يعتبر مؤتمر المناخ الذى تم أنعقاده بمدينة شرم الشيخ، الحدث الأكبر ليس فقط في مصر، وإنما على مستوى العالم.حيث أكد مسؤلون معنيون بشئون البيئة والمناخ أن الدورة 27 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية cop27 بمدينة شرم الشيخ حدث فريد وغير مسبوق يصعب تكراره خاصة أن مصر تمثل قارة إفريقيا وكذلك نظرا لأهمية الملف الخاص بالتغيرات المناخية
وقد ركز مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، على القضايا التالية :-
- بدء المفاوضات حول المسودة الأولى للاتفاقي، والمطالبة بتمسك بهدف 1.5 درجة مئوية في الإعلان النهائى للمؤتمر كأحد المكتسبات الرئيسية لاتفاقية باريس للتغير المناخي 2025.
- وصول الرئيس البرازيلى المنتخب “لولا دا سيلفا” إلى شرم الشيخ، تلبية لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى له لحضور قمة المناخ “كوب 27”.
- إطلاق الرئاسة المصرية للمؤتمر ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” مبادرة – “FAST ” التى تهدف إلى جعل نظم الأغذية الزراعية أكثر استدامة فى مواجهة التغيرات المناخية.
- توقيع مصر ممثلة فى وزارة التخطيط، وصندوق مصر السيادى، عدد من الاتفاقيات بين الصندوق وعدد من المطورين بقيمة 83 مليار دولار في قطاع الطاقة المتجددة.
- قضية الربط الكهربائي بين اليونان ومصر باعتباره ممر جديد لتبادل الطاقة النظيفة بين أوروبا وشمال إفريقيا عبر تركيب كابل تيار مباشر بجهد 500 كيلوفولت بطاقة إجمالية تصل إلى 3 جيجاوات.
- قضية التعويض عن الخسائر للدول النامية الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ، وضرورة الوفاء بالتزامات الغرب بتقديم 100 مليار دولار سنوياً للتكيف، والمطالبة بتدشين صندوق خاص لمعالجة الخسائر والأضرار.
- الحديث عن خطة “الدرع العالمي” التي ستوفر التمويل والتأمين للبلدان الفقيرة المتضررة من الفيضانات والجفاف أو غيرها من الكوارث المرتبطة بتغير المناخ.
- تعهد الاتحاد الأوروبي بزيادة خفض انبعاثات الكربون لتصل إلى 27% بحلول 2030 مقارنة بنسبة 55% الحالية.
وقد رصد تقرير صادر عن سكرتارية اتفاقية الأطراف لقمة المناخ فى دورته السابعة والعشرين تقرير مجمع عن أبرز النتائج التى تم إنجازها فى Cop27، المنعقدة بمدينة شرم الشيخ منها:
- شهد COP27 إطلاق برنامج عمل جديد مدته خمس سنوات. لتعزيز حلول تكنولوجيا المناخ في البلدان النامي
- حقق مؤتمر الأطراف 27 (COP27) تقدما كبيرا في العمل المتعلق بالتخفيف حيث تم إطلاق برنامج عمل التخفيف في شرم الشيخ، بهدف التعجيل بتوسيع نطاق طموح التخفيف وتنفيذها، وسيبدأ برنامج العمل فورًا بعد مؤتمر المناخ الحالى ، مع عقد حوارين عالميين على الأقل كل عام، ويستمر حتى عام 2030
- كما طُلب من الحكومات إعادة النظر في أهداف عام 2030 وتعزيزها في خططها المناخية الوطنية بحلول نهاية عام 2023 .
- المطالبة بتسريع الجهود للإلغاء التدريجي للطاقة التي تعمل بالفحم دون هوادة والتخلص التدريجي من إعانات الوقود الأحفوري غير الفعالة، حيث يقر نص القرار بأن أزمة الطاقة العالمية غير المسبوقة تؤكد الحاجة الملحة إلى تحويل أنظمة الطاقة بسرعة لتصبح أكثر أمانًا وموثوقية ومرونة، من خلال تسريع التحولات النظيفة والعادلة إلى الطاقة المتجددة خلال هذا العقد الحرج من العمل.
- اختتم المندوبون في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الحوار التقني الثاني لعملية التقييم العالمي الأولى، وهي آلية لرفع الطموح بموجب اتفاقية باريس. سيعقد الأمين العام للأمم المتحدة “قمة طموح المناخ” في عام 2023 ، قبل اختتام مؤتمر المناخ العام المقبل.
- أطلقت البلدان حزمة من 25 نشاطا تعاونيا جديدا في خمسة مجالات رئيسية: الطاقة ، والنقل البري ، والصلب ، والهيدروجين ، والزراعة.
- أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن خطة بقيمة 3.1 مليار دولار أمريكي لضمان حماية كل شخص على هذا الكوكب من خلال أنظمة الإنذار المبكر في غضون السنوات الخمس المقبلة
- نشر فريق الخبراء رفيعي المستوى التابع للأمين العام للأمم المتحدة والمعني بالالتزامات الصافية تقريرًا يعمل كدليل إرشادي لضمان تعهدات موثوقة وخاضعة للمساءلة من قبل الصناعة والمؤسسات المالية والمدن والمناطق.
- تم إطلاق خطة تقودها مجموعة السبع تسمى مرفق تمويل الدرع العالمي لتوفير التمويل للبلدان التي تعاني من كوارث مناخيه
- أعلنت الدنمارك وفنلندا وألمانيا وأيرلندا وسلوفينيا والسويد وسويسرا ومنطقة والون البلجيكية عن 105.6 مليون دولار أمريكي كتمويل جديد ، وشددت على الحاجة إلى مزيد من الدعم لصناديق مرفق البيئة العالمية التي تستهدف التكيف الفوري مع المناخ. احتياجات الدول منخفضة الدخل وذات الدخل المنخفض
- ستعمل الشراكة الجديدة لانتقال الطاقة العادلة في إندونيسيا، والتي تم الإعلان عنها في قمة مجموعة العشرين التي عقدت بالتوازي مع مؤتمر الأطراف السابع والعشرين ، على تعبئة 20 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة لتسريع التحول العادل للطاقة.
- تم إحراز تقدم مهم في حماية الغابات مع إطلاق شراكة قادة الغابات والمناخ ، والتي تهدف إلى توحيد الإجراءات التي تتخذها الحكومات والشركات وقادة المجتمع لوقف فقدان الغابات وتدهور الأراضي بحلول عام 2030.
وقد تعهّدت مصر خلال هذا المؤتمر بالامتثال وتطبيق عدد من الالتزامات المتعلقة بسياسات الحفاظ على البيئة ومجابهة مخاطر ومواءمة سياساتها مع التغير المناخي والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وجميعها التزامات محمودة وجيدة وتعكس وعياً سياسياً وقومياً بخطورة القضية محلياً وعالمياً، فلا يكفي أن ينعقد المؤتمر وينتهي بدون استثماره والانطلاق منه نحو وضع سياسات بيئية حقيقية
وحتى تتمكن مصر من الوفاء بتعهداتها لابد من التحرك على عدة محاور :-.
أولا : محور الخطط وقياس التقدم
لابد من التركيز على إتفاقية الشراكة الوطنية للتمويل الأخضر، حيث يمكن اعتبارها خطة عمل واضحة ومتعددة الجوانب الحيوية على المستويين الاستراتيجي والأمني وعلى مستوى اهتمام المواطن. وتتضمن الخطة أبعاد انعكاس التغير المناخي على الأمن الغذائي وعلى المياه وعلى تحسين النقل الأخضر الآمن. ولمتابعة تنفيذ تلك المشاريع لابد من توافر فريق عمل متعدد التخصصات ولا يقتصر على جهة حكومية أو مؤسسة واحدة .
ثانيا : محور المستوى التنظيمي
لابد من وضع وزارة البيئة بما يتناسب معها من قضايا و إعادة النظر في وضعها بالهيكل التنظيمي، حيث صارت القضايا البيئية ذات أولوية، كما أنها قضايا متداخلة مع القضايا الاقتصادية والاستثمار والزراعة والصناعة والتجارة والأمن القومي.
ثالثا :- محور المستوى المجتمعي،
يتعين أن يتم تأسيس وتشجيع منظمات مجتمع مدني تهتم وتناصر قضايا البيئة، كما لابد من تشجيع إنشاء أحزاب سياسية تكون قضايا البيئة محور عملها السياسي والفني. على أرض الواقع ،. كما لابد تشجيع المبادرات المجتمعية من الشباب أو من المتخصصين لإيجاد حل للمشكلات البيئية، وتسهيل الإجراءات أمام تلك المبادرات .
وحتى يتسنى تحقيق سياسة بيئية وتعميق مفهومها لدى المواطنين لابد من تكثيف النشاط فى هذا المجال حتى يتم التوعية الكافية للمواطن وذلك على سبيل المثال وليس الحصر أن يتم إنشاء منصة إعلامية مصرية مستمرة تجمع الإعلاميين المتميزين والخبراء وأساتذة الإعلام وأساتذة الجامعات في علوم البيئة والجيولوجيا؛ حتى يكون هناك (وعي مناخي حقيقي) ،وأعتبار الإعلام التعبوي جزءًا من الإعلام المناخي، الذي سيكون هو مستقبل العالم
وحتى يتم الالتزام بألاستراتيجيات الموضوعة لمواجهة التغيرات المناخية لابد من سن القوانين و التشريعات البيئية و المناخية وذلك من خلال المجالس النيابية للدولة من خلال طرح هذه القوانين و التشريعات سندا لتلك الاستراتيجيات وتطبيقها ويكون لها الاثر الايجابى على التنمية الاقتصادية المستدامة
بقلم/دكتور محمد الشوربجي
الخبير الاقتصادي