أظهرت دراسة حديثة أجرتها كاسبرسكي أن معظم الآباء يشعرون بالقلق حيال السلوك الرقمي لأطفالهم، ويُبدون الرغبة في مراقبته والسيطرة عليه.
وذكر 39% من المشاركين في الدراسة في مصر أنهم يستخدمون تطبيقات الرقابة الأبوية، و38% أنهم يراجعون بانتظام سجلات الإنترنت الخاص بأطفالهم،
كما أفاد 49% من الآباء بأن أطفالهم يستخدمون الأجهزة الرقمية تحت إشراف أحد الوالدين (42%) أو أحد أفراد الأسرة (7%).
ويتسم الأطفال المعاصرون بالوعي التقني منذ سنّ مبكرة مقارنة بأطفال الأجيال السابقة، بسبب تمتعهم بالقدرة على الوصول إلى الأدوات وعيش التجارب العملية منذ نعومة أظفارهم، بحسب ما أكّدت الدراسة الاستطلاعية.
لكن الأطفال قد لا يكونون ملمّين بجميع قواعد السلوك الآمن عبر الإنترنت، التي يتعلمونها في الغالب تدريجياً من آبائهم الذين يرغبون عند إعطائهم الأجهزة في الحرص على أمنهم وسلامتهم على الإنترنت.
لذلك، يسعى غالبية الآباء إلى مراقبة نشاط الأطفال عبر الإنترنت لضمان سلامتهم.
ويرغب غالبية الآباء في مراقبة مقاطع الفيديو التي يشاهدها الأطفال (59%) والمواقع التي يزورونها (51%) والألعاب التي يمارسونها (49%)،
كما يودّ 41% من المشاركين في الدراسة تحديد الوقت الذي يقضيه الأطفال على الإنترنت وعلى أجهزتهم خلال اليوم.
ويناقش أكثر من نصف الآباء العادات الرقمية السليمة (54%)، ويستخدمون تطبيقات الرقابة الأبوية (39%)، ويتحقق 38% آخرون منهم من سجل تصفح الإنترنت لدى أطفالهم.
ومع ذلك، فإن 27% من المستطلعة آراؤهم يُبدون ثقتهم بأطفالهم ولا يراقبونهم بأي شكل من الأشكال.
وبحسب نتائج الاستطلاع، يتحمل الوالدان والأسرة المسؤولية الأولى عن تنظيم سلوك الأطفال في الفضاء الرقمي (81%)، لكن نحو نصفهم (44%) يرى بأن المعلمين والمدارس يجب أن يتولّوا مسؤولية هذا الأمر،
فيما يشعر 20% أن الأطفال يجب أن يتحملوا بدورهم مسؤولية شخصية. وقد ناقش 96% من الآباء قواعد السلوك عبر الإنترنت والآداب الرقمية مع أطفالهم، في مؤشر يدعم ذلك الموقف، إلا أن 4% فقط لم يثيروا هذا الموضوع مع أطفالهم.
وقالت مارينا تيتوفا نائب الرئيس لتسويق المنتجات الاستهلاكية لدى كاسبرسكي، إن الأطفال ينظرون إلى الفضاء الرقمي باعتباره شيئًا عاديًا مألوفًا،
نظرًا لأنهم يستخدمون الهواتف والأجهزة الأخرى الذكية منذ الطفولة المبكرة. لكنها أوضحت أن للفضاء الرقمي أيضًا قواعده الخاصة للسلوك الآمن،
والتي يعلمها الكثيرون منذ الطفولة، مثل عدم التواصل مع الغرباء أو الذهاب إلى أماكن غير مألوفة وغير معروفة. وأضافت: “يمكن للآباء أن يجعلوا العالم الرقمي لأطفالهم أكثر أمانًا، بحمايتهم من المحتوى غير اللائق ومساعدتهم على تعلّم الشعور بالأمان في البيئة الرقمية باستخدام أدوات وطرق متنوعة؛
كتشجيعهم على اتباع عادات رقمية معينة في نطاق الأسرة أو استخدام تطبيقات الرقابة الأبوية، والتي يمكن أن تُساعد في فرز المحتوى المرغوب فيه وغير المرغوب فيه، فضلًا عن التحقق من نشاط الأطفال عبر الإنترنت”.
من جانبهما أكّد كل من بيرجيت هولزل وستيفان روزاس من مؤسسة “ليبلينغ + شاتز” الألمانية الواقعة في ميونخ، قناعتهما، بصفتهما معالجين متخصصين، بأن غرس الثقة في الأطفال بالأساس “أفضل من السيطرة عليهم”. لكنهما أوضحا أن الأمر عندما يتعلّق باستخدام الأجهزة واستهلاك المحتوى فإن الآباء يثقون في أطفالهم وإنما لا يثقون في المحتوى الموجود على الإنترنت،
ما يجعل الرقابة فكرة جيدة، لأنها تتوافق مع رغبة الآباء في حماية أطفالهم. وأشار الخبيران، مع ذلك، إلى “المعضلة التي تتعلق بمقدار التحكّم الضروري، ومتى يصبح التحكّم أكثر من اللازم”.
وأضافا: “نعلم جميعًا أن الأطفال يبحثون دائمًا عن مساحات جديدة للاستمتاع بتجارب خالية من الرقابة الأبوية، وهذا الاستقلال مهم ويجب السماح به،
اعتمادًا على عمر الطفل، وفي الوقت نفسه، من المهم أن يناقش الآباء أطفالهم بشأن القواعد، حتى لو كانت هذه النقاشات صعبة في بعض الأحيان. وسوف يحترم الأطفال القواعد والحدود إذا تمكنوا من فهمها وفهم العواقب المتصلة بها.
ولهذا السبب نوصي الآباء باستخدام تطبيقات حماية الطفل أو جعل تنشيط إعدادات الأمان شفافة مع شرحها لأطفالهم، وبهذه الطريقة ينجح التعليم الإعلامي النشط”.
ويمتلك معظم الأطفال أول هاتف ذكي لهم في سن التاسعة أو العاشرة، بحسب هولزل وروزاس، اللذين اعتبراه “بوابة إلى عالم تعليمي وترفيهي”،
بالرغم من تحذيرهما باشتماله على “محتوى مثير للمشاكل”. ومضيا إلى القول: “يشبه الأمر حركة المرور على الطرقات، فمن الممتع والمطلوب الخروج إلى الطرقات،
ولكن من المهم أن ترافق أطفال خطوة بخطوة للبقاء آمنين ومتصلين قدر الإمكان. فكما للقيادة قواعد وإشارات مرور، هناك قواعد موجودة على الإنترنت”.