يتكون اقتصاد أى دولة من مكونان رئيسيين اقتصاد ظاهر للعلن ( الاقتصاد الرسمى ) وهو اقتصاد قابل للقياس ومن الممكن الحصول منه على إحصاءات دقيقة ومن خلال هذه الإحصاءات تبنى السياسات الاقتصادية اللازمة لإدارة الاقتصاد القومى ككل والثانى اقتصاد خفى ( الاقتصاد الغير الرسمى ) وهو عبارة عن القناة التى تمر من خلالها جميع الأنشطة الاقتصادية التى لا يتم تسجيلها داخل الإحصاءات الرسمية للناتج القومى ويمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلى الإجمالى وفى بعض الاحيان ينمو هذا الاقتصاد بنسبة تفوق نمو الاقتصاد الرسمى ونتيجة لذلك يؤثر الاقتصاد الموازى ( الاقتصاد الغير الرسمى ) على النمو الاقتصادى وتسبب الإحصاءات الغير دقيقة التى يقدمها هذا الاقتصاد الموازى الكثير من المشاكل لصانعى السياسات الاقتصادية حيث أنها تقدم مؤشرات اقتصادية مضللة .
الاقتصاد الخفى أو الاقتصاد الموازى أو الاقتصاد الأسود أو اقتصاد الظل جميعها مفاهيم تطلق على شئ واحد وهو الاقتصاد الغير رسمى وهو ذلك الاقتصاد الذى يشمل جميع المعاملات الاقتصادية سواء المشروعة أو الغير المشروعة ، النقدية أو الغير نقدية والتى لاتسجل فى الحسابات الرسمية للدخل القومى أى أنه ناتج من المعاملات التجارية التى لا تكون خاضعة للضريبة
أول من أشار إلى الاقتصاد الموازى هو العالم بيتر جوتمان وذلك عام 1977 فى دراسته المسماه بالاقتصاد السفلى والذى أكد فيها على عدم إهمال المعاملات الاقتصادية التى لا يتم تضمينها فى الحسابات الرسمية للناتج القومى .
ولكن فى وقتنا الحالى بدأ معظم دول العالم بالمعاناة من ظاهرة الاقتصاد الموازى سواء كانت دول متقدمة أو متحولة أو دول نامية فقد أصبحت ظاهرة الاقتصاد الموازى من المشاكل الأساسية التى تواجه اقتصاديات المجتمع الدولى ونتيجة لذلك بدأت معظم المجتمعات فى المحاولة للتحكم فى نمو الاقتصاد الموازى وذلك بسبب الخوف مما قد ينتج عنها من عواقب وخيمة.
فنمو الاقتصاد الموازى يقلل من صحة السجلات الرسمية سواء عن البطالة أو قوة العمالة الرسمية أو الدخل أو الاستهلاك والذى يؤدى بدوره إلى اختلالات فى البرامج والسياسات المبنية على هذه السجلات الرسمية ، كما أن الاقتصاد الموازى يشمل الأنشطة التى لا تخضع للنظام الضريبى لذلك تظهر الإيرادات الضريبية بأقل من قيمتها وبالتالى تضطر الحكومات إلى زيادة الضرائب فيزداد العبء الضريبى والذى يؤدى بدوره إلى الخروج من الاقتصاد الرسمى إلى الاقتصاد الغير رسمى .
تتميز أسواق الاقتصاد الغير الرسمى بنقص شديد في عملية تنظيم السوق والمنافسة الشديدة بين المنتجين ومقدمي الخدمات ، حيث لا يخضع الاقتصاد الموازي لقوانين تعمل علي تحديد حجم السوق أو الأنشطة الاقتصادية .
لا يلتزم بالتشريعات والقوانين الصادرة من الدولة مثل التراخيص التي توفرها الدولة لممارسة الأنشطة الاقتصادية ، ولا يخضع لقوانين العمل والضمان الاجتماعي الذي يتم توفيره للعاملين من قبل صاحب العمل، ولا تدخل نشاطاته ضمن الحسابات القومية للدولة مثل حساب الناتج المحلي الإجمالي مما ينتج عنه تقدير الناتج بأقل من قيمته الحقيقية.
تتسم الأنشطة الاقتصادية لهذا النشاط الغير الرسمى بالسرية سواء عملية البيع أوالشراء حتي تكون هذه الأنشطة بعيدة عن عمليات الرقابة ، حيث يتواجد به كافة أشكال الأنشطة الاقتصادية بداية من عملية المقايضة وصولاً إلي التجارة الإلكترونية، ولا يقتصرعلي شريحة معينة في المجتمع حيث يتضمن كافة الأعمار والمستويات التعليمية المختلفة ، بالإضافة إلي تواجده في البلدان النامية والمتقدمة علي حد سواء وأيضا يتصف الاقتصاد الموازي بالتهرب من كافة الالتزامات المستحقة علي الأنشطة الاقتصادية التي يتم ممارستها داخل دائرة اقتصاد الظل.
يمكن تقسيم أنشطة الاقتصاد الغير الرسمى إلي أنشطة تتم في مباني ثابتة ومحددة جغرافياً مثل ورش الميكانيكا والملاهي الليلية والمحلات التجارية وبعض الورش الصغيرة ، وتوجد علي الجانب الأخر أنشطة تتم في مكان غير محدد ولا يتم تسجيلها بشكل رسمي في الدولة مثل عمال الأجرة والدروس الخصوصية .
وعلى ذلك فإن الخصائص التي تتميز بها أنشطة الاقتصاد الغير الرسمى بما يلى :-
يعتمد معظم هذه الأنشطة علي التكنولوجيا غير المتطورة فتعتمد علي أسلوب الاستخدام الكثيف لعنصر العمل بدلا من الموازنة بين عنصري العمل ورأس المال في عملية الإنتاج.
تعتمد هذه الأنشطة علي السيولة النقدية ورؤوس الأموال قليلة الحجم .
تقوم هذه الأنشطة باستخدام المواد الأولية ذات المنشأ الداخلي وتتجه معظم منتجاتها إلي السوق الداخلي
لا يوجد توازن في أجور العاملين بهذه الأنشطة حيث تتفاوت الأجور ، فيوجد إتجاه من بعض العاملين نحو اكتناز الأموال والثراء السريع وهنا من الممكن أن يتحول الاقتصاد الموازي لاقتصاد إجرامي وتمارس معظم الأنشطة في المنازل والمنازل المخالفة بشكل خاص .
لا يوجد فصل بين عملية الإدارة والملكية حيث في معظم الأحيان يكون مالك النشاط هو المدير وعلي الجانب الأخر تستفيد هذه الأنشطة من خدمات البنية التحتية الموجودة في الدولة وفي المقابل تتجه إلي التهرب الضريبي.
وللحديث بقية مدام للعمر بقية
بقلم/ دكتور محمد الشوربجى
الخبير المصرفى