لا شك أن تصاعد أسهم ترامب بعد محاولة اغتياله والتي أدت إلى تصاعد الدعم له من قبل طائفة كبيرة من الامريكيين ، والتعجيل برحيل بايدن عن البيت الأبيض ، كشف عن قلق اوربي من عودة ترامب للبيت الابيض من جديد ، حيث ان اوروبا غير مرحبة بعودته مرة اخرى ،حيث اشار ترامب الى ضرورة استخدام القوة العسكرية لإنهاء أي احتجاجات طلابية مناهضة للحرب في غزه ، وتهديده لإعضاء حلف الناتو الاوروبيين بضرورة الالتزام بتخصيص 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد الاوروبي المشتركة في الحلف، للدعم المالي للحلف، وتهديده في نفس الوقت بعدم تقديم اي حماية امريكية لأوروبا من الناحية العسكرية.
ولم تنتهي المخاوف الاوروبية لعودة ترامب للبيت الابيض عند هذا الحد، بل امتدت إلى مخاوف اخرى على الصعيد الاقتصادي ، حيث هدد بحرب تجارية تتعلق بالمنتجات الزراعية والسيارات، على خلفية ان الولايات المتحدة الأمريكية لا تحصل على حصة كافية من السوق الاوروبية المشتركة، مما يُنذر بقيام ترامب بوضع عراقيل امام عمليات التبادل التجاري بين دول الاتحاد الاوروبي الحليفة وبين الولايات المتحدة الأمريكية ، من بينها، فرض جمارك جديدة على الواردات الاوروبية لامريكا مثل الحديد والصلب الالومنيوم ، بل الامتناع عن استيراد عددا من المنتجات الاوروبية، بغرض حماية المنتجات الامريكية، وفقا لمبدأ (أمريكا أولاً).
على جانب آخر ، نجد ان اليمين الاوروبي يرحب جدا بعودة ترامب للبيت الابيض مرة أخرى، مثل : ايطاليا وروسيا، حتى ان المجر تنحاز لهذا الاتجاه أيضاً، حيث يلعب بوتين دورا محوريا نحو فوز ترامب، على الرغم من عدم ترحيب الصين الحليف الاقوى لروسيا لهذا الاتجاه، وتلك التطورات، ربما تؤدي الى خلق تحالفات اقتصادية وعسكرية مختلفة تماما عما هو قائم في ظل حكم الديمقراطيين ، والذي من شأنه أن يضع العالم على طاولة الانتظار لأحداث مغايرة تماما عن ما كان الامور عليها ، وهذا سيجعل المشهد السياسي والاقتصادي بل والعسكري في حالة من الضبابية وعدم اليقين.
الا ان بريطانيا سوف يكون من صالحها عودة ترامب الى الحكم، حتى ان حزب العمال البريطاني بدأ في التواصل مع الجمهوريين في الكونجرس الامريكي خلال الفترة القليلة الماضية، وهذا قد يعجل بحدوث شرخ شديد في بنيان دول الاتحاد الاوروبي المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا ما دعا دول الاتحاد الاوروبي الى التفكير في انشاء قوة عسكرية خارج اطار حلف الناتو ، والحديث بدأ يعلو عن قوة تدخل سريع يبلغ عدد أعضائها في أول الامر الى 5 الآف عنصر ،يتم زيادتها الى 50 الف عنصر.
وبشكل عام ، نجد أن الصين والقارة العجوز لديهما قلق بالغ من عودة ترامب ، وبشكل خاص كثير من دول الاتحاد الاوروبي الحليفة لامريكا، خصوصا وان ترامب قد اشار بعدم دعم اوكرانيا في حربها مع روسيا ، على خلفية تكبد الاقتصاد الامريكي اعباء باهظة جراء تلك الحرب، وهذا سيكون في صالح روسيا وفي غير صالح القارة العجوز والصين، اذ أن الصين هي المستفيد الاكبر من استمرار الحرب الأوكرانية الروسية.
بقلم /دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفي