واجه الاقتصاد المصري خلال عام 2024، العديد من التحديات الجسيمة التي أثرت بشكل مباشر على مسار نموه واستقراره، حيث تصاعدت الضغوط الناتجة عن التوترات الجيوسياسية العالمية مثل الحرب الروسية الأوكرانية، التي ألقت بظلالها على الأسعار العالمية للطاقة والسلع الأساسية. إضافة إلى ذلك، كان لارتفاع أسعار الفائدة عالمياً تأثيره على حركة الاستثمارات الأجنبية في الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر. على الرغم من تلك الظروف الصعبة، أظهر الاقتصاد المصري قدراً كبيراً من المرونة والقدرة على التكيف مع هذه الظروف الاستثنائية، حيث استمر في تنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تعزيز استدامة النمو في المستقبل.
وفى إيجاز سريع نستطيع أن نفد حصاد الشكل العام للإقتصاد المصرى لعام 2024من خلال عدة محاور أهمها :
النمو الاقتصادي:
فقد سجل الاقتصاد المصري نموا ملحوظًا في بعض القطاعات مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية بفضل استثمارات محلية ودولية، وعلى جانب آخر كان هناك تراجعا فى أداء بعض القطاعات كالسياحة نتيجة تقلبات الأسواق العالمية وتغير أنماط السفر.
السياسة النقدية والتضخم:
كان لاتباع الحكومة والبنك المركزي سياسات نقدية أكثر تشددا أثره للسيطرة على معدلات التضخم، التي وصلت إلى مستويات مرتفعة بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا، بالإضضافة إلى استقرار سعر الصرف إلى حد ما رغماستمرار الضغط على الجنيه المصري نتيجة التحديات التمويلية.
الاستثمار الأجنبي:
فقد شهدت مصر توقيع عدد من الاتفاقيات الاستثمارية، خاصة مع دول الخليج، مما عزز من تدفقات رأس المال الأجنبي، مع تزايد الاستثمار في قطاعات استراتيجية مثل الزراعة المستدامة والتكنولوجيا المالية.
الدين العام :
على الرغم من إرتفاع مستويات الدين العام، إلا أن الحكومة ركزت على إعادة هيكلة الديون وتوسيع قاعدة الإيرادات من خلال تحسين النظام الضريبي.
أما عن التوقعات لعام 2025 إن شاء الله ، فإن معظم المؤشرات تؤكد على وجود تطورات إيجابية على كل من :
النمو الاقتصادي:
يتوقع الخبراء أن يسجل الاقتصاد المصري نموا أكثر استقرارا يأتى مدعوما بمبادرات حكومية لتحفيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة مع استمرار التوسع في مشروعات البنية التحتية خاصة المتعلقة بالطاقة والنقل.
التضخم:
فمن المرجح أن تنخفض معدلات التضخم تدريجيا مع تحسن إمدادات السلع وتطبيق سياسات مالية فعالة.
الاستثمار الأجنبي والمحلي:
فإنه من المتوقع أن ترتفع تدفقات الاستثمار الأجنبي بفضل السياسات الداعمة وتحسين بيئة الأعمال بالإضافة إلى استمرار التعاون مع المؤسسات الدولية لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال.
والذى يدعونا لإن نكون أكثر تفاؤلاً أن البنك الدولي يتوقع نموا اقتصاديا بنسبة 4.2٪ في عام 2025، مما يشير إلى استمرارية التعافي التدريجي للاقتصاد المصري مع تحسن البيئة الاقتصادية العالمية، كما توقعت وكالة رويترز أن تكون هناك زيادة فى نمو الاقتصاد المصري إلى 4.0٪ في العام الذي ينتهي في يونيو 2025، مع إنهاء الإجراءات التقشفية التي فرضها صندوق النقد الدولي، مما يعطي دفعة للاقتصاد.
وعلى هذا فإن التوقعات الإجمالية، أن يشير التحليل إلى أن الإصلاحات الاقتصادية المستمرة، مع تعزيز الاستقرار السياسي ستساهم في دفع النمو إلى مستويات إيجابية، مما يُظهر قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع التحديات والعودة إلى مسار النمو القوي.
ورغم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، يمكن القول بأن عام 2025 يحمل في طياته آفاقاً إيجابية مع الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتحقيق استقرار اقتصادي جزئي في القطاعات المختلفة، فإن الاقتصاد المصري سيكون في وضع أفضل لتحقيق معدلات نمو أكثر استدامة. في ضوء ذلك، يمكن أن نكون على أعتاب مرحلة جديدة من النمو، تعززها الابتكارات والتحسينات الاقتصادية، مما يبعث على التفاؤل بمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارا.
بقلم / الدكتور حسين العسيلي
الخبير المصرفي