في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة والأزمات العالمية والإقليمية التي تؤثر على استقرار الأسواق وأسعار السلع الأساسية، باتت قضية الدعم الحكومي أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى و ظل النقاش المستمر حول فعالية السياسات الحكومية في دعم المواطنين، لابراز مسألة الدعم النقدي مقابل الدعم العيني كموضوع رئيسي للنقاش العام وتختلف الآراء حول أيهما الأكثر كفاءة في تلبية احتياجات المواطنين والحد من التلاعب في الأسواق .
التحول إلى الدعم النقدى خطوة مهمة لحوكمة منظومة الدعم.. ويضمن وصول الدعم إلى مستحقيه ويعزز منظومة الدعم الاجتماعى.. ويسهم فى تحسين ورفع كفاءة الإنفاق والعدالة فى توزيع الموارد
ونود أن نوضح أن الدعم العيني، بالرغم من دوره الهام في دعم الفئات الأكثر احتياجًا الا أنه ،يواجه تحديات متعلقة بإهدار الموارد وسوء التوزيع، مما يؤدي إلى عدم وصول الدعم بالشكل المطلوب إلى الفئات الأكثر احتياجًا، وأن التحول إلى الدعم النقدي سيساعد في تقليل هذه الإشكاليات، حيث يوفر للأسر المستحقة مرونة أكبر في تحديد كيفية استخدام الدعم بناءً على احتياجاتهم الفعلية وعليه يمكن للمواطن ادارة أحتياجاته المالية مما يساعد على تطبيق الشمول المالى فضلا عن إن هناك العديد من المميزات التي سيحصل عليها المواطن من من تحويل منظومة الدعم العينى الى الدعم النقدى أهمها أنها تعطي الحرية للمواطن في شراء السلع التي يرغبها ويحتاجها وأنه غير مجبر على الحصول على سلع بعينها قد لا يكون بحاجة إليها، لأن احتياجات كل شخص تختلف عن الآخر.
،كما أن التحول للنقدي سيحد من التجاوزات المرتبطة بتوزيع السلع، ويقلل الضغط على الموازنة العامة للدولةحيث أن فاتورة الدعم السلعي التي تتحملها الدولة في موازنة العام المالي الجديد، سجلت حوالي 636 مليار جنيه تقريبا حيث خصصت الحكومة بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024/2025، للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية مبلغًا إجماليًا قدره 635 مليارًا و943 مليون جنيه، بزيادة قدرها 106 مليارات جنيه مقارنة بموازنة 2023/2024، مما يشير إلى الأهمية التي توليها الدولة لهذا القطاع.
كما أن التحول إلى الدعم النقدي سيسهم في تقليل التلاعب واستغلال الموارد الحكومية بطرق غير مشروعة، بما يمكن أن يوفر للحكومة مرونة أكبر في إعادة توزيع الدعم بما يتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية
فالعبرة ليست بزيادة الإنفاق على منظومة الدعم النقدى بمختلف أنواعها لتحسين مستوى المعيشة، وإنما بحسن الإدراة والتطبيق الحقيقى لها ،فزيادة الإنفاق على الدعم لن تسهم في خفض معدلات الفقر، وإنما تحدث إعادة برمجة منظومة الدعم، وذلك بإنشاء منظومة للدعم النقدي بالتوازي مع إعادة هيكلة منظومة الدعم السلعي، وتحويلها لمنظومة دعم نقدي، حيث لم تساهم عملية إعادة هيكلة منظومة الدعم في انتشال الأسر من تحت خط الفقر وحسب ولكن الأهم هو تحقيق مستوى التوازن فى أسعار السلع الاستراتيجية حتى يكون هناك تحقيق توازن بين مدخلات المواطن ومخرجاته فى توفير السلع الأساسية، مع فرض الرقابة الفاعلة والصارمة على أداء الأسواق وعلى محتكرى السلع الغذائية ومحتكرى قوت الشعب المصرى وإذا لزم الأمريتم تغليظ العقوبة على هؤلاء الذين يتاجرون فى قوت الشعب حتى يتم القضاء عليهم ولو تتطلب الامر بتطبيق قانون الطوارئ ، فضلا عن تكثيف إجراءات الحماية الاجتماعية الهادفة لمساندة فئات محدودى الدخل وللحد من آثار الإصلاح الاقتصادى، وإجراء تعديلات هيكلية فى سياسات الحماية الاجتماعية لضمان عدم تسرب الدعم ووصوله للمستحقيين الحقيقيين مع قيام الدولة بممارسة دورها فى تحمل المسئولية الاجتماعية والاقتصادية ، كذلك استخدام تطبيقات التكنولوجيا الحديثة فى تقديم الدعم مع خلق قاعدة بيانات دقيقة بالمستحقين لهذا الدعم مع صرف دعم نقدى ملائم للتطورات فى أسعار السلع الأساسية .
أن الحكومة المصرية يوما بعد يوم تؤكد حرصها الكامل على الثروة البشرية من أبناء هذه البلد وبناء الشخصية المصرية والتقارب بين الطبقات من خلال إيصال الدعم إلى مستحقيه، وهو ما يساهم في دعم محدودي الدخل ورفع مستوى المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطن المصري، وفقا للمتغيرات الاقتصادية السائدة
بقلم /دكتور محمد الشوربجي
الخبير المصرفي