أعد الدراسة|دكتور أحمد شوقى
على الرغم من أن قرار التعويم في 2016 قابله العديد من الانتقادات والأراء المختلفة عن التوقيت الذي تم اتخاذ القرار به، الا ان هذا القرار كان له العديد من الابعاد والاثار والتي سيتم تناولها بشكل مقارن ما بين قرار التعويم في 2003 و2016 واثر كل منهما على الاقتصاد المصري، ودراسة أداء الجنية المصري من خلال تحديد أهم المراحل التي مر بها الجنية المصري منذ تعويمه في نوفمبر 2016 حتى الأن، مع دراسة مدي مساهمة قرار تعويم الجنية المصري في دعم الاقتصاد المصري خلال الخمس سنوات الماضية، وتحديد أهم العوامل المؤثرة في الحفاظ على أداء الجنية المصري أمام العملات الأخرى (الدولار الأمريكي)، و دور قرار التعويم في الصمود أمام أزمة كورونا الحالية، وتوقعات أداء الجنية المصري خلال السنوات القادمة.
اولاً : دراسة أثر قرار التعويم في 2003 مقارنة بقرار التعويم في 2016 على الاقتصاد المصري
عندما تم تعويم الجنية المصري في 27 يناير 2003 كان سعر الدولار الأمريكي 3.70 جنية وبعد قرار التعويم ارتفع سعر الدولار ليصل الي 5.35 جنية أي بزيادة قدرها 1.65 جنية مصري أي ارتفع قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 44.6% وخلال الشهور التالية ارتفع سعر الدولار الأمريكي في البنوك (السوق الرسمية) ليصل الي 5.861 في عام 2003، ثم ارتفع مرة أخرى ليصل الي 6.194 في عام 2004. ولكن في السوق الموازي (السوق السوداء) تجاوز سعر الدولار 7 جنية مصري في عام 2003 وظل الدولار في سلسلة متتالية من الارتفاعات ليصل في البنوك في عام 2014 الي 7.14 جنية وبنهاية 2015 اغلق عند 7.80 جنية مصري ليصل عند 8.85 جنية للشراء و8.88 للبيع في 2 نوفمبر 2016.
اما عندما تم تعويم الجنية المصري في 3 نوفمبر 2016 ارتفع سعر الدولار ليصل الي 13.52 جنية مصري للشراء و14.27 للبيع أي ارتفع سعر الدولار بقيمة 4.67 جنية وبنسبة 52.7% وظل في سلسلة من الاضطرابات ليتجاوز 19 جنية مصري في السوق الرسمية ليغلق خلال العام 2016 عند سعر 18.06 للشراء، ويغلق بعد عام من التعويم في نوفمبر 2017 عند سعر 17.60 جنية للشراء وفي العام الثاني (نوفمبر 2018) من التعويم بلغ سعر الدولار الأمريكي 17.86 جنية مصري.
وبمقارنة الوضع ما بين قراري التعويم يتلاحظ ان أداء الجنية أمام الدولار في عام 2003 كان منخفضاً حيث شهد ارتفع الدولار الأمريكي امام الجنية خلال عامي التعويم الأول والثاني 2004 ليصل سعر الدولار6.19 جنية خلال سلسلة من الارتفاعات المتتالية، واستمرار وجود السوق السوداء وتداول الدولار بسعر مرتفع عن سعر البنك.
أما أداء الجنية امام الدولار في 2016 وحتي نوفمبر 2017 كان متأرجحاً من خلال سلسلة من التغيرات صعوداً خلال الشهر ونصف بعد قرار التعويم ليتجاوز 19 جنية ثم عاود الانخفاض مرة أخرى لينهي عامه الأول بتحسن في أدائه بنسبة 7.5% مقارنة بأعلى نقطة وصل لها منذ التعويم وفي العام التالي 2018 استمر الجنية امام الدولار في تحسن طفيف خلال ستة اشهر ومحافظاً على نفس السعر امام الدولار 17.60 جنية ثم يرتفع في الستة اشهر التالية ليرتفع سعر الدولار بقيمة 26 قرش ليصل الي 17.86 جنية للشراء. والامر ذات الأثر المباشر انه لم يكن هناك سوق موازي او سوداء لتداول الدولار الأمريكي وتم القضاء علي السوق السوداء بشكل نهائي نتيجة الإجراءات الرقابية الصارمة التي فرضها البنك المركزي على شركات الصرافة الخاصة وبدء انتشار شركات الصرافة التابعة للبنوك.
اما بالنسبة لمعدل التضخم ارتفع بنسب عالية جداً حيث ارتفع من 2.9% عام 2003 ليقفز الي 17.3% في العام التالي أي بزيادة قدرها 14.4% وبنسبة زيادة 476% أي تجاوزت الأربع اضعاف. وبمقارنتها بأسعار الفائدة السارية متوسط أسعار الفائدة كانت مستقرة عند 10% منذ عام 2002 (10.5% للإقراض و9.5% للإيداع) حتي يونيو 2006. وبالتالي فان معدل الربحية الحقيقي لأي مستثمر كان سالباً بنسبة 7.3%.
وبعد تعويم الجنية في نوفمبر 2016 ارتفع معدل التضخم من 13.56% في أكتوبر الي 19.42% في نوفمبر ليقفز الي اعلى نقطة 32.95% في يوليو 2017 أي بزيادة قدرها 19.39% وبنسبة زيادة قدرها 1.43% ثم عاود معدل التضخم في الانخفاض مرة اخري ليصل بنهاية العام الأول من التعويم ليصل الي 25.97% في نوفمبر 2017. وبمقارنتها بمتوسط أسعار الفائدة فقد ارتفعت يوم قرار التعويم في 3 نوفمبر 2016 بنسبة 3% ليصل متوسط سعر الفائدة 15.25% أي كان معدل الربحية الحقيقي كان سالباً ايضاَ ولكن بنسبة اقل سالب 4.17% وتلاه سلسلة من الارتفاعات ليصل الي اعلى نقطة عند 19.25% يوليو 2017 وكان معدل الربحية الحقيقي سالباً ايضاً وبحوالي 13% في ذلك الوقت ثم عاود في الانخفاض في فبراير 2018 ليصل الي 18.25% واصبح معدل الربحية الحقيقي موجباً في ذلك الوقت بحوالي 4% مقارنة بمعدل التضخم في نفس الوقت 14.39%.
وبالتالي فان تبعات قرار التعويم في 2016 أفضل مما كانت عليه من قرار التعويم في 2003 من حيث احتواء معدلات التضخم وتحسن معدلات الربحية الحقيقية وتحسن أداء الجنية المصري في الأعوام التالية والتي ترجع الي تحسن أداء السياسات النقدية والمالية ونجاح إتمام المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري بالتعاون مع المؤسسات الدولية.
ثانياً: دراسة المراحل التي مر بها تعويم الجنية المصري منذ نوفمبر 2016
بالنسبة للمراحل التي مر بها أداء الجنية المصري فيمكننا تقسيمهم بشكل سنوي لدراسة أداء الجنية امام الدولار خلال الأعوام الخمسة للوقوف على معدلات أداء الجنية بشكل واقعي ومقارن مع معدل التضخم وأسعار الفائدة السارية.
المرحلة الاولي: 3 نوفمبر 2016 حتى 2 نوفمبر 2017 (الاضطراب المصحوب بالتحسن التدريجي)
وسيتم تناول المحطات التي مر بها خلال كل عام بشكل ربع سنوي لدراسة اثار القرار بشكل دقيق على أداء الجنية امام الدولار الأمريكي بعد ان تم اتخاذ قرار التعويم في 3 نوفمبر 2016.
الربع الأول (3 نوفمبر 2016 حتى 2 فبراير 2017 ) قبل قرار التعويم كان سعر الدولار الأمريكي في البنوك للبيع 8.88 جنية مصري و8.85 للشراء ثم ارتفع بنسبة 52% ليصل سعر الشراء للدولار عند 13.53 جنية وانخفاض قيمة الجنية أمام الدولار، وقد ارتفع سعر الدولار للشراء ليصل إلى 17.76 جنية بنهاية شهر نوفمبر 2016 مسجلاً ارتفاع قدرة 100% عن السعر المعلن بالبنك المركزي المصري في 3/11/2020. ثم ارتفع سعر الدولار الأمريكي مرة أخرى في 20 ديسمبر 2016 ليصل لأعلى سعر له مسجلاً 19.13 جنية مصري، متخذاً مسار هبوطي ليصل سعر الدولار للشراء الي 18.63 جنية بنهاية 2 فبراير 2017 ، وتحسن أداء الجنية بنسبة 2.6% وتعويض 50 قرشاً من انخفاضة امام الدولار مقارنة بأعلى سعر له امام الجنية عند 19.13.
