عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، اجتماعًا موسعًا مع أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني، وذلك بحضور الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون السياسية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتور علي الدين هلال، والمهندس خالد عبد العزيز، والدكتور أحمد جلال، كمقررين لمجلس أمناء الحوار الوطني، إلى جانب السيد ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، والدكتورة هانيا شلقامي، مقررة المجلس، بالإضافة إلى باقي أعضاء المجلس.
تأكيد على أهمية الحوار الوطني
استهل رئيس الوزراء الاجتماع بتقديم التهنئة لأعضاء مجلس الأمناء بمناسبة حلول شهر شعبان وقرب حلول شهر رمضان، مشددًا على أهمية استئناف وتيرة المناقشات الثرية التي يجريها الحوار الوطني. وأكد مدبولي أن الحكومة تُولي اهتمامًا كبيرًا بهذه الآلية، نظرًا لدورها المحوري في إشراك مختلف أطياف المجتمع في مناقشة القضايا الوطنية، والتوصل إلى توافقات تدعم السياسات العامة للدولة.
وأوضح رئيس الوزراء أن الحوار الوطني يُعد وسيلة أساسية لرصد آراء وتوجهات الرأي العام، خاصة في ظل التحديات العالمية غير المسبوقة التي تؤثر على الوضع الداخلي. وأشار إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تعزيز آلية الحوار الوطني، وتوسيع قاعدة المشاركة فيه لمناقشة كافة القضايا الوطنية والتحديات الراهنة، بما في ذلك التحديات الخارجية التي تواجه الدولة.
مناقشة القضايا الخلافية
أوضح مدبولي أن الحكومة تسعى للاستفادة من مخرجات الحوار الوطني في عدد من القضايا التي تشهد تباينًا في الآراء، مثل ملف الدعم (عيني أم نقدي)، وتطوير شهادة الثانوية العامة، وقانون الإيجارات القديمة، وغيرها من الملفات الحيوية. وأكد أن الاستماع إلى مقترحات وآراء أعضاء مجلس الأمناء يساهم في تحسين عملية صنع القرار الحكومي، ويُساعد في تحقيق التوازن بين تطلعات المواطنين والإجراءات الحكومية.
تنفيذ توصيات الحوار الوطني
أشار رئيس الوزراء إلى أن العديد من توصيات الحوار الوطني، خاصة في المجال الاقتصادي، قد تم إدراجها بالفعل في برنامج الحكومة الجديد، كما أن هناك توافقًا على العديد من التوصيات السياسية، بينما يتم حاليًا دراسة باقي المقترحات تمهيدًا لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
وفي السياق ذاته، شدد المستشار محمود فوزي على أن الحوار الوطني ساهم في بناء جسور من الثقة بين مختلف الأطياف السياسية، مؤكدًا أن هذه الآلية لا تتعارض مع دور أي جهة تنفيذية، بل تُسهم في إثراء المشهد السياسي وتعزيز التفاعل المجتمعي مع قضايا الدولة.
إنجازات الحوار الوطني وأهدافه المستقبلية
خلال الاجتماع، استعرض أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني نتائج الجلسات السابقة، مشيرين إلى أن الحوار الوطني يضم 65 حزبًا، إلى جانب تمثيل جميع النقابات، ما يجعله منصة شاملة لمناقشة القضايا الوطنية. وكشف الأعضاء عن إصدار 256 توصية عقب تنفيذ 110 جلسات، شارك فيها آلاف المواطنين من مختلف الفئات، ما يعكس حجم التفاعل المجتمعي مع هذه الآلية.
وأكد أعضاء المجلس أنهم يسعون إلى تحويل الحوار الوطني من مجرد لجان واجتماعات إلى حالة مجتمعية دائمة، ترتكز على مبادئ الأمن القومي والثوابت الوطنية، مع ترك مساحة للاختلاف البناء في القضايا الأخرى. كما شددوا على ضرورة مشاركة الوزراء في اللجان التخصصية للحوار الوطني، لضمان التفاعل المباشر بين الحكومة وأطراف الحوار.
