يبدو أن الأزمة المشتعلة الآن في الشرق الأوسط، وبوادر الأزمات المتكررة بين إسرائيل وفلسطين ولبنان، قد تحولت إلى حرب جارية، وما يمكن أن تخلقه من أزمات اقتصادية وضغوط على هياكل الدول المتناحرة المالية، وذلك بسبب التفرغ التام للتحضيرات الحربية وعتادها من جانب، ومن جانب آخر، نجد أن الاقتصادات المعتدى عليها تخسر مليارات الدولارات يوميًا، فضلًا عن الأزمات الإنسانية المتفاقمة. وعلى جانب آخر، تفرض الدول ذات المصالح عقوبات على تلك الدول لتقييد حركتها التجارية الخارجية مع دول العالم ودول الجوار، مما يخلق فجوة داخل تلك الاقتصادات طالما أن الحرب لا تزال قائمة.
ولذلك، فإن الاقتصاد العربي في المنطقة، ما لم يحتط، يواجه تحديات مباشرة لم تكن موجودة لولا بوادر الحرب الحالية، بسبب هروب رؤوس الأموال إلى خارج المنطقة، وسحب الاستثمارات الأجنبية، وقطع تدفق تلك الاستثمارات خشية من زيادة التوترات الجارية، مما سيؤثر بطبيعة الحال على مسار تلك الدول الاقتصادي، ويؤدي إلى خفض تصنيف اقتصادات المنطقة نتيجة لهذه التوترات.
ومع ذلك، وبالنظر إلى طبيعة الصراع الجاري الآن على أرض لبنان وفلسطين، وإجراءات التصعيد عبر المزيد من الاغتيالات، تظل المؤشرات الاقتصادية متعطلة حتى تتحقق سلامة تلك الشعوب. ولكن الأمر أصبح صعبًا، خاصة أن لبنان تعتمد بشكل كبير على إيرادات السياحة، وبالتالي قد تخسر الكثير، خصوصًا أن الأزمات الاقتصادية كانت متتالية عليها خلال السنوات القليلة الماضية، فضلًا عن نزوح الكثير من المواطنين في حالة التصعيد إلى أماكن أكثر أمانًا، مما يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي.
لتبقى الحرب إذًا هي الحرب، تنعكس من خلالها آثارها الاقتصادية ليس فقط على الدول المتناحرة، بل تصيب أيضًا الدول الأخرى التي يتطلب منها الترقب والدفاع عن نفسها إذا اقتضى الأمر ذلك.
إضافة إلى ذلك، هناك تداعيات إنسانية كبيرة بسبب النزوح، وفتح المدارس في لبنان ليس بغرض الدراسة بل بغرض الإيواء، وكأن قضية غزة تتكرر بسيناريو مختلف. إلا أننا نأمل في القريب العاجل إنهاء هذا الصراع الذي أنهك قوى العالم كله وأدخله في منزلق التزامات مادية جديدة تضاف إلى مجموعة الأعباء التي تسببت في تضخم غير محتمل للعالم بأسره.
بقلم/ دكتور عمرو يوسف
أستاذ الاقتصاد والتشريعات المالية