الربع الثاني (3 فبراير 2017 حتى 2 مايو 2017 )
استمر الجنية المصري في تعويض انخفاضة امام الدولار حيث بلغ سعر الدولار للشراء في 5 فبراير 18.37 جنية ليصل الي 15.75 جنية مصري في نهاية فبراير ويرتفع سعر الدولار مرة أخرى ليصل الي 18.08 بنهاية مارس مصحوباً بانخفاض طفيف لينهي الربع الثاني عند 18.03 بنهاية 2 مايو 2017. ومحققاً لنسبة تحسن في أدائه 3.22% مقارنة بسعر اغلاق الربع الأول من تاريخ التعويم.
الربع الثالث (3 مايو 2017 حتى 2 اغسطس 2017 )
حافظ الجنية المصري على ادائه امام الدولار الأمريكي عند مستوى 18.03 حتى 2 يوليو 2017 ثم عاود مرة أخرى تعويض خسائره امام الدولار ليصل سعر الدولار للشراء امام الجنية 17.79 في 2 أغسطس 2017. وحقق نسبة تحسن في ادائه 1.33% مقارنة بسعر اغلاق الربع الثاني.
الربع الرابع ( 3 أغسطس 2017 حتى 2 نوفمبر 2017)
واصل الجنية المصري تحقيق تحسن في ادائه امام الدولار وبدا سعر الدولار في الانخفاض خلال الربع الأخير من عامه الأول بعد التعويم ليصل سعر الدولار 17.59 حنية مصري بنهاية 2 نوفمبر 2017 وبنسبة تحسن 1.12% بأخر سعر له بنهاية الربع الثالث.
وفي ضوء ما سبق فقد تحسن أداء الجنية المصري امام الدولار الأمريكي بنهاية عامة الأول بنسبة 8.05% مقارنة بأعلى سعر للدولار امام الجنية عند 19.13 للشراء خلال الربع الأول التالي للتعويم، مصحوباً بارتفاع في معدل التضخم ليصل الي اعلى نقطة له 31.59% مقارنة في سبتمبر 2017 مقارنة 13.56% في اكتوبر 2016 قبل قرار التعويم، والذي تبعه ارتفاع في متوسط أسعار الفائدة السارية لتصل الي 19.25% مقارنة بـ 12.25% قبل قرار التعويم أي بارتفاع قدرة 7%.
المرحلة الثانية: 3 نوفمبر 2017 حتى 2 نوفمبر 2018 (الانخفاض النسبي)
الربع الأول (3 نوفمبر 2017 حتى 2 فبراير 2018 ) استمر الجنية المصري في تحسن ادائه امام الدولار الأمريكي اول أسبوعين من عامه الثاني ثم بدأ في انخفاض ادائه مرة أخرى وبلغ سعر الدولار الأمريكي 17.72 جنية مصري للشراء في 28 ديسمبر 2017 وعاود الجنية المصري التحسن بنسبة 0.3% بنهاية ديسمبر 2017 ليسجل الدولار الامريكي 17.66 جنية مصري مصحوباً بتحسن حتى نهاية الربع الأول من العام الثاني للتعويم ليصل الدولار الأمريكي عند 17.60 جنية مصري وهو ما يعكس ارتفاع طفيف بقيمة قرش مقارنة بنهاية العام الأول من التعويم.
الربع الثاني (3 فبراير 2018 حتى 2 مايو 2018 )
ظل الجنية المصري متذبذ بشكل طفيف امام الدولار الأمريكي ليصل الي نفس سعر اغلاق العام الأول من التعويم عند 17.59 جنية اول مارس 2018 مصحوباً بسلسلة من التحسن الطفيف لينخفض 3 قروش ويرتفع مرة أخرى بقيمة 4 قروش ليسجل الدولار الأمريكي 17.60 جنية مصري بنهاية الربع الثاني في العام الثاني من التعويم.
