حلم الـ100 مليار… عندما تستورد دولة الكثير من المنتجات بنسبة عالية مقارنةً مع صادراتها، يحصل تشوه في التوازن التجاري وتفقد العملة المحلية قيمتتها و يؤثر فقدان العملة المحلية قيمتها سلبيًا في حياة المواطن اليومية،
لأن قيمة العملة من أهم العوامل التي تحدد مدى فاعلية الأداء الاقتصادي للدولة والناتج المحلي الإجمالي. إذ تعد الموازنة بين الاستيراد والتصدير شيئًا جوهريًا لاقتصاد الدولة .
وقد كلف الرئيس عبد الفتاح السيسي لخريجي البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، بربط مبادرة حياة كريمة بمشروع متكامل للصناعة وتنمية العنصر البشري وتوطين التنمية،
بما يضمن استدامة المبادرة، وانطلاقا من كون الصناعة المحرك الرئيس لتحقيق التنمية الاقتصادية، ونظرا لأهمية الصناعة في تحقيق الاستغلال الأكثر كفاءة وفاعلية للموارد، تأتي المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» لدفع قطاع الصناعة في مصر إلى أفاق جديدة.
وفي 26 أبريل 2022 بالتحديد وخلال حفل إفطار الأسرة المصرية، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن إطلاق المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»،
كمبادرة لدعم وتوطين الصناعة الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في توطين العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر وتم تقديم عدد من الحوافز في صورة أراضي بحق الانتفاع وإعفاء من الضرائب لمدة خمس سنواتفضلا عن تقديم أوجه الدعم اللازم لتقنين الأوضاع للمخالفين وتقديم الدعم الفني والمادي اللازم للمتعثرين .
وتهدف المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» إضافة استثمارات جديدة لقطاع الصناعة بقيمة 200 مليار جنيه وتوفير نحو 150 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال السنوات الأربعة القادمة.
وأكد رئيس الجمهورية علي تدخل الدولة الفوري لحل أي عقبات تواجه المستثمرين ورجال الصناعة حال تعرضهم لأي مشكلة، مع بذل كافة الجهود للوصول بعائدات الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار قبل مرور 5 سنوات لتحقيق التنمية بالبلاد.
وقد رصدت المبادرة أبرز العوائق التي تواجه الصناعة وهى :-
• غياب قواعد البيانات الحقيقية للصناعة من أراضي ومصانع متوقفة ومقدمي الخدمات
• احتياج الصناعة إلى معامل اعتماد معتمدة بجانب توطين الصناعة الوطنية
• عدم قدرة الصناعات الصغيرة والمتوسطة بالتواصل مع الجهات الحكومية لتقنين أوضاعها.
• وجود خلل واضح في بعض البنود الجمركية عند استيراد الخامات ومكونات الإنتاج.
• تأخر الإفراج عن الخامات بسبب الاعتمادات المستندية
• صعوبة تقنين إجراءات بعض الصناعات في المحافظات المختلفة.
• ضرورة استكمال الترفيق للمناطق الصناعية.
وتقوم المبادرة على عدة أهداف، تشمل:
* توفير فرص عمل للشباب
* توطين الصناعات الحديثة
* تقليل الفجوة الاستيرادية
وقد جرى البدء في تنفيذ 64 مشروعا صناعيا بمختلف القطاعات، بالشراكة مع 33 شركة مصرية، و20 مستثمرا أجنبيا من 12 دولة للعمل على نقل تكنولوجيا التصنيع. و جرى التواصل مع أصحاب المصانع والعاملين بها خلال الفترة الماضية عن طريق فريق الرصد الميداني؛ للتعرف على مشاكلهم والعمل على حلها، وتوفير التدريب المناسب للعاملين، فضلا عن إجراء 3 آلاف مقابلة مع هذه المصانع.
هذا وقد نجحت المبادرة في مواجهة عدد من التحديات خلال الفترة الماضية، إذ قدمت دعما لما يقرب من 1500 مصنع للحصول على التراخيص والمستندات الرسمية لها لتوفيق أوضاعها.
بالاضافة الى جذب استثمارات بعدد من القطاعات من بينها: صناعات الأسمدة والمنتجات الكيماوية، وقطع غيار السيارات، والصناعات المعدنية، والورق ومنتجاته، وأجهزة الاتصالات والمحركات والمولدات الكهربائية، والمنتجات الجلدية، كما عملت المبادرة على خلق تكامل مع أكاديميات البحوث والتدريب للمساهمة في تدريب الشباب كما نجحت المبادرة في جذب شراكات وصل عددها ل 64 شراكة كبرى منها 13 شراكة مع مستثمرين أجانب.
تنقسم محاور عمل المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ»، إلى 3 محاور، وهي محور المشروعات الكبرى، ومحور دعم الصناعات، ومحور البحث والتطوير والتدريب ..
ويضطلع بالعمل على أهداف المبادرة ومحاورها شركة ابدأ لتنمية المشروعات ش. م.م والتي تعد الذراع التنفيذي للمبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية وتساهم فيها مؤسسة حياة كريمة بحصة حاكمة بما يضمن توفير مصدر مستدام لتمويل حياة كريمة ومشروعاتها المستقبلية وتحقيق التمكين الاقتصادي للمواطنين في قرى حياة كريمة.
محور المشروعات الكبرى
يقوم المحور الأول للمبادرة وهو محور المشروعات الكبرى على عقد شراكات مع كبار المصنعين سواء كانت مشروعات قائمة ترغب في تطوير أنشطتها أو مشروعات جديدة.
وفي إطار المشروعات الكبرى يجري زيادة الاستثمارات الصناعية بالشراكة مع الخبراء في القطاعات المختلفة وتشجيع الصناعات المغذية وضمان قدرتها على التوسع وتطوير شامل لمقومات العمل الصناعي من خامات وصناعات مغذية ومنتجات نهائية ومعامل الفحص والاختبارات والتكامل مع سلاسل القيمة بالشراكة مع القطاع الخاص .
هذا وقد نجحت المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» في تجميع المصنعين المتنافسين داخل القطاع الواحد لتوطين صناعات مغذية تتطلب الإنتاج بحجم كبير واستهلاك المنتج من قبل تحالف من المستثمرين المحليين كمكونات الأجهزة الكهربائية المنزلية التي سيقوم بتصنيعها واستهلاك وتصدير إنتاجها تحالف من مصنعي الأجهزة الكهربائية المنزلية المحليين بالشراكة مع المستثمرين الأجانب.
وتتضمن القطاعات التي نجح محور المشروعات الكبرى في عقد شراكات بها كل من قطاع الأجهزة الكهربائية المنزلية والذي استطاع جذب مستثمرين من اليابان والصين وتايوان وإيطاليا وتركيا لتوطين صناعات مكونات الأجهزة الكهربائية المنزلية.
كما نجح محور المشروعات الكبرى في جذب استثمارات في قطاعات صناعات الأسمدة والمنتجات الكيماوية والمطاط واللدائن وقطع غيار السيارات ووسائل النقل والصناعات المعدنية والورق ومنتجاته وأجهزة الاتصالات والمحركات والمولدات الكهربائية والمنتجات الجلدية والمعدات الثقيلة، وغيره.
وتحت مظلة محور المشروعات الكبرى يجرى حتى الآن تنفيذ 64 مشروع صناعي مع 33 شركة مصرية خاصة و20 شركة أجنبية تعمل على نقل التكنولوجيا من 12 دولة.
وتستوفي كافة المشروعات الكبرى في إطار المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية معايير توطين أحدث التكنولوجيات في الصناعة، ونسب مكون محلي مرتفعة يتم زيادتها بشكل تدريجي بما يضمن تقليل الفجوة الاستيرادية والتكامل بين الصناعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، كما تستهدف بعض المشروعات تصدير إنتاجها بالكامل للخارج بناء على دراسات المواصفات الفنية والقياسية لأسواق التصدير.
محور دعم الصناعات
أما محور دعم الصناعات، ينقسم العمل فيه إلى تقديم الدعم الفني والمادي للمصانع المخالفة والمتعثرة ومساندتها حتى تستطيع تقنين أوضاعها كما يعمل محور دعم الصناعات على التواصل المستمر بالتنسيق مع فريق مؤسسة حياة كريمة الموجود في كافة قرى ومراكز كحياة كريمة للبناء على جهود الدولة وطفرة البنية الأساسية، وعمل تمكين اقتصادي من خلال توطين سلاسل صناعات متكاملة بمراكز حياة كريمة تضمن تعظيم استغلال القيمة المضافة لموارد هذه المراكز وتوطين صناعات حديثة بها.
محور البحث والتدريب
أما عن محور البحث والتطوير والتدريب، فيستهدف المحور البحث والتطوير والتدريب تنمية الموارد البشرية في قرى ومراكز حياة كريمة وكافة أنحاء الجمهورية وتقديم التدريب الفني والمهني والتثقيفي لها.
ويهدف هذا المحور إلى ضمان مواكبة المشروعات الصناعية لتطورات المتلاحقة في الصناعة، كما ونجح محور التدريب والبحث والتطوير في توقيع بروتوكولات للتدريب مع جهات مختلفة حكومية وخاصة.
أن تحقيق حلم الوصول إلى “100 مليار دولار صادرات” ليس صعبا على المدى القصير، إذ تستطيع الدولة المصرية الوصول لذلك حال المضي قدما فى استغلال الاتفاقيات الدولية التى تم أبرامها بين الدولة المصرية ومعظم دول العالم والتى تم التعرض لها فى مقالنا السابق فضلا عن تنفيذ مشروعات المبادرات الصناعية و استخدام سياسات مرنة لتطوير الصناعة، مع وجود رغبة لدى الإدارة السياسية لتغيير السياسات التي كانت متبعة في القطاع الصناعي.
ونضيف للعلم بأن صادرات مصر السلعية ارتفعت بنسبة 26 بالمئة في عام 2021 لتزيد على 32 مليار دولار، مقابل 25.4 مليارا في عام 2020، وذلك بدعم زيادة الطلب العالمي.
وخلال النصف الأول من العام الجاري ارتفعت صادرات مصر “غير البترولية” بنسبة 20 بالمئة لتصل إلى أكثر من 19 مليار دولار مقارنة بنحو 16 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي،( بيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات المصرية) .
مبادرة «ابدأ» خطوة للبناء على الإنجازات الضخمة التي تمت في مصر من البنية التحتية وشبكات الطرق ومشروعات النقل وتطوير المطارات والموانئ وفائض كهرباء يكفل تغطية التوسعات المستقبلية وإنشاء مدن جديدة ومجمعات صناعية وخدمية ومراكز لوجستية.
علما بأن مبادرة ابدأ تستهدف تحسين مناخ الاستثمار وممارسة الأعمال ودعم كافة جهات الدولة للصناعة والتصدير، إذ أن أزمة كورونا وما سببته من اختناقات في سلاسل الإمداد والأزمة الروسية الأوكرانية وأزمة التضخم العالمي تؤكد أن لا مفر من تحريك عجلة الإنتاج والاستثمار والتصنيع والعمل في مصر،
وذلك بالتعاون بين رجال الأعمال والمصنعين المخلصين والشركات الأجنبية التي ترغب في الاستفادة من الطاقة الكامنة في مصر، وذلك بالتعاون مع كافة الأجهزة المعنية بالدولة تحت مظلة المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية أبدأ وتعتبر المبادرة أحد الدورات الرئيسية للوصول إلى مصر 2030
من خلال خلق اقتصاد معرفي تنافسي متنوع وتحفيز التصنيع وتحسين مناخ الأعمال ورفع مستوى تنافسيه وتوفير فرص العمل اللائق وتوفير حياه كريمة للمواطن المصرى ووضع مصرنا الغالية فى المكانة التى تليق بتاريخها وحضارتها العظيمة .
بقلم/دكتور محمد الشوربجي
الخبير الاقتصادي