التفاعل مع التحديات الراهنة
ناقش أعضاء مجلس الأمناء دور الحوار الوطني في تعزيز التماسك الداخلي، لمواجهة التحديات الخارجية والإقليمية التي تؤثر على مصر. وأكدوا أهمية دراسة التوصيات غير المنفذة ومناقشتها مع الحكومة، خاصة في ظل القضايا الخلافية التي تحتاج إلى توافق وطني بشأنها.
وأشاد الأعضاء بالمؤتمرات الصحفية الأسبوعية التي يعقدها رئيس الوزراء، مؤكدين أنها تُعد وسيلة فعالة لتعزيز الشفافية والتواصل مع المواطنين. كما رحبوا بمقترح عقد جلسة بين المقرر العام للمحور الاقتصادي ووزراء المجموعة الاقتصادية، لمناقشة تنفيذ توصيات الحوار الوطني في المجال الاقتصادي، وبيان أسباب عدم تنفيذ بعض التوصيات الأخرى.
حقوق الإنسان والإصلاحات السياسية
أشاد أعضاء المجلس بأداء الوفد المصري الذي شارك في اجتماعات جنيف الخاصة بحقوق الإنسان، مشيرين إلى أن الدولة قطعت شوطًا كبيرًا في هذا الملف، لكن الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد من الجهود. كما تطرق الاجتماع إلى مبادرة العفو عن السجناء، باعتبارها إحدى التوصيات المهمة التي خرجت من الحوار الوطني، مؤكدين أن هذه الخطوة تُعزز نهج الدولة في تحسين أوضاع حقوق الإنسان.
مقترحات لتعزيز دور الحوار الوطني
قدم أعضاء مجلس الأمناء عدة مقترحات لتعزيز دور الحوار الوطني، من بينها:
- تأسيس مراكز فكرية في السياسة والفن والموسيقى والأدب والاقتصاد، لدعم الرأي العام في مختلف المجالات.
- توسيع الدور التوعوي للإعلام لتسليط الضوء على الإنجازات التي تحققت، وتوضيح التحديات الاقتصادية للمواطنين بشفافية.
- استغلال التغيرات في المشهد الدولي لإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية بما يخدم المصالح الوطنية.
- إنشاء لجنة استشارية ثقافية تضم وزارات الثقافة، والشباب والرياضة، وغيرها، تحت إشراف رئيس الوزراء، لوضع استراتيجية ثقافية شاملة لمواجهة التحديات الفكرية.
إجراءات اجتماعية واقتصادية مرتقبة
طالب أعضاء مجلس الأمناء بسرعة تطبيق الحزمة الاجتماعية الجديدة قبل شهر رمضان، لدعم الفئات الأكثر احتياجًا. كما أشادوا باللقاءات الدورية التي يعقدها رئيس الوزراء مع ممثلي الحوار الوطني، ومنظمات المجتمع المدني، ورجال الأعمال، مشيرين إلى أهمية استمرار هذا النهج لتعزيز التواصل بين الحكومة والمجتمع.
ختام الاجتماع: خطوات تنفيذية لتفعيل الحوار الوطني
في ختام الاجتماع، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على عدد من الملفات المهمة، من بينها إعادة إعمار غزة ومنع تهجير سكانها، إلى جانب تنفيذ الحزمة الاجتماعية قبل رمضان، مع اتخاذ إجراءات استثنائية خلال الشهر الكريم.
كما وجه مدبولي بإعداد تقرير شامل حول توصيات الحوار الوطني، يتضمن ما تم تنفيذه، وأسباب عدم تنفيذ التوصيات الأخرى، إلى جانب تحديد الأولويات التشريعية والسياسية التي يجب التركيز عليها خلال المرحلة المقبلة.
وأعلن رئيس الوزراء عن عودة التواصل الدائم مع مجلس أمناء الحوار الوطني، بعد فترة من التوقف بسبب إجراءات تشكيل الحكومة، مؤكدًا أن الدولة حريصة على تفعيل هذه الآلية والاستفادة منها في اتخاذ القرارات المستقبلية.