الربع الثالث (3 مايو 2018 حتى 2 اغسطس 2018)
انخفض أداء الجنية المصري أمام الدولار الأمريكي مصحوباً بسلسلة من التذبذب ليسجل زيادة بحوالي 24 قرش ليصل الدولار الأمريكي لاعلى نقطة عند 17.84 جنية مصري لينهي الربع الثالث عند 17.82 جنية بنسبة انخفاض حوالي 1.25%
الربع الرابع ( 3 أغسطس 2018 حتى 2 نوفمبر 2018)
واستمر الجنية المصري في سلسلة طفيفة من الانخفاض امام الدولار الأمريكي حيث ارتفع الدولار الأمريكي خلال شهر أغسطس 2 قرش، ثم بانخفاض بقرش واحد لكل من شهري سبتمبر وأكتوبر ليغلق سعر الدولار عند 17.86 جنية مصري بنهاية العام الثاني من تعويم الجنية المصري.
وفي ضوء ما سبق فقد شهد العام الثاني انخفاض في أدائه بنسبة 1.53% مقارنة بأدائه خلال العام الأول من التعويم وبانخفاض قدره 27 قرش، كما انعكس أيضا على انخفاض تحسن أداء الجنية أمام الدولار الأمريكي ليسجل 6.6% مقارنة بأعلى سعر للدولار الأمريكي 19.13 جنية في العام الأول بدلاً 8.05% في بنهاية العام الأول من التعويم. مصحوباً بانخفاض في معدل التضخم ليصل الي 17.67 % وبنسبة تحسن 13.7%، والذي دفع الي خفض متوسط معدلات الفائدة بنسبة 2% لتصل الي 17.25% بنهاية العام الثاني للتعويم، وذلك للعمل على جذب المزيد من الاستثمارات للاقتصاد المصري.
المرحلة الثالثة: 3 نوفمبر 2018 حتى 2 نوفمبر 2019 (التعافي الحقيقي لأداء الجنيه)
الربع الأول (3 نوفمبر 2018 حتى 2 فبراير 2019)
استقر أداء الجنية المصري أمام الدولار الأمريكي عند سعر 17.86 جنية مصري للدولار الأمريكي بتحسن في أواخر شهر يناير ليصل الدولار الأمريكي عند 17.60 جنية وتحسن أداء الجنية بقيمة 26 قرش وبنسبة تحسن 1.45% مقارنة بنهاية العام الثاني من التعويم.
الربع الثاني (3 فبراير 2019 حتى 2 مايو 2019 )
شهد الربع الثاني من العام الثالث من تعويم الجنية المصري تحسن ملحوظ في أداء الجنية المصري خلال سلسلة متتالية من الانخفاض لسعر الدولار الأمريكي وبنسبة تحسن اقتربت من 3% (2.73%) ليفقد سعر الدولار الأمريكي 48 قرش من قيمته أمام الجنية ليسجل 17.13 جنية مصري بنهاية الربع الثاني من العام الثالث من التعويم.
الربع الثالث (3 مايو 2019 حتى 2 اغسطس 2019)
ويعد هذا الربع هو الفترة التي شهدت تحسن أفضل في أداء الجنية أمام الدولار الأمريكي خلال سلسلة انخفاضات بإجمالي 62 قرش ليخسر الدولار الأمريكي 3.5% من قيمته امام الجنية المصري، مقارنة بالربع الثاني ليصل سعر الدولار الأمريكي 16.51 جنية مصري.
الربع الرابع ( 3 أغسطس 2019 حتى 2 نوفمبر 2019)
وشهد الربع الأخير من العام الثالث من التعويم تحسن اخر في أداء الجنية أمام الدولار الأمريكي حيث فقد الدولار الأمريكي 42 قرش وبنسبة 2.5% مقارنة بنهاية الربع الثالث من العام الثالث ليصل سعر الدولار الأمريكي 16.09 جنية مصري بنهاية العام الثالث للتعويم.
ويتضح ان العام الثالث لتعويم الجنية المصري هو العام الذي شهد تحسن حقيقي في أداء الجنية وبنسبة تحسن تصل الي 10% مقارنة بعامه الثاني ليسجل تحسن أداء الجنية بنسبة تصل الي 16% مقارنة بأعلى سعر للدولار الأمريكي 19.13 جنية مصري في عامه الأول. كما انخفض معدل التضخم ليصل الي 3.14% في نهاية العام الثالث للتعويم، وانخفض متوسط معدل الفائدة ليصل الي 13.75% والذي ساهم في جاذبية الجنية المصري للاستثمار لارتفاع معدل العائد الحقيقي عن 10% مقارنة بمعدل التضخم.
المرحلة الرابعة 3 نوفمبر 2019 حتى 2 نوفمبر 2020 (الاختبار الحقيقي لاداء الجنية في وقت الازمات)
الربع الأول (3 نوفمبر 2019 حتى 2 فبراير 2020)
واستمر الجنية المصري في معدلات التحسن ليرتفع ادائه امام الدولار الأمريكي على الرغم من بدء انتشار فيروس كورونا في شهر ديسمبر 2019 ليفقد الدولار الأمريكي 34 قرش بنهاية الربع الأول من العام الرابع مقارنة بالعام الثالث من التعويم وبنسبة 2.1% ليصل سعر الدولار الأمريكي 15.75 جنية مصري.
الربع الثاني (3 فبراير 2020 حتى 2 مايو 2020 )
وظل الجنية المصري في بداية الربع الثاني من عامة الرابع للتعويم في تحسن ليصل سعر الدولار الأمريكي الي 15.50 للشراء مسجلاً انخفاض بقيمة 25 قرش امام الجنية المصري بنهاية 24 فبراير 2020 ومع بدء ذروة ازمة فيروس كورونا بدأ الجنية المصري في الانخفاض مرة أخرى ليصل سعر الدولار الأمريكي للشراء 15.69 جنية وحقق الدولار الأمريكي زيادة قدرها 19 قرش لتنخفض نسبة تحسن الجنية امام الدولار الي 6 قروش بدلاً من 25 قرش بنهاية الربع الثاني من العام الرابع للتعويم.
الربع الثالث (3 مايو 2020 حتى 2 اغسطس 2020)
ومع ازدياد ازمة فيروس كورونا وتدهور الوضع الاقتصادي العالمي تراجع معدل أداء العملات الناشئة امام الدولار الأمريكي وانخفض أداء الجنية المصري امام الدولار الأمريكي حيث سجل الدولار الأمريكي بنهاية الربع الثالث 15.93 جنية للشراء وفقد الجنية المصري امام الدولار الأمريكي 24 قرش مقارنة بالربع الثاني وبنسبة انخفاض قدرها 1.5%.
الربع الرابع ( 3 أغسطس 2020 حتى 2 نوفمبر 2020)
وعلى الرغم من وصول الدولار الأمريكي لأعلى نقطة له بنهاية الربع الثالث الا انه شهد سلسلة من الانخفاض امام الجنية المصري ليفقد الدولار من قيمته 27 قرش امام الجنية المصري مسجلاً 15.66 للشراء بنهاية العام الرابع من التعويم في 2 نوفمبر 2020 على الرغم من حدة ازمة فيروس كورونا.
وفي ضوء ما سبق يتضح تحسن أداء الجنية المصري في عامه الرابع من التعويم مع انتشار ازمة فيروس كورونا وبنسبة 2.7% تقريباً مقارنة بالعام الثالث للتعويم وكان وراء تحسن أداء الجنية المصري خلال العام الرابع سلسلة الإجراءات الاحترازية التي طبقها البنك المركزي وسلسلة المبادرات الداعمة لقطاعات الاقتصاد المصري في دعم أداء الجنية المصري، وليصبح تحسن أداء الجنية أمام الدولار الأمريكي بنسبة 18.13% مقارنة بأعلى سعر له 19.13 جنية مصري في العام الأول من التعويم كما يعكس تحسن أداء الجنية امام الدولار الأمريكي خلال العام الرابع مدى سلامة الإجراءات التي تم تطبيقها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري وسلامة الإجراءات الاحترازية التي طبقها البنك المركزي لاحتواء ازمة فيروس كورونا. وصاحب ازمة فيروس كورونا ارتفاع في معدل التضخم في ديسمبر ليصل الي 7.1% ومع تطبيق الإجراءات الاحترازية وسياسات البنك المركزي تم احتواء معدل التضخم ليصل الي 4.5% بنهاية العام الرابع للتعويم، فضلاً عن توجه البنك المركزي خلال هذه الفترة لتخفيض معدلات الفائدة لتيسير الاقتصاد المصري ودفع عجلة النمو بقطاعاته المختلفة ليصل متوسط سعر الفائدة عند 9.25%.
المرحلة الخامسة 3 نوفمبر 2020 حتى 2 نوفمبر 2021 (صمود أداء الجنية مع استمرار الازمات)
الربع الأول (3 نوفمبر 2020 حتى 2 فبراير 2021)
وحافظ الجنية المصري على ادائه امام الدولار الأمريكي خلال الربع الأول من العام الخامس للتعويم واغلق الدولار الأمريكي عند 15.67 جنية مصري للشراء وبارتفاع قدره قرش واحد مقارنة بنهاية العام الرابع للتعويم والذي اغلق عند 15.66 جنية مصري.
الربع الثاني (3 فبراير 2021 حتى 2 مايو 2021 )
واستمر الجنية المصري في تحسن ادائه بنسبة طفيفة أمام الدولار الأمريكي وبنسبة تحسن 0.3% وبقيمة 5 قروش مع انتشار موجات فيروس كورنا ليصل سعر الدولار الأمريكي بنهاية الربع الثاني من العام الخامس للتعويم عند 15.62 جنية مصري.
الربع الثالث (3 مايو 2021 حتى 2 اغسطس 2021)
ومع استمرار موجات فيروس كورونا وارتفاع معدلات التضخم العالمية فقد الجنية المصري من حوالي قرشين امام الدولار الأمريكي ليصل سعر الدولار الأمريكي بنهاية الربع الثالث للتعويم 15.64 جنية مصري وبنسبة انخفاض 0.1% من قيمته مقارنة بالربع الثاني للعام الخامس من التعويم.
الربع الرابع ( 3 أغسطس 2021 حتى 2 نوفمبر 2021)
ومع استمرار ارتفاع معدلات التضخم العالمي استمر الجنية المصري في صموده أمام الدولار الأمريكي ليصل الدولار الأمريكي الي 15.66 جنية مصري وبنسبة انخفاض تمثل 0.1% مقارنة بالربع الثالث للعام الخامس من التعويم.
وفي ضوء ما سبق يمكن القول بان العام الخامس من التعويم يبرز مدي صمود الجنية المصري امام الدولار الأمريكي حيث اغلق الدولار الأمريكي عند 15.64 وهو قريب من سعر الاغلاق للعام الرابع من التعويم بانخفاض قدرة قرشين. والذي صاحبة تخفيض بنسبة 0.5% في معدلات الفائدة السارية ليصل متوسط سعر العائد الي 8.75% بالإضافة الي استمرار احتواء معدلات التضخم لتصل الي 4.1% في ابريل 2021 ومع ازدياد الموجة التضخمية العالمية ارتفع معدل التضخم بنسبة 2.47% ليصل الي 6.6% تقريباً بنهاية سبتمبر 2021.
ثالثا:- العوامل الداعمة لتحسن أداء الجنيه المصري خلال الخمس سنوات
وبتحليل اهم العوامل المؤثرة في الحفاظ على أداء الجنية المصري أمام العملات الأخرى (الدولار الأمريكي) يتلاحظ ان هناك مجموعة متنوعة من العوامل المساهمة في تحسن أداء الجنية المصري امام الدولار الأمريكي ابرزها التالي:-
⦁ يعد ارتفاع رصيد الاحتياطي الدولي من النقد الاجنبي أحد اهم العوامل البارزة في تحين أداء الجنية المصري حيث بلغ رصيد الاحتياطي 17,56 مليار دولار امريكي في يونيو 2016 ليصل الي 31.30 مليار دولار امريكي في يونيو 2017، ليرتفع الي 44.25 مليار دولار امريكي في يونيو 2018، ليصل الي 44.48 مليار دولار امريكي في يونيو 2019، لينخفض في يونيو 2020 نتيجة التداعيات السلبية لازمة فيروس كورونا ليصل الي 38.17 مليار دولار امريكي وعاود الارتفاع مرة اخري 40.58 مليار دولار امريكي بنهاية يونيو 2021 واستمرار زيادته حتي 40.82 مليار دولار امريكي بنهاية سبتمبر 2021.
⦁ نجاح تنفيذ المرحلة الاولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري والذي أشادت به العديد من المؤسسات الدولية وعلى راسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
⦁ ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج سنة تلو الأخرى حيث بلغت قيمتها 21.8 مليار دولار امريكي في العام المالي 2016/2017 تلتها زيادة قدرها 4.5 مليار دولار لترتفع الي 26.4 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2017/2018، الا انها انخفضت بحوالي 1.2 مليار دولار امريكي لتصل الي 25.15 العام المالي 2018/2019 وترتفع مرة أخرى بقيمة 2.6 مليار دولار امريكي لتصل الي 27.75 مليار دولار امريكي في العام المالي 2019/2020 وعلى الرغم من انتشار ازمة فيروس كورونا لترتفع الي 31.42 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2020/2021 وهو ما يعكس ثقة العاملين بالخارج في الاقتصاد المصري.
⦁ زيادة حجم إيرادات قناة السويس لتصل الي 5.9 مليار دولار أمريكي بالعام المالي 2020/2021 مقارنة 5.80 مليار دولار أمريكي بالعام المالي 2019/2020 ، مقابل 5.73 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2018/2019، مقارنة 5.70 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2017/2018، مقابل 4.49 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2016/2017.
⦁ سلسلة الإجراءات الاحترازية التي قام بها البنك المركزي المصري منذ مارس 2020 لاحتواء التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا والتي كان لها دور في دعم الاقتصاد المصري للعبور من ازمة فيروس كورونا.
⦁ ارتفاع حصيلة الصادرات المصرية خلال الأعوام الماضية لتصل الي 28.67 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2020/2021، بزيادة قدرها 2.3 مليار دولار أمريكي مقارنة بالعام المالي السابق 2019/2020 بحصيلة صادرات 27.37 مليار دولار امريكي، مقارنة 28.49 مليار دولار أمريكي بالعام المالي 2018/2019، مقابل 25.82 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2017/2018، مقارنة 21.72 مليار دولار أمريكي بالعام المالي 2016/2017، مقابل 18.70 مليار دولار أمريكي بالعام المالي 2015/2016. والذي دعمه التوجهات الرئاسية لدعم جودة المنتجات المصرية لدعم الصادرات ومبادرة زيادة حجم الصادرة المصرية 100 مليار دولار.
⦁ استمرارية جذب مصر للاستثمارات المصرية لكونها الواجهة الرئيسية لأفريقيا حيث كما حيث بلغ حجم الاستثمارات المباشرة 5.21 مليار دولار امريكي في العام المالي 2020/2021 كما جذبت استثمارات مباشرة 7.45 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2019/2020، مقارنة 8.23 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2018/2019 مقابل 7.71 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2017/2018 مقابل استثمارات مباشرة 7.93 مليار دولار امريكي بالعام المالي 2016/2017، كماأظهر مؤشر جاذبية الاستثمار في القارة الإفريقية الصادر عن بنك “راند ميرشانت” للعام 2021، أن مصر جاءت كأفضل وجهة جاذبة للاستثمار في إفريقيا للعام الرابع على التوالي، على الرغم من تضرر الاقتصاد المصري من انشار ازمة فيروس كورونا، إلا أن مصر كانت من أوائل الدول التي عادت إلى مسار النمو، بفضل التدابير الاحترازية السريعة التي اتخذتها الدولة المصرية.
⦁ تحسن التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني واستمرارية ثباته خلال الأعوام الماضية عند B+ مع نظرة مستقبلية مستقرة.
رابعاً:- مدى مساهمة قرار تعويم الجنية المصري في دعم الاقتصاد المصري
وبالنظر لمدى مساهمة قرار تعويم الجنية المصري في دعم الاقتصاد المصري خلال الخمس سنوات الماضية فقد كان لقرار تعويم الجنية المصري اثر إيجابي والذي يمكن ايضاحه من خلال التالي:
⦁ المساهمة الحقيقية في القضاء على عمليات المتاجرة في العملات الأجنبية خارج القطاع المصرفي بالسوق الموازي، وكبح جماح الاثار السلبية للسوق السوداء التي اثرت بشكل ملموس في كافة القطاعات الاقتصادية.
⦁ زيادة حجم الودائع بالجنية المصري في البنوك المصرية لتصل الي 5.75 ترليون جنية مصري في يونيو 2021 مقارنة 2.12 في يونيو 2016 حيث شهد ارتفاع حجم الودائع المصرية سلسلة متتالية من الزيادات حيث بلغت 3.04 ترليون جنية مصري في يونيو 2017، لترتفع الي 3.56 ترليون جنية مصري في يونيو 2018، لتصل الي 4 ترليون جنية مصري في يونيو 2019، لترتفع الي 4.7 ترليون جنية مصري في يونيو 2020. وقد بلغ حجم الودائع بالبنوك المصرية 4.83 ترليون جنية مصري بنهاية يوليو 2021.
⦁ الحفاظ على زيادة مستويات السيولة المحلية في السوق المصري حيث بلغت نسبة السيولة المحلية الي الناتج المحلي الإجمالي87.21% بنهاية يونيو 2021 مقارنة 77.30% في يونيو 2016.
⦁ نمو حجم ودائع القطاع العائلي لاجمالي الودائع لتصل الي 88.3% بنهاية يونيو 2021 مقارنة 75.7% بنهاية يونيو 2016، وهو ما يعكس جاذبية معدلات العائد للقطاع العائلي للاستثمار بالبنوك.
⦁ استمرارية احتواء معدلات التضخم بعد ان وصلت لأعلى نقطة 31.59% في سبتمبر 2019 لتصل لأدنى مستوياتها الي ارقام أحادية 3.69% بنهاية سبتمبر 2020 مقارنة 19.42% في نوفمبر 2016 عندما تم تعويم الجنية المصري و13.56 في أكتوبر 2026 قبل تاريخ التعويم، وعل الرغم من الموجه التضخمية العالمية التي يمر بها العالم الان مازال التضخم ضمن الحدود المستهدفة من البنك المركزي المصري 6.6% في سبتمبر 2021، بانخفاض يمثل حوالي 4.7 ضعف مقارنة بأعلى مستوى للتضخم.
⦁ استمرارية تحقيق معدل ربحية حقيقي للمستثمرين الأجانب حيث تمثل معدلات الفائدة الحالية على الجنية المصري من أفضل معدلات العائد عالمياً للمستثمرين على أدوات الدين مقارنة بالدول الأخرى.
⦁ تحسن أداء الاقتصاد المصري وتحقيق معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي حيث تحسنت معدلات النمو السنوية للناتج المحلي الإجمالي حيث تشير النتائج المبدئية إلى تحقيق معدل نمو في حدود 3.3% خلال العام المالي 2020/2021مقابل 3.6% خلال العام المالي 2019/2020 مقابل بنحو 5.6% نمو محقق خلال العام المالي 2018/2019 ويرجع الانخفاض في معدل النمو نتيجة للتاثر بتداعيات ازمة كورونا، حيث حققت مصر ثاني افضل معدل نمو على مستوى العالم خلال ازمة فيروس كورونا، مع توقع لارتفاع معدل النمو إلى 5.4% خلال العام المالي الجاري، بدعم النمو الكبير المتوقع في مؤشرات أداء الربعين الأول والثاني.
وفي ضوء ما سبق فقد كان لقرار تعويم الجنية المصري في نوفمبر 2016 ضمن إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي مدعوماً بالإجراءات والتدابير الاحترازية لأزمة فيروس كورونا أثاراً كبيره في الصمود أمام أزمة كورونا الحالية، والذي انعكس بشكل كبير على كافة جوانب الاقتصاد المصري السابق الإشارة اليها.
ومن المتوقع في ضوء معدلات النمو المحققة والمتوقعة لنمو الاقتصاد المصري والمبادرات الرئاسية لتحريك قطاعات الاقتصاد المصري كذا مبادرات البنك المركزي المصري واشادة المؤسسات الدولية بأداء الجنية المصري واخرها مؤسسة فيتش Fitch Solutions وتحقيق الجنية المصري ثاني أفضل أداء للعملات بالدول الناشئة أمام الدولار الأمريكي وبنسبة 4.9%، وان يكون هناك استقرار في أداء الجنية المصري خلال العام الحالي، مع احتمالية انخفاض طفيف في أداء الجنية المصري ظل الموجه التضخمية العالمية التي يمر بها العالم.