول مُنتجات التجزئة المصرفية، وبشكل خاص الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا، في ظل ان 89٪ من ودائع هذا البنك، والبالغة نحو 175 مليار دولار، كانت غير مؤمن عليها حتى نهاية عام 2022،
مما أثار المزيد من الخوف والهلع لدى المودعين، على خلفية ان اقصى تعويض يمكن أن تدفعه المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (FDIC) لا يتجاوز 250 الف دولار.
ومن المؤكد ان إفلاس بنك (SVB) بشكل خاص، سوف يكون له تداعيات سلبية على جيل من الشركات الناشئة الأمريكية، وخصوصاً الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا، مما سيكون له آثار غير مرغوبة على صناعة التكنولوجيا على مستوى العالم، بل ان هذه الأزمة سوف تضع الابتكار الأمريكي على المحك خلال الفترة القليلة القادمة.
ومن الجدير بالذكر ان الأسباب التي أدت إلى انهيار عدد من البنوك الأمريكية، تاتي على خلفية تبني الفيدرالي الأمريكي سلسلة طويلة من رفع اسعار الفائدة على الإيداع والإقراض استمر لمدة كامل، لتصل الفائدة الأمريكية عند مستوى 4.5٪ إلى 5٪ في سابقة لم تحدث منذ اكثر من 40 عاما مضت، وربما تكون تلك الانهيارات في أسهم البنوك الأمريكية، وفق ما اشار به مسئولين مصرفيين أمريكيين ان افلاس بنك (SVB) كان بسبب إنتهاج سلسلة طويل من رفع أسعار الفائدة والذي كان له تداعيات على تضاعف قيمة ودائع البنك بشكل كبير للغاية، وفي المقابل عدم زيادة قيمة القروض المَمنوحة بهذا القدر ، مما أدى إلى زيادة تكلفة الأموال لدى البنوك الأمريكية، وهو ما أدى إلى وجود شكل من أشكال التعثر والافلاس في القطاع المصرفي الأمريكي ،
وربما تدعوا التطورات المُتصاعدة على هذا الصعيد ، إلى عدم اتجاه الفيدرالي الأمريكي نحو زيادة وتيرة اسعار الفائدة على الإيداع والإقراض خلال الاجتماع القادم، وبما قد يكون أمراً مناسباً للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في تبني هذا الاتجاه خلال اجتماعها المقرر في 30 من الشهر الجاري، حيث أن تثبيت اسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند مستوى 16.25٪ & 17.25٪ ربما يكون هو القرار المناسب الذي قد يؤدي إلى إحداث إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية من شأنها وقف زحف معدلات التضخم المرتفعة يشكل اكبر.
والحقيقة، ان السلطات الأمريكية تسعى سعيا حثيثا نحو إحتواء الأزمة، من خلال تقليل حالة التوتر لدى أصحاب المدخرات، وبما قد لا يؤدي إلى حدوث ازمة عالمية، بفعل ما يعرف في الأبيات الاقتصادية(عدوى الأزمات المالية ) فضلا عن ان المنطقة العربية، ربما لا يكون لتلك الأزمة اي انعكاسات سلبية على الجهاز المصرفي لبنوك المنطقة، على خلفية عدم وجود روابط تربط بين تلك البنوك، وطائفة البنوك محل الإفلاس.
بقلم/ دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفى