محطات قطار العمر هي تجارب يمر بها الإنسان مواقف أو مراحل زمنية أو خبرات منها ما هو سار ومنها ما هو ليس كذلك محطات قد يتغير فيها مسار الحياة وأخري لا نتذكرها ولا تؤثر فنيا والشاطر هو من يتمعن في تجاربه في الحياة ويسترجع ذكرياته لكل ما مر بها من مواقف من أجل ان يتعلم ويعتبر
كانت فضيلة توفيق أو أبلة فضيلة احدي تجاربي في الحياة وأحد حواراتي التي كنت أجريها كل أسبوع في ملحق محبوبتي الذي أصدرته جريدة الجمهورية لكي يقدم صورة للمرأة بما يلم بها من مشاكل أو شكاوي أو قضايا
وكانت الراحلة أبلة فضيلة احد حواراتي وكانت رسالتها للأطفال أحد اهتماماتي في مشوار العمر فقد كانت هي والإذاعي الشهير محمد محمود شعبان بابا شارو قد صنعا معاً عقولنا منذ الخمسينيات
وكنا نجري وراء برنامج أبلة فضيلة حيث يفرح الأطفال ويتعلمون سلوكاً مميزاً ووعياً لكل ما يجري حولهم سواء في البيت أو المدرسة وظلت الإذاعية فضيلة توفيق سبع عقود متتالية وبرامجها حتي القديمة طازجة كان برنامجاهاغنوة وحدوتة…
وحديث الأطفال في الإذاعة علامتين علي طريق تعليم وجذب الأطفال وكانت تملك ناصية الميكروفون وأحبت الأطفال فأحبها كل الناس
أبلة فضيلة عندما التقيت بها في بيتها في المهندسين كانت صادقة ومخلصة لعملها والأهم انها كانت تحب هذا العمل وكانت صديقة لكل مذيعات عصرها مثل آمال فهمي وصفية المهندس لدرجة انني عندما التقيت أيضاً بآمال فهمي لم تشكر في أي مذيعة وتعطيها حقها مثل أبلة فضيلة.
كانت مسألة الغيرة من الزميلات وبالذات المشهورات ليست من ضمن اهتماماتها بل كانت تتمتع بطيبة قلب وحب للأطفال بالرغم ان ابنتها الوحيدة ريم إبراهيم كانت تعيش في كندا ودائماً تتشوق إلي السفر لها لرؤيتها هي وأحفادها
وفي أواخر أيامها عاشت مع ابنتها في كندا إلي ان توفيت أبلة فضيلة بالرغم من طيبتها كانت عصبيتها شديدة كما يقول الإعلامي عمر بطيشة رئيس الإذاعة المصرية الذي التقيت به أيضاً وكان يقول عنها انها موهوبة وكانت حكاياتها الشيقة سبباً في حب الكبار والصغار
كما قال عمر بطيشة صوتها طفولي ومن شدة حبها للطفل رفضت ترك برامج الأطفال عندما أصبحت رئيسة للبرنامج العام أشار بطيشة إلي ان أكثر ما يميز فضيلة ضحكتها وبراءتها وكانت من داخلها طفلة بالرغم من انها من جيل العمالقة في الإذاعة في الخمسينيات والستينيات إلي ان أصبحت أيقونة حقيقية لبرامج الأطفال
وقد استضافت في برامجها للأطفال عمالقة الفن والصحافة منهم أنيس منصور وعبدالحليم حافظ وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وفايزة أحمد لا أنسي حوارها معي منذ عشرين عاماً عندما تحدثت معي عن ذكرياتها وبرنامجها غنوة وحدودتة الذي شكل وجدان أجيال متلاحقة في مصر والعالم العربي
يا ولاد يا ولاد توت توت تعالوا تعالوا علشان نسمع أبلة فضيلة راح تحكي لنا كمان أسامينا أشهر تتر لأحد أهم برامج الإذاعة المخصصة للأطفال والذي عشقه كثيرون واحتلت به أبلة فضيلة مكانة كبيرة وسط القلوب أبلة فضيلة رحمها الله حدوتة مصرية
وقصة مستمرة في ضمير كل من سمعها وعاش علي صوتها تركت بصمة مستمرة ولدورها في تربية الأطفال وتعليمهم أثر كبير لهذه الأجيال وأتمني ان يكون هناك أمثال أبلة فضيلة في ميدان الطفولة الذي ينقصه الكثير الآن
والغريب ان الكل نعاها حتي المجلس القومي للمرأة ولم اقرأ أو اسمع إلي نعي المجلس القومي للطفولة وأخيراً يسدل الستار بعد مسيرة عطاء طويلة عن مشوارها الإبداعي وتختتم حكاية أشهر الإذاعيات ولكن يظل اسمها محفوراً بحروف من ذهب تستقي منه الأجيال المتعاقبة رحلة النجاح والتميز والحب وتخلص الحدوتة.
بقلم /ناهد المنشاوي
الكاتبة الصحفية